مقابلات

مفوضية اللاجئين الأممية: زلزال أفغانستان خلّف مأساة إنسانية كبرى وندعو لتدخل عاجل

مسؤولة العلاقات الخارجية في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكدت أن الزلزال الذي ضرب شرق أفغانستان كان كارثيا بكل المقاييس- الأناضول
مسؤولة العلاقات الخارجية في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكدت أن الزلزال الذي ضرب شرق أفغانستان كان كارثيا بكل المقاييس- الأناضول
قالت مسؤولة العلاقات الخارجية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رباب بسام، إن "الزلزال الذي ضرب شرق أفغانستان كان كارثيا بكل المقاييس وخلّف مأساة إنسانية كبرى"، مشيرة إلى أن "الوضع الإنساني اليوم يتطلب تدخلا عاجلا ومكثفا؛ فنحن أمام أزمة إنسانية متفاقمة".

وشدّدت، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أن "الوضع الإنساني في المناطق المتضررة جراء الزلزال بالغ الصعوبة، وأن النساء والأطفال كانوا الأكثر تضررا، حيث دُمّرت منازل كثيرة وتعطلت المرافق الصحية المحلية، وأُغلقت طرق الإمداد بفعل الانهيارات الأرضية وانسداد الممرات، ما أدى إلى نقص فوري في المأوى والرعاية الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي والغذاء".

وأوضحت بسام أن "المفوضية تعمل بمسارين متوازيين لمواجهة الأزمة، حيث يركز المسار الأول على تلبية الاحتياجات الطارئة لضحايا الزلزال، بما في ذلك البحث والإنقاذ والرعاية الطبية والمأوى العاجل، بينما يهتم المسار الثاني بدعم العائدين من خلال الاستقبال والفحوص وتوفير الدعم لإعادة الإدماج والمأوى المؤقت"، منوهة إلى أن توسيع التمويل المرن أمر ضروري لضمان خدمة المجموعتين دون تقليص حجم الدعم.

وذكرت أنه "يتم التنسيق بين المفوضية وغيرها من وكالات الأمم المتحدة عبر آليات الطوارئ المشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، من خلال مجموعات قطاعية تشمل المأوى والصحة والحماية واللوجستيات. كما تُجرى تقييمات سريعة مشتركة، ويتم تبادل بيانات الاحتياجات والمخزون، مع وضع آليات واضحة لتوزيع المهام بحيث تكمل كل وكالة دور الأخرى وتُجنّب الازدواجية".

وأكدت أن "هناك حاجة ماسة إلى دعم دولي عاجل لتغطية فجوة التمويل وضمان وصول المساعدات في الوقت المناسب، ونحن نناشد المجتمع الدولي لتقديم دعم عاجل لتفادي المزيد من المآسي، لا سيما أن أفغانستان بلد يواجه أصلا أزمات متعددة ومختلفة، بما في ذلك الجفاف الشديد وعودة ملايين الأفغان من الدول المجاورة".

وارتفع عدد قتلى الزلزال الذي ضرب ولاية كنر المنكوبة، بحلول مساء الثلاثاء، إلى 1411 قتيلا، فيما تجاوز عدد الجرحى ثلاثة آلاف، بحسب ما أعلنت إدارة مواجهة الكوارث في أفغانستان، التي توقعت بدورها ارتفاع الحصيلة مع استمرار عمليات انتشال العالقين تحت الأنقاض، لاسيما مع تواصل الهزات الارتدادية، وبعضها قوي، ما أدى إلى انهيار مبانٍ متضررة إضافية.

وكان الزلزال قد وقع مساء الأحد بقوة 6 درجات على مقياس ريختر، وضرب عددا من ولايات شرق أفغانستان، أبرزها كنر وننغرهار ولغمان ونورستان، وتبعته سلسلة من الهزات الارتدادية منذ ذلك الحين، الأمر الذي فاقم حجم الدمار وزاد من صعوبة عمليات الإنقاذ.

وتسبّب الزلزال في انهيار آلاف المنازل، خاصة في المناطق الجبلية والنائية، حيث ما زالت فرق الإغاثة تواجه تحديات كبيرة في الوصول إلى السكان المتضررين بسبب وعورة التضاريس وانقطاع الطرق.

وتاليا نص المقابلة الخاصة التي أجرتها "عربي21" مع مسؤولة العلاقات الخارجية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين رباب بسام:

كيف تقيّمون تأثير الزلزال المدمر الذي ضرب أفغانستان مؤخرا، وكيف تصفون الوضع الحالي في شرق البلاد؟


الزلزال الذي ضرب شرق أفغانستان كان كارثيا بكل المقاييس، وخلّف مأساة إنسانية كبرى، حيث تشير البيانات المتاحة إلى وقوع آلاف الضحايا بين قتيل وجريح، فيما جُرفت قرى بأكملها وسويت بالأرض. العديد من الأسر المتضررة فقدت منازلها واضطرت للمبيت في الخلاء خوفا من توابع الزلزال، في وقت تتزايد فيه الحاجة العاجلة للمساعدات الطبية والإيوائية والمواد الأساسية.

في الواقع، الوضع الإنساني هناك بالغ الصعوبة، مع وجود احتياجات عاجلة في مجالات الإنقاذ والإسعاف الطبي والمأوى الطارئ. النساء والأطفال كانوا الأكثر تضررا، إذ دُمّرت منازل كثيرة، وتعطلت المرافق الصحية المحلية، كما أُغلقت طرق الإمداد بفعل الانهيارات الأرضية وانسداد الممرات، ما أدى إلى نقص فوري في المأوى والرعاية الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي والغذاء. نحن أمام أزمة إنسانية متفاقمة تتطلب تدخلا عاجلا ومكثفا.

إلى أي مدى فاقم الزلزال الأزمة الإنسانية في المناطق المتضررة؟

هذه الكارثة عمّقت من خطورة الأوضاع القائمة أصلا؛ إذ فقدت آلاف الأسر منازلها ومصادر رزقها في وقت تعاني فيه المنطقة من هشاشة كبيرة. النقص في الخدمات الصحية والبنية التحتية، إلى جانب انقطاع الطرق، جعل الاحتياجات الإنسانية أكثر إلحاحا وتنوعا، خصوصا للفئات الأكثر ضعفا مثل النساء والأطفال وكبار السن، الذين أصبحوا مجددا من بين الفئات الأكثر عرضة للخطر، بالإضافة إلى أن الخدمات الصحية تعاني من إرهاق كبير.

ما أبرز التحديات اللوجستية التي تواجه فرق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الوصول إلى المناطق النائية والقرى التي دمرها الزلزال؟

التحديات اللوجستية هي من أصعب ما نواجهه حاليا؛ فالوصول إلى القرى المتضررة يُشكّل تحديا بالغا بسبب الطبيعة الجغرافية الوعرة وانقطاع العديد من الطرق والجسور بفعل الانهيارات الأرضية، فضلا عن انهيار الجسور الصغيرة التي تربط القرى ببعضها. لذلك تضطر فرق المفوضية أحيانا إلى الاعتماد على وسائل محلية بدائية أو السير على الأقدام لمسافات طويلة لإيصال المساعدات، في ظل محدودية الإمكانات الجوية وعدم توفر المعدات الثقيلة بشكل كافٍ لفتح الطرق أو إزالة الأنقاض بسرعة.

مع انهيار البنية التحتية الأساسية، كيف تتعامل المفوضية مع العقبات التي تعيق عمليات الإنقاذ والإغاثة خاصة في المناطق التي يتعذر الوصول إليها بالمركبات؟

نعتمد على مزيج من الإجراءات، منها نشر فرق ميدانية متنقلة بالتعاون مع شركاء محليين للوصول سيرا على الأقدام، واستخدام المروحيات عند الإمكان في الحالات الأكثر استعجالا، وإنشاء نقاط توزيع قريبة لنقل الإمدادات سيرا أو بوسائل محلية. إضافة إلى ذلك، ننسق بشكل دائم مع فرق الإنقاذ المحلية والدولية لتقديم الإسعافات الأولية ونقل المصابين، مع القيام بتقييم مستمر لتحديد الحاجة لمعدات ثقيلة إضافية أو لإرسال إمدادات جوية عاجلة.

هل الموارد المتوفرة مسبقا في كابول كافية للاستجابة لحجم الكارثة، أم أن الفجوة في التمويل واللوجستيات أكبر بكثير مما هو متاح حاليا؟

المخزونات المتمركزة في العاصمة كابول، والتي تشمل خياما وبطانيات ومصابيح شمسية وعبوات مياه ومواقد غاز ومشمعات بلاستيكية وخياما عائلية، توفر استجابة فورية محدودة، لكنها لا تكفي لتغطية حجم الاحتياجات المتوقع في المناطق المتضررة بشدة. الفجوة في التمويل واللوجستيات كبيرة للأسف، مما يجعل الاستجابة عاجلة أكثر من أي وقت مضى. هناك حاجة ماسة لتعبئة موارد دولية إضافية، وزيادة المخزونات الإقليمية، وتعزيز قدرات النقل لتأمين وصول المساعدات إلى كل القرى النائية والمناطق الأكثر تضررا.

ما الإجراءات الملموسة التي تتخذها المفوضية لضمان حصول النساء والأطفال على الدعم المناسب، خاصة في ظل التحديات الناتجة عن نقص الكوادر الإنسانية من النساء؟

تعمل المفوضية عن كثب مع شركاء محليين ومنظمات نسائية لتوفير مساحات آمنة وخدمات متخصصة للأمومة، بالإضافة إلى مستلزمات الأطفال. يتم إنشاء نقاط توزيع تراعي خصوصية النساء والأطفال، وتحديد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لتوجيه المساعدة إليهم فورا.

كما تعزز المفوضية توظيف ودعم الكوادر النسائية المحلية لتعويض النقص المؤقت بين العاملات الدوليات، ما يضمن تقديم الخدمات بطريقة آمنة وملائمة ثقافيا.

كيف يتم التنسيق عمليا بين المفوضية وغيرها من وكالات الأمم المتحدة لتجنب الازدواجية وضمان توزيع المساعدات بعدالة وفعالية؟

يتم التنسيق عبر آليات الطوارئ المشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، من خلال مجموعات قطاعية تشمل المأوى والصحة والحماية واللوجستيات. كما تُجرى تقييمات سريعة مشتركة، ويتم تبادل بيانات الاحتياجات والمخزون، مع وضع آليات واضحة لتوزيع المهام بحيث تكمل كل وكالة دور الأخرى وتُجنَّب الازدواجية.

وأيضا نحن نعمل مع شركاء محليين ودوليين لضمان تحديد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتلقيهم الدعم اللازم، بما في ذلك الأشخاص من ذوي الإعاقة وكبار السن والأسر التي تعولها نساء أو أطفال، لضمان وصول المساعدات بشكل عادل وفعّال إلى الفئات الأكثر ضعفا وهشاشة.

في ظل تزامن الكارثة مع عودة مئات الآلاف من اللاجئين من الدول المجاورة، كيف توازنون بين تلبية احتياجات ضحايا الزلزال ودعم العائدين في الوقت نفسه؟

الموازنة هنا دقيقة جدا، ونحن نتعامل معها على أساس مسارين متوازيين. المسار الأول يركز على تلبية الاحتياجات الطارئة والملحة لضحايا الزلزال، بما في ذلك عمليات البحث والإنقاذ وتقديم الرعاية الطبية والمأوى العاجل، وهو أمر لا يحتمل التأجيل. أما المسار الثاني، فيعتمد على إبقاء قنوات منفصلة وممولة لدعم العائدين من خلال الاستقبال، والفحوص الطبية، وتوفير الدعم لإعادة الإدماج والمأوى المؤقت، ومساعدتهم على الاندماج من جديد في مجتمعاتهم.

توسيع نطاق التمويل المرن أمر ضروري لتمكيننا من خدمة المجموعتين معا دون تقليص حجم الدعم المخصص لأي منهما. لضمان استمرارية هذين المسارين دون أن يطغى أحدهما على الآخر، نحن بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي ومرن يتيح لنا التحرك بسرعة وتغطية جميع الاحتياجات في وقت واحد.

المفوضية ملتزمة بهذا التوازن، لكن نجاحه يعتمد إلى حد كبير على الدعم الدولي وسرعة الاستجابة، ونحن نناشد العالم لتقديم دعم عاجل لتفادي المزيد من المآسي، لا سيما أن أفغانستان بلد يواجه أصلا أزمات متعددة ومختلفة، بما في ذلك الجفاف الشديد وعودة ملايين الأفغان من الدول المجاورة.

ما خطة الطوارئ التي تعتمدها المفوضية لمواجهة الارتفاع المحتمل في أعداد الضحايا، خاصة مع المخاوف من وجود كثيرين ما زالوا عالقين تحت الأنقاض؟

تشمل الخطة دعم وتعزيز جهود البحث والإنقاذ بالتنسيق مع فرق محلية ودولية، ونشر فرق طبية متنقلة ونقاط إسعاف ميدانية، وتزويد المستشفيات بالإمدادات الضرورية. كذلك يتم تكثيف الاستطلاع الميداني لتحديد أماكن المحاصرين، وإرسال شحنات طارئة إضافية ومخزونات مأوى عبر شركاء لوجستيين قادرين على التحرك بسرعة لتلبية الاحتياجات العاجلة.

ما حجم الدعم الدولي المطلوب بشكل عاجل لسد فجوة التمويل وضمان إيصال المساعدات في الوقت المناسب إلى الشعب الأفغاني؟

هناك حاجة ماسة إلى تمويل طارئ كبير لتغطية احتياجات المأوى، والصحة الطارئة، والمياه والصرف الصحي، وخدمات الحماية، واللوجستيات ومعدات إزالة الأنقاض. كما يشمل ذلك دعم النقل الجوي بالمروحيات، وإرسال فرق طبية وإنسانية إضافية. الدعم المالي واللوجستي الدولي الفوري ضروري جدا لتفادي تدهور أكبر في الوضع الإنساني وضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفا في الوقت المناسب.

من منظور المفوضية، ما الدروس المستفادة من هذه الكارثة، وكيف يمكن تعزيز الجاهزية لمواجهة الكوارث الطبيعية مستقبلا في بلد يواجه أزمات إنسانية متداخلة؟

من بين الدروس الرئيسية المستخلصة ضرورة توسيع ونشر المخزونات الطارئة الإقليمية، وبناء قدرات محلية للإنقاذ والطوارئ مجهزة ومدرّبة بشكل كافٍ، وتعزيز البنية التحتية لتكون أكثر مقاومة حيث أمكن. كما يظهر بوضوح أهمية تأمين تمويل مرن وطويل الأمد يتيح الاستجابة المتزامنة لأزمات متعددة.

وتبرز كذلك أهمية تقوية الشراكات مع المجتمع المدني والقطاع الخاص، وتطوير نظم الإنذار المبكر وخطط الإخلاء على مستوى المجتمعات المحلية لضمان سرعة الاستجابة وتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات.

التعليقات (0)

خبر عاجل