صحافة دولية

الغارديان: مريم أبو دقة ترحل شهيدة الحقيقة وسط صمت العالم

أورد التقرير: "تركت لنا مريم تعليمات بألا نبكي عليها عند وداعها.."- جيتي
أورد التقرير: "تركت لنا مريم تعليمات بألا نبكي عليها عند وداعها.."- جيتي
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، تقريرا، أعدته ملك الطنطش وويليام كريستو عن الصحافية الفلسطينية مريم أبو دقة،  التي استشهدت الإثنين الماضي، في غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر في خان يونس، إلى جانب عدد آخر من الصحافيين والمسعفين والمدنيين.

وبحسب التقرير، فإنّ أبو دقة ( 33 عامًا) قد تركت وراءها وصيتين: لزملائها، ألا يبكوا في جنازتها، ولابنها غيث، البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما، بأن يجعلها فخورة؛ وذلك على غرار الصحافيين العاملين في غزة، ممّن اعتادوا على ترك وصيّتهم. 

"رغم تعليماتها، لم يستطع زملاء أبو دقة إلا البكاء على جثمانها، فقد قُتلت على يد إسرائيل، إلى جانب أربعة صحافيين آخرين، أثناء توجههم للاطمئنان على زميلهم الذي أصيب بقصف إسرائيلي في مستشفى ناصر، حيث كانت تغطي العديد من التقارير طوال الحرب في غزة" وفقا للتقرير نفسه.

ونقلا عن سماهر فرحان، وهي صحافية مستقلة تبلغ من العمر 21 عامًا، وصديقة مقربة لأبو دقة، أورد التقرير: "تركت لنا مريم تعليمات بألا نبكي عليها عند وداعها، أرادت منا أن نقضي وقتًا مع جثمانها، وأن نتحدث معها، وأن نشبع منها قبل رحيلها".

وأضاف: "كانت المصورة الصحافية شخصية ملهمة لفرحان والعديد من الصحافيين الآخرين في غزة الذين أعجبوا بتقاريرها المتواصلة، على الرغم من الخسائر الشخصية العميقة التي تكبدتها طوال الحرب. وبدأ صعودها إلى الشهرة كإعلامية بمأساة. فقد صورت مقتل متظاهر أُصيب برصاصة خلال مسيرة العودة الكبرى عام 2018 في غزة، حيث أطلقت القوات الإسرائيلية النار على المتظاهرين الذين كانوا يسيرون باتجاه السياج الحدودي لقطاع غزة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصًا وإصابة أكثر من 9,200 آخرين. واكتشفت لاحقًا أن المتظاهر كان شقيقها".

إلى ذلك، واصلت أبو دقة عملها كصحافية، خلال الحرب في غزة على مدار الـ22 شهرًا الماضية، حيث عملت كصحافية مستقلة مع وكالة "أسوشيتد برس" وصحيفة "إندبندنت عربية" التي قالت إنّ: "أبو دقة كانت مثالًا للتكريس والالتزام المهني، وأثنت عليها حيث حملت كاميرتها إلى قلب الميدان ونقلت معاناة المدنيين وأصوات الضحايا بنزاهة وشجاعة نادرة".

وأورد التقرير نفسه: "أظهرت صورتها للطفل جمال النجار، البالغ من العمر 5 أعوام، والذي توفي بسبب سوء التغذية قبل أسابيع قليلة، حنانها، وجسده الصغير ملفوف في كفن وموضوع برفق على الطوب حتى لا يلامس الأرض".

اظهار أخبار متعلقة


وتابع: "اشتهرت مريم بين زملائها بلطفها وتفانيها. وقالت فرحان: كانت مريم طيبة ورقيقة ومتحمسة للغاية لعملها. فقدت والدتها وأقرب زميل لها، أبو أنس، ومع ذلك لم تتوقف عن تغطية الحرب، ولو ليوم واحد".

وأضاف: "كما وُصفت بأنها تتمتع بسمعة طيبة في تقديم التقارير من بعض أخطر مناطق غزة. وكانت تدرك، كغيرها من العاملين في الصحافة بالأراضي الفلسطينية، خطورة المهنة. وتُعتبر حرب غزة الفترة الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحافيين، حيث قُتل أكثر من 192 صحافيا فلسطينيا، منذ أن بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023".

واسترسل: "لم ترَ أبو دقة ابنها منذ عام ونصف، بعد إجلائه إلى الإمارات العربية المتحدة مع والده. وقالت فرحان: كانت تتوق لرؤية ابنها واحتضانه مرة أخرى. توفيت مريم ولم يتحقق هذا الحلم، أن تحتضن طفلها مرة أخرى".

"للابن غيث، تركت أبو دقة وراءها أمنياتها بأن يكبر دائمًا ليحقق أحلامه: أريدك أن تجعلني فخورة بك، وتصبح ناجحًا ومتفوقًا وتثبت نفسك وتصبح رجل أعمال عظيمًا يا عزيزي، وعندما تكبر وتتزوج وتنجب ابنة، سمِّها مريم تيمّنًا بي. أنت حبي وقلبي وسندي وروحي وابني الذي أفتخر به" وفقا للتقرير ذاته.

وأورد: "يُعتبر مقتل أبو دقة والصحافيين في الغارتين الإسرائيليتين على المستشفى جريمة حرب، فيما يرى بيتر بيومنت في صحيفة "الغارديان" أنّ: الغارة الإسرائيلية المزدوجة على مستشفى ناصر في غزة، والتي أودت بحياة خمسة صحافيين، من بينهم موظفون في وكالات "أسوشيتد برس" و"رويترز" و"إن بي سي" و"الجزيرة"، تمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي".

إلى ذلك أكّد التقرير: "استهدف الهجوم مبنى مدنيًا، وتحديدًا مستشفى، في غارة مزدوجة متهورة أودت بحياة مدنيين، من بينهم عمال إنقاذ وصحافيون، وهي جميع الفئات التي ينبغي حمايتها بموجب القانون الدولي".

ولفت أنّ: "المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، رافينا شامداساني، ربطت بين الأمرين صراحة، إذ قالت في بيان: إن مقتل الصحافيين في غزة يجب أن يصدم العالم لا أن يلتزم بالصمت، بل أن يدفعه إلى العمل، مطالبًا بالمساءلة والعدالة. الصحافيون ليسوا هدفًا. والمستشفيات ليست هدفًا أيضًا".

اظهار أخبار متعلقة


من جهته، يقول بيومنت إنه وثّق جيدًا كيف استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي المستشفيات والطواقم الطبية، الذين قُتلوا وجُرحوا واختُطفوا في مناسبات متعددة. لكن الضربة المزدوجة المتهورة، حيث يهاجم موقعًا للمرة الثانية أثناء وصول عمال الإنقاذ وغيرهم من المدنيين، كما يقول النقاد، أصبحت تكتيكًا شائعًا بشكل متزايد".

وأورد: "أفاد تحقيق مشترك أجرته مجلة +972 العبرية وموقع "لوكال كول"، في تموز/ يوليو، أن الجيش ينفذ الآن هجمات إضافية بشكل روتيني في منطقة القصف الأولي، ما يؤدي أحيانًا إلى قتل المسعفين وغيرهم من المشاركين في جهود الإنقاذ عمدًا".

"كما ذكرت لجنة حماية الصحافيين، في بيان لها، عقب اغتيال الشريف على يد إسرائيل: قدم الجيش الإسرائيلي ادعاءات لا أساس لها من الصحة بأن العديد من الصحافيين الذين قتلهم عمدًا في غزة كانوا إرهابيين، بمن فيهم أربعة من موظفي “الجزيرة”، وهم حمزة الدحدوح وإسماعيل الغول ورامي الرفاعي، وحسام شبات. وتصنف لجنة حماية الصحافيين هذه الحالات على أنها جرائم" وفقا للتقرير نفسه.
التعليقات (0)

خبر عاجل