لا زال الوضع في
غزة، يتراوح بين الاتجاهين
الأساسيين، اتجاه نتنياهو، وسموترتش وبن غفير، ضمن استراتيجية الحرب البريّة، وحرب
الإبادة والتجويع، لتحقيق هدف القضاء على
المقاومة المسلحة، بقيادة حماس من جهة،
واتجاه المقاومة التي أنزلت ضربة قاسية جداً، في عملية طوفان الأقصى، في الجيش
الصهيوني عسكرياً، وفي نتنياهو سياسياً، وواصلت حرباً بريّة، بنجاح طوال ما يزيد
على 22 شهراً، كما تحمّل الشعب حرب إبادة وتجويع، لا مثيل لقسوتها ووحشيتها، طوال
المدّة نفسها، من الجهة الثانية.
وما زالت النتيجة العامة، لهذا الصراع
العسكري السياسي، الوجودي العالمي، محافِظة على فشل الجيش الصهيوني، من تحقيق هدف
القضاء على المقاومة، أو السيطرة الأمنية المباشرة، على قطاع غزة. الأمر الذي
يعتبر نصراً عسكرياً وسياسياً، للمقاومة والشعب، والقضية
الفلسطينية.
إلى متى يستطيع نتنياهو أن يستمر بالفشل؟ وإلى متى يستطيع ترامب، أن يستمر بالفشل، هو الآخر، الفشل الناجم، عن تغطية فشل نتنياهو.
ولكن يجب أن يُضاف إلى
هذا البُعد، المكانة التي ارتفعت إليها المقاومة، والصمود الشعبي، في نظر العالم،
من حيث الإنجازات العسكرية في المعارك الصفرية، أو في انعكاس، ما أدّت إليه حرب
الإبادة والتجويع، من تعاطف عالمي مع الشعب الفلسطيني، ومن إدانة واسعة جداً للكيان
الصهيوني، باعتباره كياناً مارقاً، منتهكاً للقانون الدولي، وقوانين الحرب،
والأعراف الإنسانية.
مما لا يقدّر بثمن، من
ناحية إضراره، بسمعة الكيان الصهيوني، وما سيكون له، من أثر استراتيجي سلبي، في
إفقاده شرعية الوجود ككيان، في فلسطين مستقبلاً.
كل هذا يجب اعتباره،
انتصاراً سياسياً وأخلاقياً، وقانوناً دولياً، للمقاومة والشعب الفلسطيني.
طبعاً كثيرون، ربما
يضعون كل ذلك في كفة ميزان، مقابل ما تعرض له الشعب الفلسطيني في غزة، من شهداء
وجرحى، ودمار وكوارث إنسانية كبرى، لا تتحمّل العين رؤيتها، ولا يتحمّل القلب، ما
تولدّه من حزن وألم. الأمر الذي يولّد شعوراً بالهزيمة، أو تقليلاً جداً، من أهمية
الفشل الصهيوني العسكري في القضاء على المقاومة، أو الفشل حتى اليوم، من تحقيق ما
يعدّه نتنياهو، من هجوم لاحتلال كل مدينة غزة.
إذا كان من الممكن أن
يقدّر الإنسان، أو يتفهّم، ترجيح ما لحق من تضحيات، على ما سجّل من هزائم
لنتنياهو، أو انتصارات للمقاومة، إلاّ أن هذا التقدير والتفهّم، يجب ألاّ يرجّح في
المقارنة، بين كفتيّ الميزان.
وهنا يلجأ البعض، إلى
الاحتجاج بالقول. ولكن إلى متى يمكن للمقاومة، أن تستمر أكثر، وقد قاربنا من
السنتين؟ وهذا الاحتجاج، تكرّر هو نفسه، بعد الشهرين الأوليين. أي إلى متى تستطيع
المقاومة أن تستمر؟ وهنا يجب أن نجد الجواب، حاضراً بعد أن استمرت المقاومة كل هذه
المدّة، مما يفرض أن يطرح السؤال، المقابِل. ولكن إلى متى يستطيع نتنياهو أن يستمر
بالفشل؟ وإلى متى يستطيع ترامب، أن يستمر بالفشل، هو الآخر، الفشل الناجم، عن
تغطية فشل نتنياهو.