قضايا وآراء

التكريم الفني بين المنح والمن..!

هشام عبد الحميد
الثابت أن محيي إسماعيل ـ برغم كل الجدل ـ سيظل موجوداً ومؤثراً في وجدان الجماهير، مهما حاول البعض النيل من مكانته، ومهما طال الزمن.
الثابت أن محيي إسماعيل ـ برغم كل الجدل ـ سيظل موجوداً ومؤثراً في وجدان الجماهير، مهما حاول البعض النيل من مكانته، ومهما طال الزمن.
أثار اعتراض الفنان محيي إسماعيل ـ الذي وصل حدّ الرفض ـ على التكريم الذي حصل عليه من المهرجان القومي للمسرح، جدلاً واسعاً وردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض. إذ اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، كما انشغلت وسائل الإعلام بمناقشة تصريحاته وموقفه.

وكان إسماعيل قد عبّر عن استيائه من طريقة تكريمه، مؤكداً أن "التكريم الحقيقي يُترجم إلى قيمة فعلية، لا أن يكون مجرد ورقة أو درع يقدَّم للفنان". هذا التصريح أثار انتقادات واسعة، إذ اعتبره البعض تقليلاً من قيمة التكريم المعنوي، فيما رأى آخرون أن من حق الفنان أن يقابل تقديره بتكريم يحفظ كرامته الفنية ويترجم عطاءه إلى فعل ملموس.

وبعد انحسار هذه الزوبعة، يبقى السؤال المشروع: هل التكريم منحةً رمزية للفنان تقتصر على التصفيق والكلمات الإنشائية، أم أنه تقدير حقيقي يليق بعطاء الفنان وإبداعه الطويل، ويعكس احترام المجتمع لفنه وإنسانيته؟

لقد قُوبل اعتراض محيي إسماعيل بحملة قاسية، وصلت إلى حد الهجوم الشخصي والتقليل من تاريخه الفني، وكأن مجرد الاعتراض على "منطق التكريم" يُعد جريمة كبرى تستوجب العقاب والوصم. وهكذا تحولت الابتسامات وعبارات المديح إلى انتقادات جارحة، بل وصلت إلى التلميح بأن عليه أن يقبل ما يُمنح له بصمت، وإلا وُضع في خانة "ناكر الجميل".

لكن الحقيقة أن محيي إسماعيل لم يكن يوماً فناناً عابراً. فهو صاحب أدوار خالدة في تاريخ السينما والمسرح المصري؛ من "الأخوة الأعداء" الذي حاز عنه جائزة التمثيل من مهرجان طشقند الدولي، إلى "بئر الحرمان" أمام سعاد حسني، مروراً بـ "خلي بالك من زوزو" الذي ترك فيه بصمته الخاصة بجملته الشهيرة: جمعاء.. جمعاء.

كما يمتد مشواره الفني إلى أعمال مسرحية بارزة، منها تجسيده شخصية نابليون في المسرحية الاستعراضية القاهرة في ألف عام في ستينيات القرن الماضي، وصولاً إلى عشرات الأدوار في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، وما زال يمتلك الكثير ليقدمه.

لذلك، فإن تقزيم هذه المسيرة أو اختزالها بعبارة سطحية مثل: "احمد ربنا إنهم لسه فاكرينك"، لا يعد سوى إساءة لتاريخ فني طويل لا يمكن شطبه أو نسيانه.

ويبقى الثابت أن محيي إسماعيل ـ برغم كل الجدل ـ سيظل موجوداً ومؤثراً في وجدان الجماهير، مهما حاول البعض النيل من مكانته، ومهما طال الزمن.
التعليقات (0)