مقابلات

وزير فلسطيني لـ"عربي21": تنفيذ مخطط E1 سيؤدي إلى انفجار واسع في الضفة الغربية

الوزير مؤيد شعبان أكد أن مخطط E1 بمثابة "الرصاصة الأخيرة في قلب حل الدولتين"- عربي21
الوزير مؤيد شعبان أكد أن مخطط E1 بمثابة "الرصاصة الأخيرة في قلب حل الدولتين"- عربي21
أكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، الوزير مؤيد شعبان، أن "البدء الفعلي في تنفيذ مخطط الاستعمار الإسرائيلي المعروف بـ (E1) سيؤدي إلى انفجار وتصعيد ميداني واسع في الضفة الغربية والقدس"، مضيفا: "هذا ليس مجرد توقع أو تخمين، بل هو نتيجة طبيعية ومنطقية لسياسات الاحتلال التي تدفع الشعب الفلسطيني إلى حالة من اليأس والإحباط".

وقال، في مقابلة خاصة ومطوّلة مع "عربي21": "عندما يرى الفلسطينيون أن الاحتلال يواصل سياسته الاستعمارية التي تهدف إلى القضاء على أي أمل في إقامة دولتهم، وأن كل الجهود السلمية والسياسية لم تفضِ إلى شيء، فإنهم سيفقدون الثقة في أي حل سياسي، وهذا سيؤدي إلى تصعيد المقاومة الشعبية".

وشدّد الوزير شعبان على أن "مخطط (E1) تطور بالغ الخطورة، ولا يمكن النظر إليه كجزء من عملية استيطانية عادية، بل هو بمثابة الرصاصة الأخيرة في قلب حل الدولتين. هذا المخطط يضرب في الصميم أمل الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، ويحمل دلالات خطيرة للغاية على مستقبل الدولة الفلسطينية؛ فهو مشروع استراتيجي خطير يهدف إلى تدمير أي أمل في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967".

وكان وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، والذي يشغل أيضا منصبا بوزارة الدفاع يشرف على الاستيطان، أعلن قبل أيام الموافقة على بناء 3401 وحدة استيطانية قرب مستوطنة معاليه أدوميم، و3515 وحدة في المنطقة المجاورة.

وقال سموتريتش إن "الخطة تربط معاليه أدوميم بمدينة القدس، وتقطع التواصل العربي بين (محافظتي) رام الله وبيت لحم".

وفيما يلي النص الكامل لمقابلة "عربي21" مع الوزير مؤيد شعبان:

كيف تقيّمون مصادقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على خطة (E1) الرامية لبناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية؟


تأتي مصادقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على مخطط "E1" في إطار اعتبارها جريمة حرب جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بانتهاكات القانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية. هذا القرار الاستعماري ليس مجرد توسعة اعتيادية للمستوطنات القائمة، بل هو مشروع استراتيجي خطير يهدف إلى تدمير أي أمل في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967.

ما هي أبرز ملامح المخطط الاستيطاني (E1) الذي تمت المصادقة عليه؟

مخطط "E1"، الذي يرمز إلى "المنطقة الشرقية 1"، هو مشروع استعماري ضخم يهدف إلى بناء آلاف الوحدات السكنية الاستعمارية ومناطق صناعية وتجارية على مساحة تقدر بحوالي 12 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية. يقع هذا المخطط تحديدا في المنطقة الواقعة بين القدس المحتلة ومستوطنة "معاليه أدوميم".

الهدف الأساسي من هذا المشروع هو ربط هذه المستوطنة الضخمة بالقدس، وبالتالي إقامة تجمع استعماري عملاق يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها. هذا الفصل الجغرافي سيخلق واقعا جديدا على الأرض، يمنع التواصل بين القرى والمدن الفلسطينية ويعزل القدس عن محيطها الفلسطيني، مما يجعل من إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وتواصل جغرافي أمرا مستحيلا.

كيف سيؤثر هذا المشروع على التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها؟

يُعتبر الأثر الجغرافي لمخطط "E1" هو الأخطر على الإطلاق؛ فبمجرد تنفيذه، سيتم تقسيم الضفة الغربية فعليا إلى قسمين منفصلين، شمالي وجنوبي. هذا الانقسام لن يقتصر على مجرد خط فاصل، بل سيتحول إلى جدار استيطاني وديموغرافي يقطع أوصال الدولة الفلسطينية المستقبلية.

من الناحية الديموغرافية، فإن استقدام آلاف المستعمرين الجدد إلى هذه المنطقة الحساسة سيغير التركيبة السكانية بشكل جذري، ويفرض وجودا إسرائيليا استعماريا كثيفا في قلب الأراضي الفلسطينية، مما يعزز من سيطرة الاحتلال ويضعف الوجود الفلسطيني.

ما خطورة ربط مدينة القدس بمستوطنة "معاليه أدوميم" عبر هذا المشروع؟

يهدد هذا المخطط بشكل مباشر التجمعات الفلسطينية في المنطقة، وخاصة التجمعات البدوية والرعوية التي تعيش هناك منذ عشرات السنين؛ فمن خلال بناء البؤر الاستعمارية، التي تعتبر أداة من أدوات الاحتلال للسيطرة على الأراضي، يتم التضييق على المواطنين الفلسطينيين من خلال هجمات المستعمرين، ومصادرة الأراضي، ومنعهم من الوصول إلى مصادر المياه والمراعي. هذا التضييق الممنهج يهدف إلى دفع هذه التجمعات إلى الرحيل قسرا، في شكل من أشكال التهجير الصامت الذي يمارسه الاحتلال بشكل ممنهج ومتعمد.

ما الأبعاد الديموغرافية لهذا المخطط في ظل استقدام مهاجرين جدد إلى المنطقة؟

الأبعاد الديموغرافية لمخطط "E1" لا تقل خطورة عن أبعاده الجغرافية، بل إنها جوهرية في استراتيجية الاحتلال للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وتغيير واقعها بشكل دائم. يمكن تلخيص هذه الأبعاد فيما يلي:

يهدف مخطط "E1" إلى بناء آلاف الوحدات السكنية. هذه الوحدات لن تبقى فارغة، بل سيتم شغلها بمهاجرين جدد من اليهود الذين تستقدمهم دولة الاحتلال من مختلف أنحاء العالم. هذا الاستقدام المكثف للمهاجرين يهدف إلى زيادة عدد المستعمرين بشكل كبير في منطقة حساسة واستراتيجية للغاية، مما يغير من التركيبة السكانية ويخلق أغلبية استعمارية في هذه المنطقة.

بمجرد اكتمال المخطط، سيصبح الشريط الاستيطاني الممتد من "معاليه أدوميم" إلى القدس بمثابة "جدار ديموغرافي" يقطع التواصل بين أحياء القدس الشرقية والضفة الغربية. هذا العزل ليس جغرافيا فقط، بل هو ديموغرافي أيضا، حيث سيتم إحاطة القدس بتجمعات استيطانية ضخمة، مما يجعل من المستحيل على الفلسطينيين في الضفة الغربية الوصول إلى مدينتهم المقدسة.

يقع مخطط "E1" بالقرب من العديد من التجمعات الفلسطينية البدوية والرعوية، مثل تجمع الخان الأحمر. إن تكثيف الوجود الاستيطاني في هذه المنطقة سيؤدي إلى محاصرة هذه التجمعات من جميع الجهات. هذا الحصار الديموغرافي سيجعل الحياة صعبة على السكان الفلسطينيين، ويمنع أي توسع طبيعي لتلك التجمعات، ويحد من قدرتهم على الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومصادر المياه.

إن الهدف النهائي من هذا التغيير الديموغرافي هو دفع السكان الفلسطينيين إلى الرحيل؛ فمن خلال التضييق عليهم، ومضايقتهم من قبل المستعمرين، ومنعهم من بناء منازل أو حتى تطوير مجتمعاتهم، يصبح الخيار الوحيد أمامهم هو ترك أراضيهم والبحث عن مكان آخر للعيش. هذا التهجير الصامت والممنهج يهدف إلى تفريغ المنطقة من سكانها الأصليين لإحلال المستعمرين مكانهم.

هل يمكن أن يؤدي هذا المشروع إلى تهجير فعلي للتجمعات الفلسطينية في شرقي القدس؟ وما دور البؤر الرعوية والبؤر الاستيطانية في التضييق على الفلسطينيين ودفعهم للرحيل؟

بالتأكيد، لا يكمن الهدف الأساس لمخطط "E1" فقط إلى بناء وحدات سكنية، بل هو مشروع استراتيجي يهدف إلى تهجير فعلي وممنهج للتجمعات الفلسطينية في شرقي القدس، وخاصة التجمعات البدوية والرعوية. هذا التهجير لا يأتي من خلال قرار مباشر بالإخلاء القسري، بل من خلال سياسات تضييق ممنهجة تجعل الحياة مستحيلة على هذه التجمعات.

والاحتلال يدرك أن الإخلاء القسري المباشر يواجه إدانة دولية واسعة. لذلك، يلجأ إلى استراتيجية "التهجير الصامت" أو "التهجير الزاحف"، وهي سياسة تهدف إلى دفع الفلسطينيين للرحيل "طوعا" من خلال مجموعة من الإجراءات القسرية.

برأيكم، هل كان الموقف الأمريكي مشجعا أو متواطئا في تمرير هذا المخطط؟ وكيف تفسرون التناقض بين الإدانة الدولية الواسعة وبين مباركة الولايات المتحدة للمخطط؟

لا يمكن وصف الموقف الأمريكي بأنه مجرد "مشجع" على تمرير مخطط "E1"، بل هو تواطؤ كامل وممنهج مع سياسات الاحتلال الإسرائيلي. هذا التواطؤ ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من سياسة أمريكية ثابتة تعود لعقود، تقوم على حماية إسرائيل في المحافل الدولية وتوفير الغطاء السياسي لجرائمها.

ولطالما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع أي قرار يدين الاستعمار الإسرائيلي. هذا الموقف لا يقتصر على مجرد الامتناع عن الإدانة، بل هو حماية دبلوماسية تمنح الاحتلال شعورا بالحصانة من أي عقوبات دولية.

يضاف إلى ذلك، الدعم المالي والعسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل بشكل سنوي يبلغ مليارات الدولارات، وهذا الدعم يعزز من قدرة الاحتلال على الاستمرار في سياساته. ومما يضيف طبقة جديدة من طبقات التواطؤ هو تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين الخجولة التي "تدين" الاستعمار، إلا أن هذه التصريحات لا تتبعها أي خطوات عملية، بل على العكس، فإنها تترافق مع مواقف سياسية تدعم إسرائيل، مما يجعل هذه الإدانات مجرد "ذر للرماد في العيون".

ما هي رسالتكم للدول التي من المقرر أن تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال الشهر المقبل؟

رسالتنا إلى الدول التي من المقرر أن تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال الشهر المقبل هي رسالة شكر وتقدير، لكنها أيضا رسالة تذكير بأهمية ترجمة هذا الموقف السياسي إلى خطوات عملية ومؤثرة على الأرض.

إن الاعتراف بدولة فلسطين يُعد خطوة إيجابية ومهمة، لكنه لا يجب أن يظل مجرد إجراء رمزي؛ فهو في جوهره اعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967.

هذه الخطوة تعزز مكانة فلسطين على الساحة الدولية، وتزيد من الضغط على الاحتلال، غير أنها يجب أن تكون بداية لعمل دبلوماسي وجماعي أوسع يقوم على فرض عقوبات على المستوطنات ومنتجاتها. وعلى هذه الدول أن تحظر استيراد منتجات المستوطنات، لأنها جزء من نظام استعماري غير قانوني ينهب الأراضي الفلسطينية.

كما يجب وقف التعامل مع الشركات الداعمة للاستيطان؛ إذ يتعيّن على هذه الدول إنهاء كل أشكال التعاون مع الشركات التي تساهم في بناء المستوطنات أو تقدم لها خدمات.

وندعو أيضا إلى وقف التبادل العسكري مع إسرائيل، فهذه الأسلحة تُستخدم في قمع الشعب الفلسطيني وارتكاب الجرائم بحقه.

إلى جانب ذلك، نؤكد أهمية دعم جهود المحاسبة الدولية، حيث ينبغي على هذه الدول مساندة تحركاتنا في المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المحافل الدولية، من أجل محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك جريمة الاستيطان.

ما الخطوات العملية الأخرى التي تطالبون بها لمواجهة هذا المشروع الإسرائيلي على المستوى السياسي والاقتصادي؟

إن مواجهة مخطط "E1" لا تقتصر على الإدانات السياسية فحسب، بل تتطلب خطوات عملية وملموسة على المستويات السياسية والاقتصادية.

من موقعنا في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فعلى المستوى السياسي: يجب ان يكون هناك حشد للدعم الدولي نطالب الدول الصديقة والشقيقة بضرورة ممارسة ضغط سياسي مباشر على حكومة الاحتلال لوقف هذا المخطط فورا. يجب أن تتحول الإدانات اللفظية إلى مواقف دبلوماسية قوية، تشمل استدعاء السفراء وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية.

يضاف إلى ذلك، التحرك المكثف في المحافل الدولية: يجب علينا تكثيف جهودنا في المحاكم الدولية، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية، لتقديم ملفات قانونية متكاملة تدين مخطط "E1" باعتباره جريمة حرب تهدف إلى تهجير السكان وتدمير حل الدولتين، وكذلك مطالبة الأمم المتحدة بضرورة تفعيل قراراتها المتعلقة بالاستعمار، وفرض عقوبات على الاحتلال لعدم امتثاله للقانون الدولي، والمطالبة بالتأكيد بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وخاصة في المناطق المهددة بالتهجير مثل "E1" والخان الأحمر. هذه الحماية يمكن أن تأخذ شكل وجود مراقبين دوليين في المنطقة.

كذلك نطالب بضرورة إنهاء الحصار على غزة؛ إذ لا يمكن فصل مخطط "E1" عن العدوان المستمر على شعبنا. نؤكد أن مواجهة الاستيطان تتطلب أيضا إنهاء الحصار على قطاع غزة، ووقف العدوان الشامل على شعبنا في كل مكان. على المستوى الاقتصادي: مقاطعة المنتجات من خلال دعوة جميع الشعوب والمنظمات إلى تفعيل حركة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وخاصة المنتجات التي تأتي من المستوطنات. هذه المقاطعة تفرض ثمنا اقتصاديا مباشرا على الاحتلال، وتجبره على إعادة النظر في سياساته، وسحب الاستثمارات من الشركات الداعمة للاحتلال والتي تساهم في بناء المستوطنات أو تدعم الاحتلال. هذا الضغط الاقتصادي يمكن أن يكون فعّالا جدا في إيصال رسالة واضحة بأن العالم لن يتقبل الاستعمار.

كيف تقيّمون واقع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية اليوم مقارنة بالسنوات الماضية، وما أبرز ملامح التوسع الاستعماري الحالي؟

إن واقع الاستيطان الاستعماري في الضفة الغربية اليوم يُمثل مرحلة جديدة وأكثر خطورة مقارنة بالسنوات الماضية. لم يعد الأمر يقتصر على مجرد التوسع الطبيعي للمستوطنات القائمة، بل أصبح استراتيجية ممنهجة وخطيرة تهدف إلى السيطرة الكاملة على الأرض وتهويدها بشكل كامل.

في السابق، كانت الحكومات الإسرائيلية، حتى أكثرها تطرفا، توازن بين التوسع الاستعماري والضغوط الدولية. كانت هناك بعض "الخطوط الحمراء" التي يتم تجنب تجاوزها، وكانت هناك إدانات دولية تؤدي إلى بعض التباطؤ في المشاريع الاستعمارية الكبرى، ولكن اليوم، تغيرت هذه المعادلة تماما.

أبرز ملامح التوسع الاستعماري الحالي تتمثل في التالي:

الاستيطان كسياسة حكومية معلنة: في ظل الحكومة الحالية، أصبح الاستيطان الاستعماري جزءا من البرنامج السياسي للحكومة، وليس مجرد عمل تقوم به مجموعات من المستعمرين. هناك دعم حكومي غير مسبوق للمستوطنات، يشمل تخصيص ميزانيات ضخمة، وتسريع الإجراءات البيروقراطية، وإلغاء القيود على البناء.

التركيز على المشاريع الكبرى: لم يعد التوسع الاستعماري يقتصر على بناء بضع وحدات سكنية هنا وهناك، بل أصبح يركز على المشاريع الاستراتيجية الكبرى، مثل مخطط "E1" الذي يهدف إلى قطع أوصال الضفة الغربية، ومخططات أخرى لربط المستوطنات الكبرى ببعضها البعض وبالقدس المحتلة.

شرعنة البؤر الاستعمارية: تعمل الحكومة الإسرائيلية على شرعنة البؤر الاستعمارية التي كانت تعتبر غير قانونية حتى في نظر القانون الإسرائيلي نفسه، وهذا يعني أن كل بؤرة استعمارية يتم إقامتها يمكن أن تتحول في أي لحظة إلى مستوطنة رسمية، مما يضاعف من خطر الاستيطان.

تصاعد إرهاب المستعمرين إلى مستويات غير مسبوقة برعاية تامة من الحكومة. هذا الإرهاب ليس عشوائيا، بل هو أداة ممنهجة لطرد الفلسطينيين من أراضيهم، خاصة في المناطق الرعوية والزراعية، وخلق بيئة عدائية تجبرهم على الرحيل.

التركيز على الأغوار الفلسطينية: مشاريع استعمارية كبرى يتم تنفيذها في منطقة الأغوار تهدف إلى السيطرة الكاملة على منطقة الأغوار الفلسطينية، والتي تعتبر سلة غذاء فلسطين. هذه المشاريع تهدف إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني والسيطرة على مصادر المياه والموارد الطبيعية وفي المحصلة القضاء تماماً على حلم الدولة الفلسطينية

ما هي أخطر المشاريع الاستيطانية التي يجري تنفيذها حاليا، سواء في القدس أو في مناطق أخرى من الضفة؟

إن مخطط "E1" هو مجرد واحد من بين مجموعة من المشاريع الاستعمارية الخطيرة التي تنفذها حكومة الاحتلال حاليا. هذه المشاريع لا تهدف فقط إلى التوسع الاستعماري، بل إلى عزل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض، وقطع التواصل الجغرافي، وتغيير الواقع الديمغرافي بشكل جذري.

مشاريع القدس المحتلة:

القدس هي بؤرة أخطر المشاريع الاستعمارية التي تهدف إلى عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني، وتغيير طابعها العربي والإسلامي، ومن أبرز هذه المشاريع:

مخطط "E1": كما ذكرنا سابقا، هو أخطر هذه المشاريع، ويهدف إلى ربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس، مما يقطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.

مخطط "E2" و"E3": هذه المخططات هي استكمال لمخطط "E1"، وتهدف إلى بناء المزيد من الوحدات الاستعمارية في مناطق حساسة في القدس الشرقية، وخاصة في مناطق بيت صفافا وصور باهر.

مشاريع القدس الاستعمارية الأخرى: هناك العديد من المشاريع التي تهدف إلى بناء آلاف الوحدات الاستعمارية في القدس الشرقية، مثل مخطط "جفعات همتوس"، و"عطروت"، و"جفعات شلومو"، والتي تهدف إلى إقامة حزام استيطاني حول المدينة، وعزلها بشكل كامل.

مشاريع الضفة الغربية:

مشاريع البؤر الاستعمارية: تعمل حكومة الاحتلال على شرعنة العديد من البؤر الاستعمارية التي أقيمت بشكل غير قانوني، وتحويلها إلى مستوطنات رسمية. هذه البؤر غالبا ما تكون منصات للاعتداءات على الفلسطينيين، وتساهم في مصادرة المزيد من الأراضي.

المخططات في الأغوار الفلسطينية: تعتبر الأغوار سلة غذاء فلسطين، وهي هدف رئيسي لمشاريع الاستعمار التي تهدف إلى السيطرة على الأراضي الزراعية والمياه. هناك العديد من المشاريع التي تهدف إلى بناء المزيد من المستوطنات في هذه المنطقة، وتهجير السكان الأصليين.

مشاريع الطرق الالتفافية: تعمل حكومة الاحتلال على بناء شبكة من الطرق الالتفافية التي تربط المستوطنات بعضها ببعض وبالقدس المحتلة. هذه الطرق تسهل حركة المستعمرين وتساهم في عزل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض.

ما هي استراتيجيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في مواجهة هذا التوسع، وما أبرز إنجازاتها الميدانية حتى الآن؟

إن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان هي مؤسسة وطنية فلسطينية تعمل على مواجهة الاستيطان الاستعماري من خلال استراتيجية شاملة، لا تقتصر على محور واحد، بل تتضمن محاور متعددة تعمل بشكل متكامل من أجل تحقيق هدفنا الأساسي: إفشال المخططات الاستعمارية وإنهاء الاحتلال.

استراتيجياتنا الرئيسية:

المقاومة الشعبية السلمية: هذا هو حجر الزاوية في استراتيجيتنا. نؤمن بأن صمود الشعب الفلسطيني على أرضه هو أقوى سلاح في وجه الاستيطان الاستعماري. نقوم بتنظيم الفعاليات الأسبوعية والمسيرات السلمية في المناطق المهددة بالمصادرة، مثل قرى بيت دجن وكفر قدوم وقرى شرق رام الله وجنوب الخليل وغيرها. هذه الفعاليات تهدف إلى تعزيز صمود السكان، وإرسال رسالة واضحة للاحتلال بأن شعبنا لن يستسلم.

الجهود التوثيقية والقانونية: نعمل على توثيق جميع انتهاكات الاحتلال والمستعمرين ومتابعتها قانونياً، وتقديمها للمؤسسات القانونية الدولية. هدفنا هو ملاحقة قادة الاحتلال ومسؤوليه على جرائمهم في المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المحافل القانونية. كما أننا نعمل على حشد الدعم الدبلوماسي من الدول الصديقة والمنظمات الدولية لفضح سياسات الاحتلال ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته.

دعم صمود المواطنين: نقدم خدمات دعم صمود المواطنين للعائلات الفلسطينية التي تتعرض للتهجير أو هدم المنازل. هذا الدعم يهدف إلى تثبيت المواطنين ومساعدتهم في إعادة بناء منازلهم وجبر أضرارهم حيثما أمكن.

التوعية والإعلام: نعمل على إبراز قضية الاستعمار في وسائل الإعلام المحلية والدولية. نهدف إلى كشف جرائم الاحتلال أمام الرأي العام العالمي، وتغيير السردية التي يحاول الاحتلال فرضها.

هل هناك خطط للتوجه إلى المحاكم الدولية لملاحقة الاحتلال على جرائم الاستعمار؟ وما التحديات التي تواجه ذلك؟

نعم، إن التوجه إلى المحاكم الدولية هو جزء أساسي ومحوري من استراتيجيتنا لمواجهة الاحتلال، وخاصة فيما يتعلق بجرائم الاستيطان. نحن نعمل بشكل دائم على توثيق هذه الجرائم وتقديمها للجهات الدولية المختصة، إيمانا منا بأن العدالة الدولية هي أحد أهم أدواتنا لإنهاء الاحتلال.

الخطط والتوجهات:

المحكمة الجنائية الدولية (ICC): نرى في المحكمة الجنائية الدولية المنبر الأهم لملاحقة قادة الاحتلال. نعمل بشكل مستمر على تزويد المحكمة بالملفات القانونية والأدلة التي تثبت ارتكاب الاحتلال لجرائم حرب، بما في ذلك جريمة الاستعمار.

محكمة العدل الدولية (ICJ): نعمل أيضا على تفعيل دور محكمة العدل الدولية في هذا الصدد. كانت هناك قرارات سابقة من المحكمة تدين الجدار العنصري، ونحن نسعى لتفعيل هذا الدور لتقديم رأي استشاري جديد حول عدم شرعية الاستعمار بشكل عام.

محاكم حقوق الإنسان الإقليمية: نخطط للتوجه إلى محاكم حقوق الإنسان الإقليمية، وخاصة تلك التي لها اختصاص عالمي، لتقديم قضايا ضد الاحتلال، وتسليط الضوء على انتهاكاته لحقوق الإنسان، والتي يعتبر الاستيطان أحد أبرزها.

المنظمات الحقوقية الدولية:
نعمل بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان الدولية، مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"، لتوثيق الجرائم ونشر التقارير، مما يزيد من الضغط على الاحتلال في المحافل الدولية.

التحديات التي تواجه ذلك:

على الرغم من إيماننا بضرورة التوجه للمحاكم الدولية، إلا أننا نواجه تحديات كبيرة، أبرزها:

الضغط السياسي الأمريكي: تواجه المحاكم الدولية، وخاصة المحكمة الجنائية الدولية، ضغوطا سياسية هائلة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل. هذه الضغوط تهدف إلى منع المحكمة من اتخاذ أي قرارات ضد إسرائيل، وتشمل تهديدات بفرض عقوبات على قضاة وموظفي المحكمة.

المماطلة في الإجراءات: هناك مماطلة كبيرة في الإجراءات من قبل المحكمة الجنائية الدولية، حيث تستغرق التحقيقات وقتا طويلاً جدا، مما يعيق تحقيق العدالة.

غياب الإرادة السياسية الدولية: على الرغم من إدانة بعض الدول للاستعمار، إلا أن هناك غيابا للإرادة السياسية الدولية لدعم جهود المحكمة الجنائية الدولية في هذا الصدد.

عرقلة عملنا: تواجه هيئتنا، والمنظمات الحقوقية الفلسطينية، عراقيل كبيرة من قبل الاحتلال، مثل منع السفر، ومصادرة الوثائق، واستهداف نشطاء حقوق الإنسان.

إلى أي حد يمكن أن تسهم المقاطعة الدولية – سياسيا واقتصاديا – في لجم الاستعمار؟

إن المقاطعة الدولية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، هي أداة فعالة للغاية يمكن أن تساهم بشكل كبير في لجم الاستعمار الإسرائيلي. إنها ليست مجرد خطوة رمزية، بل هي وسيلة ضغط مباشرة وغير عنيفة يمكن أن تفرض ثمنا على الاحتلال لسياساته العدوانية؛ فمن خلال عزل إسرائيل دوليا مثل سحب السفراء، أو تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية، أو تجميد الاتفاقيات، ترسل رسالة واضحة بأن العالم لن يتقبل سياسات إسرائيل الاستعمارية. وكذلك تفعيل الدبلوماسية الوقائية، حيث يمكن للمقاطعة السياسية أن تكون بمثابة إنذار لإسرائيل، وتدفعها إلى إعادة النظر في سياساتها قبل أن تتفاقم الأمور.

والمقاطعة السياسية تمهد الطريق لجهود المحاسبة في المحاكم الدولية؛ فعندما تقاطع دولة ما إسرائيل سياسيا، فإنها بذلك تظهر دعمها للملاحقة القانونية لجرائمها. وكذلك فإن إسهام المقاطعة الاقتصادية يعتبر حيوي جدا في إطار الضغط على الاقتصاد الإسرائيلي؛ إذ تعتمد دولة الاحتلال بشكل كبير على التجارة والاستثمار الدولي. إن مقاطعة المنتجات الاستعمارية والشركات الداعمة للاحتلال تفرض ضغطا اقتصاديا حقيقيا على إسرائيل، مما يؤثر على قدرتها على تمويل مشاريع الاستعمار. وفي المقابل، يمكن للمقاطعة أن تدعم الشركات الفلسطينية وتزيد من قدرتها على النمو، مما يعزز من الاقتصاد الفلسطيني ويخلق فرص عمل.

كيف ترون انعكاسات هذا المشروع على الواقع الأمني في الضفة الغربية والقدس؟

لا يمكن النظر إلى هذا المشروع الاستعماري الخطير بمعزل عن الواقع الأمني في الضفة الغربية والقدس، بل هو جزء أساسي من استراتيجية الاحتلال التي تؤدي حتما إلى تصعيد التوترات وتفجير الأوضاع. إن مخطط "E1" سيؤدي إلى تدهور خطير في الواقع الأمني من خلال زيادة إرهاب المستعمرين، الذين سيستخدمون هذا المخطط كغطاء لمزيد من الاعتداءات على الفلسطينيين، مما سيخلق حلقة مفرغة من العنف.

كما أن هذا المخطط يقوض أي أفق للحل السياسي، وعندما يرى الفلسطينيون أن الاحتلال يواصل سياسته الاستعمارية دون أي رادع، فإنهم سيفقدون الثقة في أي عملية سلام، مما قد يدفعهم إلى خيارات أخرى، بما في ذلك المقاومة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا المخطط سيؤدي إلى خنق المدن والقرى الفلسطينية، خاصة في القدس، مما سيزيد من حالة الغضب والإحباط، وقد يتسبب في اندلاع انتفاضة جديدة.

وأخيرا، فإن تدمير الاقتصاد الفلسطيني في المنطقة من خلال مصادرة الأراضي والموارد سيزيد من اليأس والإحباط، مما يغذي التطرف والعنف.

هل تتوقعون انفجارا أو تصعيدا ميدانيا واسعا إذا بدأ تنفيذ المشروع فعليا؟

نعم، إننا نتوقع أن يؤدي البدء الفعلي في تنفيذ مخطط "E1" إلى انفجار وتصعيد ميداني واسع في الضفة الغربية والقدس. هذا التوقع ليس مجرد تخمين، بل هو نتيجة طبيعية ومنطقية لسياسات الاحتلال التي تدفع الشعب الفلسطيني إلى حالة من اليأس والإحباط.

عندما يرى الفلسطينيون أن الاحتلال يواصل سياسته الاستعمارية التي تهدف إلى القضاء على أي أمل في إقامة دولتهم، وأن كل الجهود السلمية والسياسية لم تفضِ إلى شيء، فإنهم سيفقدون الثقة في أي حل سياسي، وهذا سيؤدي إلى تصعيد المقاومة الشعبية.

إن هذا المخطط سيؤدي إلى خنق المدن الفلسطينية وعزلها عن محيطها، وسيُشجع المستعمرين على المزيد من العنف والإرهاب ضد الفلسطينيين، مما سيخلق حلقة مفرغة من العنف والتصعيد.

إن هذا الواقع الجديد سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الدائم، لأن الفلسطينيين لن يقبلوا بهذا الوضع الذي يمحو مستقبلهم ويهدد وجودهم. إننا ندعو المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف هذا المخطط، قبل أن يتسبب في انفجار كبير في المنطقة، قد تكون له عواقب وخيمة على الجميع.

بالتالي ما الذي يعنيه هذا التطور بالنسبة لأمل الفلسطينيين في إقامة دولتهم وعاصمتها القدس؟ وما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل الدولة الفلسطينية؟

إن مخطط "E1" هو تطور بالغ الخطورة، ولا يمكن النظر إليه كجزء من عملية استيطانية عادية، بل هو بمثابة "الرصاصة الأخيرة" في قلب حل الدولتين. هذا المخطط يضرب في الصميم أمل الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، ويحمل دلالات خطيرة على مستقبل الدولة الفلسطينية. من خلال القضاء على التواصل الجغرافي: باعتبار أن "E1" يهدف إلى ربط القدس بمستوطنة "معاليه أدوميم" الاستراتيجية. هذا الربط سيقطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، مما يجعل من إقامة دولة ذات تواصل جغرافي أمرا مستحيلا.

وبالتالي، فإن القدس، التي هي عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة، ستصبح معزولة تماما عن محيطها الفلسطيني، مما يقضي على أي أمل في أن تكون عاصمة حقيقية. ولذلك إن تنفيذ مخطط "E1" يعني أن مستقبل الدولة الفلسطينية سيكون على النحو التالي:

كانتونات منفصلة: بدلا من دولة متصلة الأطراف، فإن المخطط سيحول الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة وغير مترابطة، محاطة بالمستوطنات والطرق الالتفافية. هذه الكانتونات لن يكون لها أي سيادة حقيقية، وستكون تحت السيطرة الكاملة للاحتلال.

سيطرة كاملة على الموارد: سيمنح المخطط الاحتلال سيطرة كاملة على مصادر المياه والأراضي الزراعية والموارد الطبيعية في المنطقة، مما يزيد من اعتماد الفلسطينيين على الاحتلال ويضعف اقتصادهم بشكل كبير.

التهجير القسري: سيؤدي المخطط إلى تهجير السكان الأصليين، وخاصة التجمعات البدوية والرعوية، من أراضيهم، مما يغير التركيبة الديمغرافية للمنطقة ويضعف الوجود الفلسطيني.


Image1_8202523135924801414882.jpg
Image2_8202523135924801414882.jpg
Image3_8202523135924801414882.jpg
Image4_8202523135924801414882.jpg
التعليقات (0)