نشرت صحيفة "
القناة 12" العبرية، مقالا، للرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ورئيس ومؤسس منظمة "عقل إسرائيل"، عاموس يادلين، جاء فيه، أنّ: "الاتهامات الاسرائيلية الموجهة إلى حكومة اليمين، تتزايد بكونها تُضيّع فرصة الإطاحة بحماس في
غزة بسبب بوصلة حزبية تطغى على البوصلة السياسية الخاصة بمستقبل الدولة".
وتابع المقال، الذي ترجمته "عربي21": "النتيجة أن العالم يفقد صبره، ودولة
الاحتلال تُترك وحيدة، مُنهكة ومعزولة، لأنها فوّتت فرصة أخذ زمام المبادرة، وهناك خشية أن تُفرض علينا نهاية أخرى للحرب".
وأضاف: "بعد مرور قرابة عامين على هجوم السابع من أكتوبر، تُواجه دولة الاحتلال كارثة أخرى، ليست هزيمة عسكرية، بل خسارة سياسية واستراتيجية عميقة ودائمة، ومن طالبوا بـ"نصر شامل"، ووعدوا بالقضاء على حماس، وإعادة المختطفين، يواجهون في الواقع وضعًا تحكم فيه حماس غزة بلا بديل، ومختطفون لم يعودوا بعد، وشرعية الدولة في أدنى مستوى عالمي غير مسبوق".
"من المفارقات أن كل هذا يحدث بعد إنجازات عسكرية مُقلقة في لبنان وسوريا وإيران، وحتى غزة، ورغم ذلك، فلا تبدو الدولة اليوم منتصرة، بل منهكة، معزولة، غارقة في ساحة لا هدف سياسي واضح لها فيها، وما يوجهها هو هدف خوض "حرب لا تنتهي أبدًا"، مع أن هذا هدف يتناقض مع مفهومها الأمني، الذي يُقر بالحاجة للحفاظ على مجتمع مزدهر بين الحروب، وبالتالي يسعى لحروب سريعة ذات إنجاز عسكري واضح ونفوذ لتحقيق إنجاز سياسي" وفقا للمقال نفسه.
وأشار إلى أنّ: "جيش الاحتلال، الذي يعتمد على قوات الاحتياط، يعرف كيف يمكن دفع الاقتصاد والمجتمع لتحقيق الإنجاز المطلوب عندما يتم تشغيله وفقًا للعقيدة الإسرائيلية، لكن عندما يتم تشغيله بطريقة فاشلة تكون النتائج ماثلة أمامنا، حيث كان وعد "النصر الكامل" غير واقعي منذ اللحظة الأولى، والنتيجة اليوم تتمثل في أنه لم يتحقق نصر كامل يستسلم فيه العدو دون قيد أو شرط في أي حرب حديثة منذ عام 1945".
وأورد أنه: "كانت هناك بالتأكيد انتصارات استراتيجية، بما فيها في العامين الماضيين، في الشرق الأوسط، وهنا يمكن سؤال حزب الله وإيران، لكن الحرب في غزة تحديدًا، الشرارة لأطول حرب في تاريخ الدولة، هي التي تتآكل، فحماس باقية، والمجتمع الدولي يُشير بإصبع الاتهام للاحتلال، وتم تهميش الأسرى، وأصبحت أكثر الحروب "عدالة" في تاريخ الدولة يراها العالم أجمع حرباً ظالمة، وما كان مقبولًا في 2023 بات غير أخلاقي في 2025".
اظهار أخبار متعلقة
ولفت إلى أنّ: "صورة الأسير في غزة هزيلًا ومنهكًا، يحفر قبره في نفق، تُذكر العالم وأنفسنا بأن الأسرى ما زالوا أحياءً، يُعانون، ومنسيين، صورة صادمة تعكس تهميش مصيرهم، سواء من قبل الحكومة أو على الساحة الدولية، وبات العالم، بسبب الأخطاء الاستراتيجية لحكومة الاحتلال، يُحول انتباهه لحملة التجويع في غزة".
واسترسل: "حتى ترامب، الذي ظهر في البداية من أبرز داعمي الاحتلال، بدأ يفقد صبره، وتتغير السياسة في الولايات المتحدة - فهناك معسكرات معادية له في كلا الحزبين، وتزداد قوة، وينخفض دعمه لأدنى مستوى تاريخي".
وأضاف بأنّ: "ترامب، الذي يستمد جزءًا كبيرًا من رؤيته للعالم من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بدأ ينتقد الاحتلال بسبب الجوع والمعاناة في غزة، وليس الأمر أن وسائل الإعلام تكذب، بل إن واقع الحياة في غزة لا يُطاق".
وأوضح أنه "في بداية العام، ومع انتهاء الصفقة السابقة، امتلك الاحتلال كل الأوراق: إنجازات عسكرية، ودعم أمريكي قوي، وفرصة نادرة لقيادة تسوية سياسية، لكن بدلًا من اغتنام الفرصة، اختارت الحكومة العودة للحرب دون خطة، دون رؤية، دون موعد نهائي، ورفض نتنياهو الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب، ولم يوافق على الحديث عن اليوم التالي".
"واستغلت حماس الوقت لإعادة تنظيم صفوفها، وبقي الأسرى في غزة، والصفقة المطروحة، التي وافقت عليها الحكومة بالفعل، أقل جودة بكثير مما كان من الممكن تحقيقه قبل ستة أشهر" أورد
المصدر ذاته.
وأكد أن "حماس ترى اليوم الأوروبيين وأصدقاء الاحتلال في الغرب يعارضونه، بل ويستعدون للاعتراف بدولة فلسطينية، ورغم السابع من أكتوبر، تعتقد حماس أن استمرار هذا التوجه يخدم أهدافها ضد الاحتلال جيدًا، وبدلاً من إضعاف الحركة، فإنهم يعززونها، والاحتلال يواجه هذا العجز السياسي دون رد أو استراتيجية، وبات في نظر العالم دولة مُنهكة، ومُحتلٍّ قاسٍ".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أنه: "حان الوقت إعلان إنهاء استباقي للحرب، بدعم من المجتمع الدولي، مع وضع شروط واضحة، بإطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة، وليس تدريجيًا، وإعادة إعمار غزة فقط مقابل نزع سلاح حماس، ومبادرة عربية مصرية منقحة لأول مرة منذ بداية الحرب، ورسالة أمريكية ملزمة تضمن حرية عمل إسرائيلية مستقبلية، على غرار النموذج المجرب بالفعل على الحدود الشمالية، وسحب المبادرة الفرنسية السعودية للاعتراف بدولة فلسطينية من جدول الأعمال الدولي".
وختم بالقول إنّ: "الوقت ينفد؛ والساعة الرملية السياسية والعسكرية والأخلاقية انتهت، ولن يكون البديل سوى الاستمرار في التشبث بـ"نصرٍ شامل" وهمي في غزة سيؤدي إلى هجوم سياسي دبلوماسي على غرار السابع من أكتوبر، تكون نتائجه مُدمرة، ولسنواتٍ وعقودٍ قادمة".