في ظل تصاعد الأزمات
في الشرق الأوسط، تبرز ظاهرة "اللوبي المؤيد لإسرائيل" في
فرنسا كأحد العوامل
الحاسمة التي تؤثر على توجّهات باريس السياسية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين، وكذلك
الموقع من حرب
الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويضم هذا اللوبي، شبكة
معقدة من الفاعلين السياسيين والإعلاميين والثقافيين، إذ أنّه لطالما لعب دورًا محوريًا في
تأخير الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين من قبل فرنسا، إلى جانب دعم السياسات الإسرائيلية المثيرة للجدل في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وأكدت صحيفة
"
لو موند" الفرنسية، في تقريرها الصادر مؤخرًا، أنّ: "باريس، رغم إعلانها عن نيتها
الاعتراف بدولة فلسطين في أيلول/ سبتمبر المقبل، إلاّ أنّ هذه الخطوة تأتي متأخرة بسبب التأثير
القوي لتكتل سياسي وإعلامي يدعم تل أبيب بقوة".
وأوضح التقرير الذي
أعدّه الصحفيان سيرج حليمي وبيير ريمبرت، أنّ: "هذا اللوبي يستخدم أدوات مختلفة منها الضغط
السياسي والإعلامي للوقوف ضد أي مبادرات قد تزعج المصالح الإسرائيلية أو تؤثر على العلاقة
الاستراتيجية بين باريس وتل أبيب".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار التقرير إلى
أنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي قد حوّلت قطاع غزة إلى ما يشبه "معسكر اعتقال" حسب وصفه، فيما تسعى
إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، وهو ما قوبل بصمت رسمي من الحكومات الغربية وعلى
رأسها فرنسا التي كانت تتبع سياسة توازن دقيق، تحافظ من خلالها على علاقات متينة مع
الطرفين، لكن دون اتخاذ خطوات جريئة ضد الانتهاكات الإسرائيلية.
ورغم أن فرنسا أعلنت
مجددًا اعترافها بدولة فلسطين، إلاّ أن التقرير يؤكد أنّ: "هذا القرار جاء بعد ضغط شعبي
ودولي واسع، وأيضا نتيجة محاولات لتصحيح مسار السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط".
ولفت التقرير إلى أنّ: "تصاعد قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل في فرنسا، يعود جزئيًا إلى تحولات أيديولوجية شهدها
الغرب خلال العقد الماضي، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وصعود قوى يمينية
وشعبوية في العديد من الدول الغربية".
وأردف التقرير: "أدّى هذا التغير إلى
تعزيز التحالفات التي تدعم إسرائيل، سواء في الأوساط الحكومية أو الإعلامية، حيث تجاهلت
معظم هذه الجهات الانتهاكات الإسرائيلية تحت ذريعة الحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومصالح
الدول الغربية".
اظهار أخبار متعلقة
وتشير الصحيفة إلى
أنّ: "هذا الدعم لم يقتصر على السياسيين فحسب، بل امتد إلى قطاعات الإعلام والثقافة، حيث
يلعب بعض المثقفين والصحفيين دورًا في تبرير السياسات الإسرائيلية وشيطنة الفلسطينيين".
كما يوضح التقرير أنّ: "هذه الشبكة من المؤيدين تسعى إلى التأثير في الرأي العام الفرنسي
عبر حملات إعلامية منظمة ومؤثرة".
يذكر أنّ السياسة الفرنسية
الرسمية تجاه القضية الفلسطينية مرّت بفترات من التردد، حيث كانت باريس بين دعم الحقوق
الفلسطينية وحرصها على الحفاظ على علاقات مميزة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن التزامها بالإعلان
عن الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل.
أيضا، تؤكد مصادر "لو موند"، أنّ الأمر يرتبط بنقطة تحوّل قد تضع فرنسا في مصاف الدول التي تعترف رسميًا بدولة فلسطين، وهو ما يزيد
من الضغوط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لمراجعة سياساتها في الأراضي المحتلة.