بدأت محكمة هامبورغ الإقليمية في ألمانيا، هذا الأسبوع، جلسات محاكمة مثيرة لوريثة سلسلة مطاعم "
بلوك هاوس" الشهيرة، كريستينا بلوك، إلى جانب ثلاثة متهمين إسرائيليين، بينهم عميل سابق في جهاز "
الموساد"، وذلك على خلفية اتهامهم بالتورط في عملية
اختطاف عنيفة لطفلين في إطار نزاع حضانة عائلي.
وبحسب لائحة الاتهام التي اطلعت عليها عدة وسائل إعلام ألمانية وبريطانية، فإن بلوك استعانت بشركة أمنية إسرائيلية خاصة لتنفيذ العملية، التي وقعت في منطقة حدودية بين ألمانيا والدنمارك في ليلة رأس السنة 2023. وشملت التهم تكميم الطفلين – اللذين كانا يبلغان حينها 10 و13 عامًا – وتهديدهما بالقتل، ثم تهريبهما إلى مدينة هامبورغ الألمانية.
جواسيس واستخبارات خاصة
ووفقا لتقارير صحفية، شارك في العملية ثلاثة إسرائيليين على الأقل، هم: "تال شاشون"، و"دوف رام بركاي"، و"كارين تننبوم"، حيث نفذوا المهمة عبر شركة استخبارات خاصة تُدعى "Cyber Cupula Operations GmbH". وقد عثرت الشرطة الدنماركية لاحقا على الطفلين، وأعادتهما إلى والدهما، ستيفان هينسل، الذي حصل على حضانتهما بموجب قرار قضائي في الدنمارك.
كما فجر التحقيق مفاجأة إضافية، تمثّلت في تورط أوغست هانينغ، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية (BND)، والذي لعب دور الوسيط في ترتيب العلاقة بين بلوك والشركة الأمنية الإسرائيلية. ورغم نفيه التورط المباشر، إلا أن اسمه ورد في صلب ملف الادعاء.
تفاصيل "عملية الخطف"
بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن كريستينا بلوك، بدعم من شريكها الحالي الإعلامي المعروف غيرهارد ديلينغ، خططت للعملية التي كلفت مئات الآلاف من اليوروهات، وجرى تنفيذها خلال احتفالات رأس السنة بينما كان الطفلان يقضيان عطلة مع والدهما في جنوب الدنمارك.
ويقول الادعاء إن الطفلين خُطفا عنوة، وتم تهريبهما إلى ألمانيا حيث تسلمتهما والدتهما. لكن سرعان ما تدخلت الشرطة الألمانية، وأعادتهما إلى الدنمارك بطلب من السلطات هناك، التي أكدت أن الطفلين لا يرغبان بالتواصل مع والدتهما.
اظهار أخبار متعلقة
الأم تدافع: "تصرفت بدافع اليأس"
وتنفي كريستينا بلوك جميع التهم، وتصر على أن العملية لم تكن اختطافا، بل "نقلا مشروعا" لأطفالها بموجب حكم محكمة ألمانية منحها الحضانة الكاملة. وتقول إن والدتها – المتوفاة قبل تسعة أشهر من الحادثة – هي من دفعت تكاليف الشركة الأمنية.
وبحسب دفاعها، فإن دوافع بلوك كانت "إنسانية"، وجاءت نتيجة عدم امتثال والد الأطفال لقرار محكمة ألمانية يقضي بمنحها الحضانة. ويضيف محاموها أن القضية تم تضخيمها إعلاميا، وأنها لم تحاول إلحاق الأذى بالأطفال أو تلفيق تهم كاذبة ضد زوجها السابق.
لكن القضاء الدنماركي رفض الاعتراف بحكم الحضانة الصادر من ألمانيا، ومنح الحضانة لستيفان هينسل، الذي يعيش حاليا مع الطفلين في مكان سري داخل الدنمارك. وأفادت تقارير بأن الطفلين قاما لاحقا بتغيير اسميهما.
140 شاهدا... ومحاكمة حتى نهاية العام
من المتوقع أن تستمر المحاكمة حتى نهاية العام الجاري، وسط اهتمام إعلامي واسع، لا سيما في ظل الطبيعة غير الاعتيادية للقضية، التي تتقاطع فيها قضايا الحضانة العائلية مع الاستخدام المثير لشركات أمنية دولية، وضلوع مسؤولين أمنيين كبار.
وستستمع المحكمة، وفقا للائحة، إلى أكثر من 140 شاهدا و22 خبيرا، ما يجعلها إحدى أطول وأعقد المحاكمات المدنية ذات الطابع الجنائي في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة.
ويواجه المتهمون، في حال إدانتهم، أحكاما بالسجن تصل إلى عشر سنوات، فيما لا تزال سلسلة مطاعم "بلوك هاوس" تحاول احتواء التداعيات على سمعتها، وسط مطالبات بمقاطعتها بسبب ما يعتبره كثيرون "فضيحة غير أخلاقية" تلطخ إرث العائلة التي أسست السلسلة قبل أكثر من نصف قرن.
اظهار أخبار متعلقة