سياسة عربية

مصر ترفض خطة "المدينة الإنسانية" على حدودها.. "تجاوز للخطوط الحمراء"

وترى مصر في هذا السيناريو تكراراً لنهج "الهندسة السكانية" الذي طبّقه أرييل شارون- الأناضول
وترى مصر في هذا السيناريو تكراراً لنهج "الهندسة السكانية" الذي طبّقه أرييل شارون- الأناضول
رفضت مصر بشكل قاطع الخطة الإسرائيلية التي أعدّت بتكليف من وزير الحرب يسرائيل كاتس، وتقضي ببناء منشأة ضخمة توصف بأنها "مدينة إنسانية" في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، لاحتواء نحو 600 ألف نازح فلسطيني من مختلف مناطق القطاع. 

واعتبرت القاهرة بحسب مصادر لصحيفة "الأخبار" اللبنانية أن هذا المشروع يشكل تهديدا مباشرا لأمنها القومي، ويتجاوز "الخطوط الحمراء" التي أكدت عليها مرارا.

وكشفت المصادر أن مصر أبلغت واشنطن وتل أبيب رسمياً رفضها التام لإقامة المدينة في الموقع المقترح قرب الحدود المصرية، موضحة أن المشروع "يهدد نصوص اتفاقية السلام الموقعة عام 1979"، والتي تحظر المساس بالترتيبات الأمنية المتفق عليها في المناطق الحدودية.

اظهار أخبار متعلقة


وحذر النظام المصري من المضي قدماً في تنفيذ الخطة، ما قد يدفعه إلى "إعادة النظر في بعض الترتيبات الإقليمية"، مؤكدا أنه "لن يظل صامتا أمام محاولات تغيير الوضع القائم سواء سياسياً أو أمنياً"، وأن "جميع السيناريوهات مطروحة، بما فيها تلك التي تتجاوز البعد الدبلوماسي".

وتتضمن الخطة الإسرائيلية إدارة المدينة كمنطقة مغلقة بالكامل، مع إخضاع السكان لفحص أمني شامل، وفرض إجراءات أمنية مشددة عليهم، ومنعهم من العودة إلى مناطقهم الأصلية. 

ويرى النظام المصري أن المشروع لا يحمل أهدافاً إنسانية حقيقية، بل هو محاولة واضحة لدفع مئات الآلاف من سكان غزة نحو الحدود المصرية، في سياق يُعد تمهيداً لعملية تهجير قسري ممنهجة، تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

اظهار أخبار متعلقة


وتحذر مصر من أن القبول بالخطة يمثل سابقة خطيرة قد تُستغل لاحقاً في ملفات مشابهة، مما يضعف أسس القانون الدولي. ووفقاً لمسؤولين أمنيين مصريين، فإن إقامة المدينة في الموقع المقترح يشكل تهديداً مزدوجاً، من جهة زيادة احتمالات تدفق سكاني نحو الحدود، ومن جهة أخرى خلق واقع أمني مضطرب في أطراف سيناء، بما يفتح الباب أمام التسلل أو الاختراق أو توترات يصعب ضبطها مستقبلاً.

وفي ترجمة عملية لهذا التحفظ، عززت مصر انتشارها العسكري في سيناء، لاسيما في المنطقة "ج" التي تخضع لقيود وفق اتفاقية السلام. وعلى الرغم من محاولات "إسرائيل" طمأنة مصر بشأن إشراف منسق مع الأمم المتحدة ودول أخرى على المشروع، عبّرت القاهرة عن استيائها مما وصفته بـ"الطمأنة النظرية" التي تسعى "إسرائيل" إلى تمريرها دبلوماسياً، من دون التزام فعلي بتغيير جوهر المشروع أو نقل موقعه.

وتخشى القاهرة أن تكون عمليات القصف المكثف في جنوب القطاع، والتي دفعت آلاف الفلسطينيين للنزوح نحو رفح، جزءاً من خطة إسرائيلية لفرض واقع ديموغرافي يخدم تنفيذ المشروع من دون إعلانه رسمياً، عبر تحويل رفح إلى منطقة تجميع تمهيداً لنقل السكان إلى خارج غزة عبر قنوات إنسانية أو أمنية، بحسب ما نقلت مصادر الصحيفة.

وترى مصر في هذا السيناريو تكراراً لنهج "الهندسة السكانية" الذي طبّقه أرييل شارون في سبعينيات القرن الماضي، بتفريغ محيط المخيمات الفلسطينية لتسهيل السيطرة العسكرية، وهي سياسة ترفضها القاهرة شكلاً ومضموناً، وتعتبرها متناقضة مع حقوق السكان الأصليين في أرضهم.
التعليقات (0)