منذ
أسبوعين ودونالد
ترامب ومبعوثه ويتكوف، يلوّحان باقتراب التوصل إلى اتفاق وقف
إطلاق نار في قطاع
غزة. وقد أُطلقت عمليتا تفاوض للغرض نفسه، إحداهما في قطر، شارك
فيها وفد ممثل لنتنياهو، والثانية في واشنطن، وكانت مباشرة بين ترامب ونتنياهو،
الذي استُدعي خصيصا لإنجاز الاتفاق، وكان ويتكوف مشاركا أيضا.
وقد مرّ
الأسبوعان، من دون التوصل إلى اتفاق، وعاد
نتنياهو من واشنطن، ليماطل ويستمر
بالإبادة والتجويع. وقد راح يؤكد أنه موافق على مواقف ترامب.
إصرار ترامب هذا الأسبوع على اقتراب التوصل إلى اتفاق، يجب أن يُعامَل بدرجة من الجديّة، بالرغم من أن التجربة، خلال الأسبوعين الفائتين، تفترض بأن ترامب ما زال عاجزا عن ممارسة الضغط
كيف
يستطيع نتنياهو أن يقول لأُسر الأسرى إنه يريد إطلاقهم، من خلال اتفاق وقف إطلاق
النار، ويعلن في الآن نفسه أنه يريد القضاء على حماس، ومن ثم تهجير أهالي قطاع
غزة، كما جعل يصرّ على تجريد حماس والجهاد، وكل فصائل
المقاومة من السلاح، أي
الاستمرار بالإبادة والتجويع، والتدمير الشامل؟ فهذه الأهداف تعني أنه يكذب على
أسر الأسرى، وتعني أن ما يعلنه، عن نيّة الوصول إلى اتفاق، مجرد ذرّ للرماد في
العيون.
وبكلمة،
إن نتنياهو، بالرغم من كل تصريحاته، يواجه مأزقا متعدّد الأبعاد، فيما ترامب
يعامله بازدواجية، قد تنقلب عليه، حين يغطيه لمواصلة حرب الإبادة، التي تشكل فشلا
لترامب، الحريص على الوصول لاتفاق هدنة الستين يوما، الأمر الذي سيضاف إلى فقده كل
مصداقية، في ادّعاء حرصه على إنهاء الحرب في أوكرانيا، وفي قطاع غزة. بل اتسّم
عهده بتصعيد الحرب في أوكرانيا، وفي غزة، فضلا عن اندلاع "الحرب" بين
باكستان والهند.
وهذا دون
الإشارة، إلى فشله حتى الآن، في إخضاع الدول التي هدّدها بزيادة الجمارك، وما راح
يعاني، من تناقضات داخل أمريكا، ومع الرأي العام العالمي، ولا سيما تدهور علاقاته
الأوروبية، بما فيها البريطانية.
من هنا،
كان عليه أن يفرض في الأقل على نتنياهو، توقيع اتفاق
وقف إطلاق النار في غزة، حتى
يعوّض بعض ما يواجهه من حرج، بسبب تراكم الفشل.
الأهم في هذه المعادلة، يتجسّد في المقاومة في غزة، وما أخذت تحققه من انتصارات عسكرية ميدانية، ومن قدرة على مواصلة الحرب
ولهذا،
حين غادر نتنياهو واشنطن، دون إنجاز الاتفاق، أضاف إلى اهتزاز هيبة ترامب عجزا
أمام الضغوط الصهيونية، وضعفا في الضغط على نتنياهو، لإخضاعه للإرادة الترامبية،
وإلّا كيف يفسّر الفشل، كما التصعيد في حرب الإبادة، بعد عودة نتنياهو؟
أما من
الجهة الأخرى، فإن استمرار إصرار ترامب هذا الأسبوع على اقتراب التوصل إلى اتفاق،
يجب أن يُعامَل بدرجة من الجديّة، بالرغم من أن التجربة، خلال الأسبوعين الفائتين،
تفترض بأن ترامب ما زال عاجزا عن ممارسة الضغط، واستخدام الأوراق التي لديه،
لإجبار نتنياهو على تقديم هذه الخدمة، ولو له شخصيا، ولا سيما وهو في مأزق تراكم
الفشل تلو الفشل، إلى حدّ أصبح من الممكن اتهامه بفقدانه الصدقية والهيبة.
ولكن
الأهم في هذه المعادلة، يتجسّد في المقاومة في غزة، وما أخذت تحققه من انتصارات
عسكرية ميدانية، ومن قدرة على مواصلة الحرب، مع صمود الشعب، الأمر الذي راح يكشف،
من جهة أخرى، ما وصله الجيش الصهيوني من ضعفٍ عسكريّ ميدانيّ.