توالت الإدانات العربية والإقليمية للغارات الإسرائيلية المتكررة على
سوريا، والتي تصاعدت حدتها الأربعاء مع استهداف مباشر لمحيط القصر الرئاسي ووزارة الدفاع السورية وسط العاصمة
دمشق، في تصعيد اعتبرته عدة دول "انتهاكًا صارخًا" للسيادة السورية، وتهديدًا لأمن واستقرار المنطقة بأسرها.
في هذا السياق، أدان رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، برهان الدين دوران، الغارات الإسرائيلية الأخيرة، مؤكداً أنها لا تستهدف استقرار سوريا وأمنها فحسب، بل تضرب أسس السلام في المنطقة.
وقال في منشور على منصة "إكس": "أدين هذا الهجوم الذي يهدد سيادة سوريا ووحدتها، وتركيا ستواصل دعمها لوحدة الأراضي السورية كما فعلت دائمًا."
بدورها، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً دانت فيه "الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية واللبنانية"، معتبرةً أنها تمثل "انتهاكاً سافراً لسيادة بلدين عربيين شقيقين، وخرقاً واضحاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة"، وشدد البيان على "الرفض الكامل لأي تدخل في شؤونهما الداخلية".
المملكة العربية السعودية عبّرت أيضاً عن رفضها الشديد لما وصفته بـ"الاعتداءات السافرة" على سوريا، وأكدت أن "الاستمرار في هذه الغارات يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، واتفاق فض الاشتباك لعام 1974"، ودعت إلى تحرك دولي عاجل لوقف التصعيد، ودعم دمشق في هذه المرحلة.
اظهار أخبار متعلقة
من جهتها، أعربت دولة الإمارات عن "إدانتها الشديدة للتصعيد الخطير جنوب سوريا"، مجددةً دعمها لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، ومؤكدة أن الحل السياسي، والحوار، هما الطريق الوحيد لضمان استقرار المنطقة.
الكويت بدورها أدانت الغارات الإسرائيلية، مشددة على أن "هذه الاعتداءات تمثل استمراراً لانتهاكات القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة"، وطالبت المجتمع الدولي ومجلس الأمن بـ"ردع
الاحتلال ووضع حد لعدوانه"، مؤكدة وقوفها إلى جانب سوريا في الحفاظ على أمنها ووحدة أراضيها.
كما أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بأشد العبارات، الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت العاصمة السورية دمشق، مؤكدة أن هذه الهجمات تمثل "عدواناً همجياً وصهيونياً متكرراً على السيادة السورية"، وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
وقالت الحركة في بيان صحفي، إن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات متواصلة على الأراضي السورية يُعد "إرهاباً منظماً وعدواناً سافراً يهدف إلى تقويض وحدة سوريا واستقرارها، وخدمة لأجندات الفوضى والهيمنة في المنطقة".
ودعت "حماس" جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والأمم المتحدة، إلى "إدانة هذا التصعيد الصهيوني الخطير، واتخاذ إجراءات عملية وجادة لكبح جماح عربدة الاحتلال الذي يهدد أمن المنطقة برمتها ومصالح شعوبها".
من جهته، اعتبر "حزب الله" اللبناني، في بيان منفصل، أن العدوان الإسرائيلي على سوريا يشكّل "حلقة في سلسلة مخططات العدو لاستباحة سيادة الدول وزرع الفتن بين شعوبها"، مشدداً على ضرورة التصدي لهذه السياسات العدوانية بموقف موحد وفاعل على المستويات كافة.
علماء المسلمين: عدوان دمشق طعنة في كرامة الأمة
ندّد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالعدوان الإسرائيلي الأخير على العاصمة السورية دمشق، واصفًا إياه بأنه "ضربة موجعة لكرامة العرب والمسلمين، وانتهاك سافر لضمير الأمة الإسلامية".
وأعرب الاتحاد، في بيان رسمي، عن بالغ قلقه وأساه إزاء هذا التصعيد غير المسبوق، داعيًا إلى تحرك سياسي وديني عاجل على المستوى الإقليمي لوقف ما وصفه بـ"العبث الصهيوني المتكرر بمقدرات الأمة وشرفها".
وفي البيان الذي حمل لهجة استثنائية في حدّته ومضمونه، أعلن الاتحاد سلسلة مواقف وتحذيرات، شملت دعوات إلى القادة العرب والمسلمين، والحكومة السورية، والمرجعيات الدينية في البلاد، والمجتمع الدولي.
ودعا الاتحاد في أولى توصياته إلى عقد قمة إسلامية عربية طارئة، تتولى "تحمّل المسؤولية التاريخية" في مواجهة العدوان، وتخرج بموقف موحّد تجاه "الاعتداءات المتكررة التي تستهدف سيادة الدول العربية، وتمتهن كرامة شعوبها"، في إشارة إلى الغارات الإسرائيلية على دمشق، وغزة، وسائر المناطق العربية التي تشهد تصعيداً عسكرياً.
وفي خطوة لافتة تجاه الداخل السوري، خاطب الاتحاد الحكومة السورية الجديدة، مطالبًا إياها بـ"التحلي بالحكمة وسعة الصدر"، والابتعاد عن أي تصعيد داخلي على خلفيات طائفية أو مناطقية، مؤكدًا أن "السلاح لا يُشهر إلا في وجه العدو"، محذرًا من مخاطر استخدامه في إذكاء الفتن بين مكونات الشعب الواحد.
وحمّل البيان جميع الأطراف المسؤولية عن وأد الفتنة الطائفية، داعيًا إلى محاسبة كل من يروّج للكراهية أو يدعو إلى العنف الداخلي، أياً كان انتماؤه.
وفي مبادرة تهدف إلى معالجة الانقسامات المجتمعية، دعا الاتحاد المرجعيات الإسلامية الكبرى والعلماء السوريين إلى لقاء عاجل في دمشق، لتشكيل مجلس وطني من الحكماء والعلماء، يتولى قيادة مصالحة وطنية صادقة بين مختلف المكونات، وبشكل خاص بين أبناء الطائفتين الدرزية والسنية.
وأشار البيان إلى شخصيات دينية بارزة يمكن أن تضطلع بدور ريادي في هذا المسعى، مثل المفتي الشيخ أسامة الرفاعي ووزير الأوقاف الدكتور محمد أبو الخير، مؤكدًا استعداد الاتحاد لتقديم الدعم الكامل، عبر إرسال وفد برئاسة رئيسه للمشاركة في جهود الوساطة.
وحذّر البيان من المساعي الرامية إلى شيطنة المكوّن السنّي في سوريا، أو تحويله إلى "فزاعة" تهدد التعددية في البلاد، معتبرًا أن ذلك "سيخدم فقط مشاريع الاحتلال والتقسيم". كما شدد على أن الأقليات الدينية والقومية، بما فيها الطائفة الدرزية، يجب أن تُحفظ حقوقها في ظل دولة موحدة عادلة، بعيدًا عن أجندات الانفصال أو التدخل الخارجي.
وجدّد الاتحاد دعوته لتأسيس تحالف إسلامي واسع النطاق، يشمل القوى الفاعلة في العالم الإسلامي، يتولى الرد على الاعتداءات الإسرائيلية سياسيًا واقتصاديًا وحتى عسكريًا، إذا لزم الأمر، "في ظل تكرار انتهاك السيادة العربية والإسلامية، سواء في سوريا أو في غزة المحاصرة".
واعتبر البيان أن أمن دمشق لا ينفصل عن أمن باقي العواصم، محذرًا من أن "اللعب بالنار في دمشق قد يشعل المنطقة برمتها".
وختم الاتحاد بيانه بمناشدة المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته، والعمل على كبح جماح التصعيد الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن "نزق الكيان المحتل بات يهدد استقرار الشرق الأوسط بأسره، ويخدم فقط الأهواء السياسية لقادة متطرفين في حكومة نتنياهو".
وأضاف أن مواصلة التغاضي عن هذه السياسات العدوانية "لن يؤدي إلا إلى انفجار قادم، تكون تبعاته كارثية على الأمن الدولي والإقليمي".
وحذّر الاتحاد في نبرة إنذارية أن "العدو لا يكتفي بعدوانه على غزة أو دمشق، وإنما يسعى لإخضاع المنطقة كلها للفوضى"، مشيرًا إلى أن "من لا يتحرك الآن لحماية سوريا وفلسطين، فلن يسلم غدًا من نفس المخطط".
وتأتي هذه الإدانات بالتزامن مع توتر أمني واسع تشهده محافظتا السويداء ودرعا جنوبي البلاد، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن غارات جوية، بذريعة "نزع السلاح من الجنوب" و"حماية المكوّن الدرزي"، وهي ذرائع رفضها قادة الطائفة مراراً، مؤكدين تمسكهم بوحدة سوريا ورفضهم لأي تدخل خارجي.
ورغم أن الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد
الشرع لم تصدر أي تهديدات تجاه الاحتلال الإسرائيلي، تواصل تل أبيب اعتداءاتها شبه اليومية، مبررة تدخلها بحماية "
الدروز" أو منع ما تسميه "التمركز الإيراني" في الجنوب السوري، وهي ذرائع تعتبرها دمشق "غطاءً لخرق سيادتها ومحاولة لزعزعة الاستقرار".
اظهار أخبار متعلقة