شهدت الساحة الأردنية في الشهور الأخيرة، مئات الاعتقالات والاستدعاءات الأمنية، لنشطاء ونقابيين أغلبهم بسبب نشاطه في فعاليات مناصرة قطاع
غزة، وآخرون بسبب انتماءاتهم السياسية لا سيما بعد إنفاذ قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين.
وكشفت مصادر خاصة لـ"عربي21" فضلت عدم ذكر اسمها، أن السلطات استدعت في الشهور الأخيرة مئات النشطاء، ومنعت العديد من الفعاليات المناصرة لغزة، كما فصلت تعسفيا عددا من النشطاء من أعمالهم، ونقلت معلمين ناشطين إلى أماكن بعيدة عن أماكن إقامتهم.
وكانت آخر الاعتقالات، بحق المعلم والناشط عبد الرحمن الدويري، بعد اعتراض سيارته في الشارع العام، بموجب قانون "الجرائم الإلكترونية" سيء السمعة.
اظهار أخبار متعلقة
وكانت الأسئلة خلال التحقيقات، بحسب المصادر، عن دورهم في إرسال التبرعات، أو التحويلات المالية، للفلسطينيين في قطاع غزة.
ويغادر عدد من النشطاء بعد التحقيق معه، فيما يبقى آخرون قيد الاحتجاز، وبعضهم يتم تحويله إلى محافظ العاصمة الذي يملك حق توقيفه "إداريا" دون تهمة أو عرض على القضاء.
وترافق مع حملة الاعتقالات والاستدعاءات، حملة تحريض واسعة عبر الإعلام الرسمي، والمحلي، على الحركة الإسلامية بشقيها، جماعة الإخوان المسلمين، وحزب جبهة العمل الإسلامي، لا سيما بشأن "أموال الجماعة"، حيث اتهمت الدولة الإخوان بجمع ملايين الدنانير بطرق غير مشروعة، واستخدامها بالشكل ذاته.
الأسبوع الماضي، أعلنت السلطات الأردنية، البدء بإجراءات بحق جمعيات وشركات بزعم أنها واجهات مالية لجمعية جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في المملكة، وفق مصدر لوكالة الأنباء الأردنية، لم تسمه.
وفي التفاصيل، قام مراقب عام الشركات بتحويل مخالفات لشركة "منتدى تدريب وتمكين المرأة والطفل" إلى النائب العام بسبب مخالفات مرتكبة من قبلها، إذ لم تقم الشركة بتزويد مراقب الشركات بالبيانات المالية للعام 2024، كما لم تفصح عن المستفيد الحقيقي لها.
كما قامت وزارة التنمية الاجتماعية بتحويل 3 جمعيات إلى النائب العام وهي؛ "جمعية الهلال الأخضر" و"جمعية العروة الوثقى" و"مبادرة سواعد العطاء"، بسبب تجاوزات إدارية وجمع التبرعات بشكل غير مشروع.
وبعد المتابعات القانونية لـ "جمعية زهور البراري" قررت الهيئة الإدارية حل نفسها، فيما تعمل وزارة التنمية الاجتماعية على تتبع نشاط جمعية لرجال الأعمال يقوم عليها منتمون لجماعة الإخوان، ويرأسها نائب سابق.
وقالت الوكالة إن السلطات المعنية تتابع ملف أملاك الجماعة من حسابات بنكية وأموال وعقارات، لاتخاذ المقتضى القانوني حيالها.
وبعد التحقيقات، اتهمت الحكومة الأردنية، الجماعة بجمع نحو 30 مليون دينار (42 مليون دولار)، بشكل غير مشروع.
في المقابل، ردّ النائب عن
حزب جبهة العمل الإسلامي، ينال فريحات، على التقرير الرسمي وما تبعته من تغطيات إعلامية ، بمنشور، تساءل فيه عن الأولويات الوطنية في ظل أزمة اقتصادية خانقة، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"التضخيم الإعلامي" لقضية الجماعة.
وكتب فريحات: "أكثر من 45 مليار دينار مديونية، وأكثر من 2 مليار عجز سنوي، و470 ألف طلب توظيف في ديوان الخدمة، و50% من الشباب عاطلين عن العمل… واليوم أصبحت أعتقد بأن الجماعة هي السبب وراء كل ذلك؟!".
معتقلون إداريا
في وقت سابق، قدمت كتلة الإصلاح النيابية، في البرلمان الأردني، مذكرة لرئيس الوزراء، طالبته فيها باتخاذ إجراء بحق الناشطين الموقوفين إداريا في الأردن على خلفية قضايا سياسية.
وجاء في المذكرة التي قدمها النائب عن حزب جبهة العمل الإسلامي، أحمد الرقب: "ونحن دولة القانون والمؤسسات؛ هل يقبل أن يحبس ثلة من الشباب. أكثر من ستة أشهر تحت ذريعة ما يسمى بالتوقيف الإداري؟".
ولفت النائب إلى أن التوقيف الإداري، غير مبرر، ويرتب نتائج سلبية ونفسية على الموقوفين وذويهم ؛ مما يستلزم إتخاذ ما أمكن من إجراءات إيجابية تتجاوز "البيروقراطية" وآثارها السلبية، على حد تعبيره.
من جانبه، قال نائب رئيس لجنة الحريات في حزب جبهة العمل الإسلامي، والناشط الحقوقي، المحامي عبدالقادر الخطيب لـ"عربي21" إن التوقيف الإداري يعود لزمن الأحكام العرفية التي ألغيت، وتم حصره بأصحاب السرقات والأتاوات وليس للقضايا السياسية، أو الذين تم تكفيلهم او ظهرت براءتهم، وهو تغول على القانون.
وتابع الخطيب بأن التوقيف الإداري هو غالبا بإيعاز من الأجهزة الأمنية، وهو ما حصل في كثير من القضايا التي تمت بحق بعض الشباب الموقوفين.
وأكد أنه لا يجوز في قضايا الحريات استخدام التوقيف الإداري، وهنالك قضاء يحاكمهم إن أخطأوا، وبعضهم تعدى 100 يوم، وبعضهم أضرب عن الطعام.
و"يعتبر هذا حجزا للحرية، ويجب على المحافظ أن يخضع للمساءلة، مشيرا إلى أن أحد المعتقلين موقوف على خلفية مشاركته في مسيرة مناهضة للاحتلال الإسرائيلي"، بحسب تعبيره.
وأضاف المحامي: "ندعو الحكومة ومجلس النواب للحد من التوقف الإداري الذي يعتبر مخالفة قانونية ودستورية".
من جانبها، قالت عائلة الشاب عبدالرحمن أبوشرخ إنها ابنهم معتقل منذ أكثر من 90 يوم دون أي تهمة وكان تلقى وعدا بالإفراج بعد 30 يوما على اعتقاله، لكنه ما يزال محتجزا حتى الآن، وقرر الدخول في إضراب عن الطعام.
وحملت العائلة الحكومة، والجهات المعنية كامل المسؤولية عن صحة وسلامة أبوشرخ، وطالبت بالإفراج الفوري عنه، خاصة أن اعتقاله جاء على خلفية موقف إنساني وأخلاقي، بحسب تعبيرها.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، قالت في وقت سابق، إن مئات النشطاء يمثلون أمام القضاة الأردني، ويتم إسقاط العديد من التهم في نهاية المطاف، إلا أنهم بحسب ما قال محامون وناشطون يعاد اعتقالهم عبر وزارة الداخلية باستخدام إجراءات الاحتجاز الإداري "المسيئة"، ويجبر بعض المحتجزين على توقيع تعهدات بعدم الاحتجاج أو التحريض عليه تحت طائلة دفع غرامات طائلة.
اظهار أخبار متعلقة
وفي تقريرها الأخير للوضع الحقوقي في الأردن لعام 2024، قالت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، إن المحافظين المحليين في الأردن يواصلون استخدام قانون منع الجرائم الذي يعود إلى 1954 لاحتجاز النشطاء، دون توجيه تهمة، أو المثول أمام هيئة قضائية مختصة.
وبحسب المادة 3 من قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954م، يجوز للمحافظ أن يصدر قرارا احترازيا بتوقيف "كل من وجد في مكان عام أو خاص في ظروف تقنع المتصرف بأنه كان على وشك ارتكاب أي جرم أو المساعدة على ارتكابه.
و"كل من اعتاد اللصوصية أو السرقة أو حيازة الأموال المسروقة أو اعتاد حماية اللصوص أو إيواءهم أو المساعدة على إخفاء الأموال المسروقة أو التصرف فيها".
و"كل من كان في حالة تجعل وجوده طليقاً بلا كفالة خطراً على الناس".
ومطلع العام الجاري، كشف وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، أن هنالك قرابة 1500 موقوف إداريا في المملكة.