أظهرت بيانات رسمية صادرة عن دائرة الإحصاء المركزية في الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، ارتفاع معدل
التضخم السنوي إلى 3.3% خلال شهر حزيران/يونيو الماضي، مقارنة بـ3.1% في أيار/مايو الماضي، متجاوزا توقعات "رويترز" التي بلغت 3.1%.
ويأتي هذا الارتفاع في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن صناع السياسات النقدية في "بنك إسرائيل" لن يُقدموا في المدى القريب على خفض أسعار الفائدة، رغم الضغوط الاقتصادية الناجمة عن التصعيد العسكري الأخير مع
إيران واستمرار
الحرب على غزة.
الفائدة باقية عند مستوياتها المرتفعة
كان "بنك إسرائيل" قد أبقى، الأسبوع الماضي، على سعر الفائدة القياسي عند 4.5% للمرة الثانية عشرة على التوالي، في خطوة تعكس قلقا متزايدا بشأن عودة الضغوط التضخمية رغم التباطؤ الاقتصادي الملحوظ.
ورغم أن بعض الاقتصاديين كانوا يتوقعون بدء دورة خفض الفائدة في آب/أغسطس، فإن الارتفاع الأخير في مؤشر أسعار المستهلكين قلّص من فرص حدوث ذلك قريبًا.
وتشير تقديرات البنك إلى ثلاث تخفيضات محتملة بواقع 25 نقطة أساس خلال عام، إذا ما تراجع التضخم إلى نحو 2.2% كما هو متوقع.
تضخم شهري أعلى من المتوقع
على المستوى الشهري، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في حزيران/يونيو الماضي٬ بنسبة 0.3%، مقارنة بانخفاض نسبته 0.3% في أيار/مايو الماضي، مدفوعا بزيادة ملحوظة في تكاليف الترفيه، والغذاء، والخضروات الطازجة، والإسكان، والرعاية الصحية، والنقل والاتصالات. وقد حدّت تراجعات في أسعار الفواكه الطازجة والملابس والأثاث من ارتفاع المعدل العام.
وكانت التقديرات تشير إلى زيادة شهرية تبلغ 0.1% فقط، ما يبرز المفاجأة السلبية التي ستؤثر حتماً في حسابات بنك إسرائيل بشأن السياسة النقدية في المرحلة المقبلة.
اظهار أخبار متعلقة
الحرب تفرض أثمانًا اقتصادية باهظة
وشهدت معدلات التضخم تقلبات لافتة منذ بداية عام 2025، نتيجة اضطراب أسعار الطيران والسفر بسبب تداعيات الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران في حزيران/يونيو الماضي، إضافة إلى استمرار العدوان على قطاع غزة، وهي عوامل ساهمت في إغلاق مطار "بن غوريون" ووقف معظم شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى تل أبيب.
وفي هذا السياق، صرّح محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، الأسبوع الماضي، أن الحرب مع إيران كلفت الاقتصاد الإسرائيلي ما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي بشكل مباشر، نتيجة لتكاليف الدفاع والإجلاء والتعويضات والمصاريف الأمنية الطارئة، وهو ما يُقدر بنحو 5.5 مليارات دولار استنادا إلى الناتج المحلي التقديري لعام 2024 البالغ 550 مليار دولار.
الحرب تضرب الجدارة الائتمانية
وفي تطور لافت، أبقت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني الأسبوع الماضي على تصنيف الاحتلال الإسرائيلي عند "Baa1" للعملتين المحلية والأجنبية، لكنها حافظت على النظرة المستقبلية السلبية، محذّرة من أن الصراع العسكري مع إيران يفاقم الضغوط على المالية العامة الإسرائيلية.
ورصد تقرير "موديز" تفاقم هشاشة الوضع المالي الإسرائيلي، وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، متوقعة أن ترتفع نسبة الدين العام إلى نحو 75% من الناتج المحلي الإجمالي في المدى المتوسط، نتيجة لتزايد الإنفاق الدفاعي وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وسبق أن حذّرت وكالة "ستاندرد آند بورز" في أيار/مايو الماضي من أن استمرار التصعيد العسكري قد ينعكس سلبًا على الأداء الاقتصادي والمالي لإسرائيل، رغم إبقائها على التصنيف عند "A/A-1"، فيما اعتبرت وكالة "فيتش" أن تداعيات الحرب مع إيران تظل ضمن القدرة الاستيعابية للتصنيف الحالي "A" مع نظرة سلبية.
ويبدو أن الاحتلال الإسرائيلي سيواصل مواجهة تحديات مزدوجة على الصعيدين المالي والنقدي، مع استمرار معدلات التضخم خارج نطاق السيطرة، وغياب أفق واضح لانتهاء التصعيد العسكري في الجنوب والشمال، في ظل ضغوط متزايدة على الحكومة والاقتصاد من الداخل والخارج.