حققت شركة "إنفيديا" الأمريكية إنجازاً غير مسبوق في تاريخ الأسواق المالية، بعدما تجاوزت قيمتها السوقية حاجز 4 تريليونات دولار للمرة الأولى، في ظل الطلب المتسارع على تقنيات
الذكاء الاصطناعي، ما عزز مكانتها كأكثر الشركات استفادة من طفرة الصناعة الحديثة.
وارتفع سهم الشركة المتخصصة في تصميم
رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة بنسبة 2.59% خلال تداولات أمس الأربعاء، ليصل إلى 164.11 دولاراً، ما منحها موقع الريادة كأول شركة في التاريخ المدرجة على البورصات العالمية تبلغ هذه القيمة السوقية، متجاوزة عملاقي التكنولوجيا "مايكروسوفت" و"آبل"، اللتين بلغتا سابقاً حاجز 3 تريليونات دولار.
من صانعة رقائق إلى عملاق الذكاء الاصطناعي
تأسست إنفيديا عام 1993 وتتخذ من ولاية كاليفورنيا مقراً لها. وحققت قفزات هائلة في السنوات الأخيرة بفضل ريادتها في تطوير وحدات معالجة الرسوميات (GPU) التي تُعد العمود الفقري لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، بما فيها النماذج اللغوية الكبرى على غرار "
شات جي بي تي".
واستفادت الشركة من الزخم الذي صاحب انطلاقة موجة الذكاء الاصطناعي في أعقاب إطلاق OpenAI لتقنية "شات جي بي تي" أواخر عام 2022، لتتحوّل إلى أحد أبرز الأعمدة التقنية التي يُعتمد عليها في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
وبحسب بيانات السوق، فقد ارتفع سهم إنفيديا بأكثر من 15 ضعفاً خلال السنوات الخمس الماضية، وسجّل ارتفاعاً بأكثر من 22% منذ بداية العام الحالي، و15% خلال شهر واحد فقط، ما يعكس حجم الرهانات الضخمة من المستثمرين على مستقبل الشركة.
إنفيديا تتجاوز مايكروسوفت وآبل
ومع تسجيل هذا الرقم القياسي، أطاحت إنفيديا بمنافستها "مايكروسوفت" من قمة ترتيب الشركات الأعلى قيمة في العالم، رغم أن الأخيرة تُعدّ من أبرز عملاء إنفيديا في قطاع الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تجاوزها لشركة "آبل"، التي لطالما تربّعت على رأس قائمة عمالقة وول ستريت.
وكانت إنفيديا قد وصلت إلى حاجز 2 تريليون دولار للمرة الأولى في شباط/فبراير 2024، ثم قفزت إلى 3 تريليونات في حزيران/يونيو الماضي، في مسار تصاعدي غير مسبوق يُترجم التوسع العالمي في تقنيات الذكاء الاصطناعي والبُنى التحتية الحاسوبية المتقدمة.
اظهار أخبار متعلقة
خسائر في الصين.. ولا تأثير على الزخم
ورغم هذا الصعود القياسي، تواجه إنفيديا تحديات متزايدة في السوق الصينية، نتيجة القيود الأمريكية المفروضة على تصدير الرقائق عالية الأداء إلى بكين، ضمن سياق التوترات الجيوسياسية بين واشنطن وبكين.
وفي هذا السياق، أعلنت الشركة في وقت سابق من حزيران/يونيو الماضي، أن القيود الجديدة على تصدير رقائقها من نوع H20 المصمّمة خصيصاً للسوق الصينية ستتسبب بخسائر مبيعات تقدّر بـ8 مليارات دولار.
ورغم هذه الأرقام، لم تتأثر أسهم الشركة بشكل سلبي، بل واصلت ارتفاعها معتمدة على تنامي الطلب العالمي خارج الصين.
مستقبل الذكاء الاصطناعي.. وإنفيديا في الصدارة
بحسب مراقبين، فإنّ القيمة السوقية الهائلة التي حققتها إنفيديا تؤشر إلى تحوّل جوهري في خريطة الاقتصاد العالمي، حيث باتت تقنيات الذكاء الاصطناعي هي المحرك الأول للنمو في وول ستريت، بعد عقود من هيمنة شركات البرمجيات وأنظمة التشغيل.
ويرى خبراء أن إنفيديا ستظل حجر الزاوية في سباق التسلّح التكنولوجي العالمي، سواء على صعيد مراكز البيانات أو تطوير الخوارزميات أو قيادة صناعة الحوسبة الفائقة، في وقت تتسابق فيه الحكومات والشركات الكبرى لتعزيز تفوقها في الذكاء الاصطناعي.
وبذلك، تدخل إنفيديا مرحلة جديدة من التأثير الاقتصادي والاستراتيجي، ليس فقط في الأسواق المالية، بل في صياغة مستقبل التقنية العالمية، وسط منافسة محتدمة وتحديات تنظيمية وسياسية آخذة في التصاعد.