سياسة عربية

مليشيا "الشفتة الإثيوبية" تهاجم قرى سودانية حدودية

ميليشيات إثيوبية تهاجم ثلاث قرى سودانية حدودية - جيتي
ميليشيات إثيوبية تهاجم ثلاث قرى سودانية حدودية - جيتي
هاجمت مليشيات إثيوبية مسلحة تعرف باسم "الشفتة"، الاثنين، عدداً من القرى السودانية في ولاية القضارف الحدودية، في هجوم مفاجئ تزامن مع بداية الموسم الزراعي في المنطقة، ما أثار قلقاً واسعاً في أوساط المزارعين واللجان المحلية.

وبحسب ما نقلته وكالة "فرانس برس" عن شهود عيان ومزارعين، فإن الهجمات استهدفت قرى بركة نورين، وود عاروض، وود كولي، حيث قامت المليشيات بعمليات نهب واسعة للمواشي والجرارات الزراعية تحت تهديد السلاح، وسط إطلاق نار كثيف تسبب في حالة من الهلع بين السكان، لكن دون ورود أنباء مؤكدة عن سقوط ضحايا حتى اللحظة.

هجمات ممنهجة مع بداية الموسم الزراعي
وقال أحد مزارعي قرية ود كولي، الواقعة على بعد 11 كيلومتراً من الحدود الإثيوبية، إن مجموعة مسلحة من الشفتة "أحاطت بالقرية أثناء تواجدنا في المزارع، وبدأت بإطلاق النار، ثم استولت على أبقار وتراكتورات بقوة السلاح". 

بينما أكد أحد سكان ود عاروض أنهم سمعوا صوت إطلاق نار أثناء عملهم في الزراعة، ولدى عودتهم وجدوا أن المليشيات قد نهبت ماشيتهم وتسللت عائدة إلى داخل الأراضي الإثيوبية.

وتأتي هذه الاعتداءات في توقيت حرج، إذ بدأ المزارعون في التحضير لموسم الأمطار الأساسي الذي يمتد من تموز/ يوليو إلى أيلول/ سبتمبر من كل عام، والذي يشكّل العمود الفقري للإنتاج الزراعي في المنطقة. ووفقاً لشهادات السكان، فإن حالة الهلع وانعدام الأمن أجبرت كثيرين على التراجع عن زراعة أراضيهم.

أزمة إنسانية خانقة
تزيد هذه التطورات من تعقيد الأوضاع الإنسانية المتدهورة في السودان، الذي يعيش على وقع حرب أهلية طاحنة منذ نيسان/ أبريل 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلّفت آلاف القتلى، وتسببت في انزلاق نحو 25 مليون شخص إلى حالة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بحسب تقارير أممية.

ويرى مراقبون أن تكرار الاعتداءات الحدودية، لا سيما في مثلث الفشقة، سيؤدي إلى تفريغ الأراضي الخصبة من سكانها، وتفاقم أزمة الغذاء في البلاد، التي توصف حالياً بأنها أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.

اظهار أخبار متعلقة


منطقة نزاع مزمن
وتُعد منطقة الفشقة الكبرى إحدى أكثر المناطق حساسية على الحدود بين السودان وإثيوبيا، وتمتد على مساحة تقدر بنحو 1.2 مليون هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة. 

وتاريخياً، كانت هذه المنطقة موضع نزاع دائم بين البلدين، ومرتعاً لنشاط المليشيات العابرة للحدود.

وعلى الرغم من أن الجيش السوداني انتشر في المنطقة عام 2020 عقب اندلاع الحرب في إقليم تيغراي الإثيوبي المجاور، إلا أن الحدود ظلت غير محكمة، مما سمح للمليشيات الإثيوبية باستئناف هجماتها، خصوصاً مع انشغال الجيش السوداني بالصراع الداخلي ضد الدعم السريع.

وتقع الفشقة بمحاذاة إقليم تيغراي الإثيوبي، الذي شهد نزاعاً دموياً منذ عام 2020 خلّف ما لا يقل عن 600 ألف قتيل، بحسب تقديرات دولية. وتشير تقارير محلية إلى أن آلاف اللاجئين والمزارعين الإثيوبيين عبروا إلى السودان خلال السنوات الماضية، هرباً من الحرب أو بحثاً عن أراضٍ زراعية.

تجاهل رسمي وتدهور أمني
وبحسب لجان المقاومة المحلية، فإن الهجمات الأخيرة لم تقتصر على القرى الثلاث، بل شملت أيضاً مناطق ريفية أخرى في ولاية القضارف، وسط غياب شبه كامل لأي رد فعل حكومي أو تحرك أمني فاعل للحد من التعديات المتكررة.

ويحذّر ناشطون ميدانيون من أن استمرار الفراغ الأمني في مناطق التماس الحدودي، قد يؤدي إلى تحول المنطقة إلى بؤرة صراع مفتوح، خصوصاً مع دخول أطراف غير رسمية في المعادلة الحدودية، سواء من المليشيات الإثيوبية أو الجماعات المسلحة الأخرى.
التعليقات (0)