ملفات وتقارير

أبحرت بظهرها مثل "حنظلة".. سفينة أسطول الحرية الجديدة تتجه إلى غزة

انطلقت السفينة ضمن تحالف أسطول الحرية باتجاه قطاع غزة من مدينة سيراكوزا الإيطالية- منصة "إكس"
انطلقت السفينة ضمن تحالف أسطول الحرية باتجاه قطاع غزة من مدينة سيراكوزا الإيطالية- منصة "إكس"
أبحرت سفينة "حنظلة" التابعة لتحالف أسطول الحرية تجاه قطاع غزة بظهرها أولًا، ورغم أن ذلك قد يعود لأسباب تتعلق بالظروف الجوية، إلا أنها مفارقة لا يمكن تجاهلها بسبب تسميتها تيمنًا بالشخصية الشهيرة التي أدارت ظهرها للعالم حتى "يسترد الإنسان العربي حريته وإنسانيته".

وأوضح التحالف أنه بسبب الرياح القوية "ارتدّت السفينة نحو الرصيف، قبل أن تنطلق مجددًا وهي تُبحر بظهرها من خلال مهارات قيادة رائعة وإصرار منقطع النظير من القبطان وطاقمه".



وانطلقت السفينة ضمن تحالف أسطول الحرية باتجاه قطاع غزة من مدينة سيراكوزا الإيطالية، بهدف كسر الحصار الإسرائيلي غير القانوني، مع الإعلان أن هذه المهمة موجهة لأطفال غزة، وذلك بعد أسابيع قليلة من استيلاء الاحتلال على سفينة "مادلين"، واعتقال 12 مدنيًا كانوا على متنها في المياه الدولية.

وأكد تحالف أسطول الحرية أن أطفال غزة يواجهون الآن المجاعة والمرض والصدمات التي لا يتخيلها إلا القليل، قائلًا: "لسنا حكومات.. نحن أناس نتحرك حيث فشلت المؤسسات، ولن نتراجع".

من على متن السفينة؟
تحمل السفينة 18 عضوًا من دول متعددة، من بينهم مسعفون متطوعون وأخصائيون صحيون، ومحامون ومناصرون لحقوق الإنسان، وصحفيون وإعلاميون، ونشطاء في مجال العدالة الاجتماعية ومنظمون مجتمعيون.

ياسمين أكار
كانت على متن مادلين، وهي ناشطة ألمانية من أصول عربية وعضو في لجنة التوجيه في "أسطول الحرية"، وتولّت سابقًا مناصب قيادية في المجتمع الإسلامي بألمانيا، وهي معروفة بمواقفها القوية الداعمة للقضية الفلسطينية.


روبرت مارتن
ناشط أسترالي معروف في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، يشارك في مهمة سفينة حنظلة بعدما شارك سابقًا في مهمة توجهت إلى غزة عام 2015.


هويدا عرّاف
محامية وناشطة أمريكية–فلسطينية، شاركت في مهمة تشالنجير 1 عام 2010، ومؤسسة في حركة التضامن مع فلسطين.


من فرنسا
يضم الطاقم غابرييل كاثالا، وهي نائبة برلمانية فرنسية منتمية لتيار "فرنسا الأبية" اليساري المعروف بدعمه لحقوق الفلسطينيين، إضافة إلى إيما فورّو، وهي عضوة البرلمان الأوروبي فرنسية ومن حزب فرنسا الأبية أيضًا.




كريس سمولز
منظم عمالي أمريكي، وهو مؤسس أول نقابة داخل شركة أمازون، التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي بشكل واضح وتواجه حملات مقاطعة عالمية تكثفت منذ بدء حرب الإبادة الحالية.


تانيا صافي
صحفية من أستراليا، تعمل كصحفية ومنتجة، متخصصة في تغطية الأزمات الإنسانية.


ويضم الطاقم أيضًا الناشط الفلسطيني يزن عيسى، وفرانك رومانو وهو محامٍ ضمن طاقم السفينة، إضافة إلى بوب سوبيري وفيغديس بيورفاند وكوب بيرغر وغيرهم.


نظام التتبع
تعاون أسطول الحرية مع شركة "فورنسيك أركيتكتشر" لتزويد سفينة حنظلة بنظام تتبع متطور، وهي تقنية تلعب دورًا حاسمًا في ضمان سلامة من على متن السفينة، والحفاظ على الشفافية بشأن موقع السفينة، ومحاسبة المعتدين المحتملين على أفعالهم.

اقرأ أيضًا 
من هم النشطاء على متن سفينة "مادلين" المتوجهة إلى غزة؟

وقال التحالف في بيان له: "بينما تبحر سفينة حنظلة باتجاه غزة لتحدي الحصار الإسرائيلي المستمر، وهو حصار يُعتبر غير قانوني بموجب القانون الدولي، هناك خطر حقيقي وموثق جيدًا من اعتراضها من قبل القوات البحرية الإسرائيلية.

وواجهت أساطيل سابقة مداهمات عنيفة واعتقالات غير قانونية وعرقلة للبعثات الإنسانية، ولذلك لا يُعد نظام التتبع مجرد أداة ملاحة؛ بل هو شكل من أشكال الحماية للناشطين على متن هذه السفن".

وأكد التحالف أن سفينة "حنظلة" تبحر في ظل "الفظائع الجماعية المستمرة، منذ 18 آذار/ مارس 2025، عندما خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار واستأنفت هجماتها على غزة، قُتل ما لا يقل عن 6572 فلسطينيًا وجُرح أكثر من 23 ألفًا، من بينهم، قُتل أكثر من 700 شخص بالرصاص أثناء انتظارهم الطعام في نقاط التوزيع التي تسيطر عليها "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي فخ مميت متخفٍ في صورة برنامج مساعدات، وهيكل تحكم وقسوة يخدم الإبادة الجماعية الإسرائيلية".

ويذكر أن سفينة "حنظلة" هي جزء من تحالف أسطول الحرية، وهي شبكة دولية شعبية تبحر ضد الحصار منذ عام 2010، على متنها مسعفون متطوعون ومحامون ونشطاء في مجال العدالة الاجتماعية وصحفيون ومنظمون مجتمعيون.

لماذا حنظلة؟
قال التحالف إن هذا القارب سُمّي تيمنًا بالشخصية الكرتونية الفلسطينية حنظلة، الطفل اللاجئ حافي القدمين الذي أدار ظهره للظلم وتعهد ألا يلتفت حتى تتحرر فلسطين، ويحمل روحه وروح كل طفل في غزة حُرم من الأمان والكرامة والفرح.

وأضاف أنه في عامي 2023 و2024، أبحرت سفينة "حنظلة" إلى موانئ في أوروبا والمملكة المتحدة، لكسر الحصار الإعلامي والتفاعل مع الجمهور، بهدف تعزيز التضامن من خلال الفعاليات الصحفية والمنشآت الفنية والتثقيف السياسي في كل ميناء زارته.


Image1_7202514113241510400516.jpg

ويعيش أطفال غزة، الذين يشكلون أكثر من نصف السكان، تحت حصار وحشي طوال حياتهم، ومنذ أكتوبر 2023، استشهد أو جُرح أكثر من 50 ألفًا، وتيتم عشرات الآلاف، وشُرد ما يقرب من مليون شخص قسرًا.

وأوضح التحالف: "يواجهون جميعًا (الأطفال) الآن المجاعة والمرض والصدمات التي لا يتخيلها إلا القليل منا.. هذه المهمة من أجلهم".

والد حنظلة
عندما سُئل الفنان ورسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي "هل سيكبر حنظلة؟" قال: "سيكبر عندما يعود الوطن، سيظل في العاشرة حتى يعود الوطن.. عندها فقط يكبر حنظلة ويبدأ في النمو، قوانين الطبيعة المعروفة لا تُطبق عليه، إنه استثناء، لأن فقدان الوطن استثناء".

و"حنظلة" شخصية كاريكاتيرية ابتكرها العلي في رسومه للتعبير عن الهوية الفلسطينية، وعكس من خلالها حياته أيضًا، حيث قال إن "الصبي يمثل سنه حين أجبر على ترك فلسطين، ولن يزيد عمره حتى يستطيع العودة إلى وطنه".

وبرزت موهبة العلي الفنية خلال فترة الاعتقال من قبل الاحتلال ولبنان، وفي مخيم عين الحلوة، ثم دفعت به خارج المخيمات والسجون، وسافر إلى الكويت عام 1963 للعمل في مجلة “الطليعة” لينشأ وقتها "حنظلة".


Image1_7202514113257849240749.jpg

ولم تكن يدا حنظلة خلف ظهره عند ظهوره الأول في لوحات العلي عام 1969، بل نراه في بعض الرسوم حاملًا للسلاح ومتحدثًا بالعربية أو الإنجليزية، مدافعًا عن القضية الفلسطينية ومبشرًا بالثورة.

اقرأ أيضًا 
"الفن العدواني".. تحديات متجددة تواجه "الكاريكاتير"

وأدار حنظلة ظهره إلى العالم مكتفًا يديه خلف ظهره للإعلان عن رفض التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي عقب حرب أكتوبر 1973، ليظهر متمسكًا برفض السياسات الأمريكية لتسوية القضية الفلسطينية.

وأنتج العلي أكثر من 40 ألف عمل فني غير تلك التي منعتها الرقابة، بينما أصبح "حنظلة" أكثر شخصياته شهرة، رغم ابتكاره لشخصيات عدة في لوحاته لانتقاد عدد من القيادات الفلسطينية والعربية.

ومع إدارته الدائمة لظهره، سألت الكاتبة المصرية رضوى عاشور ناجي العلي "متى يمكن رؤية حنظلة؟" وكانت الإجابة "عندما تصبح الكرامة غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته".
التعليقات (0)