ملفات وتقارير

متطرف بريطاني وحسابات سعودية يحرّضون ضد ناشط حقوقي بسبب فلسطين

تومي روبينسون ناشط يميني متطرف معاد للإسلام- جيتي
شنّ الناشط البريطاني اليميني المتطرف تومي روبنسون هجوماً تحريضيا واسعا استهدف الحقوقي السعودي يحيى عسيري، المعارض لحكومة بلده.

واعتمد روبنسون أحد أبرز نشطاء اليمين المتطرف في بريطانيا، على تغريدات ليحيى عسيري يدعم فيها القضية الفلسطينية، ويندد بالعدوان الوحشي على قطاع غزة.

وكان لافتا أن حسابات سعودية بعضها يضع صور الملك سلمان، وولي العهد محمد بن سلمان، شاركوا روبنسون في التحريض على عسيري، وأبدت استعدادهم في مساعدته بتحريك دعوى قضائية ضد الحقوقي المعارض لدى المحاكم البريطانية.

وفي التعليقات على تغريدات روبنسون التحريضية، وضعت حسابات سعودية تصريحات سابقة تعود لأكثر من 13 عاما أدلى بها عسيري، وعبر عن موقفه تجاه فلسطين، مستخدما عبارة "من البحر إلى النهر"، والتي يعتبرها المؤيدون للاحتلال الإسرائيلي أنها عبارة معادية للسلامية.

وقال روبنسون متحدثا عن الحقوقي السعودي: "اسمه يحيى عسيري، ويقيم في لندن. وهو مدعوم من الإخوان المسلمين، ويدعم حماس. نريد إخراج هؤلاء الإرهابيين من بلدنا".

فيما رد عسيري على روبنسون: "تخيّل أنك تبذل جهدك لتعلّم نفسك، ثم يأتيك شخص جاهل ويتحدث إليك. هذا التافه سيعبدني لو دفعت له، لأنه لا يملك لا علماً ولا كرامة".

ويحيى عسيري معارض وحقوقي سعودي يقيم في بريطانيا منذ سنوات، وهو أمين عام حزب التجمع الوطني، ومؤسس منظمة "القسط" الحقوقية.


مشاركة سعودية بالتحريض
على الرغم من عداء روبنسون العلني للإسلام، وللمهاجرين، إلا أن حسابات سعودية شاركته التحريض على عسيري، وأعربت عن دعمها الكامل له في مساعيه لإلحاق الضرر بالمعارض السعودي.

ورد حساب سعودي يدعى "قيس" على روبنسون قائلا عن يحيى عسيري: "إنه معارض سعودي متطرف يدعم الإرهاب ويعارض السعودية لأنها معتدلة. حكومتكم تستضيف العديد من هؤلاء الأشخاص".

فيما تساءل منصور آل سرور في رد على روبنسون: "لماذا تحتفظ الحكومة البريطانية به (عسيري) وببقية فريقه مع الدعم الكامل لهم؟ لماذا لا يرحلونهم جميعا إلى بلدانهم الأصلية؟".

الناشطة دلال السبر شاركت روبنسون في التحريض، ووضعت تغريدة لعسيري من العام 2011 قال فيها "مرة أخرى أرى أني أقاتل في القدس وفي ساحات الأقصى واستيقظت على ذلك". وتغريدة أخرى من العام 2012، قال فيها "نحن معكم يا أهل غزة، نحن مع فلسطين من النهر إلى البحر، نحن مع المقاومة حتى القدس، حتى الأقصى".

وعلقت السبر على تغريدات عسيري القديمة قائلة "حكومة المملكة المتحدة لم تُدرك مدى خطورة هذا الرجل، أو مدى دعمه للتطرف والكراهية. لقد تحدثتُ عن هذا الأمر عدة مرات".

وجاء تعاطي الحسابات السعودية مع روبنسون، رغم أن الأخير هاجم المملكة عدة مرات، وسخر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ قال نشر تغريدة تظهر لمسة ودية من الرئيس دونالد ترامب لكتف ابن سلمان. وعلق عليها "في السعودية يُمنع لمس ولي العهد. لكن ترامب هذا ما فعله".


من هو روبنسون؟
اسمه الحقيقي ستيفن يكسلي-لينون، وهو بالإضافة إلى كونه يميني متطرف معاد للإسلام، يعد من أبرز مشجعي كرة القدم الذين يملكون سجلا جنائيا طويلا منذ سنوات.

وارتبط روبنسون سياسيًا بالحركة اليمينية المتطرفة في بريطانيا. إذ أسس "رابطة الدفاع البريطانية" عام 2009، وهي حركة احتجاجية يمينية معروفة بمعاداة الإسلام والهجرة.

من خلال هذه الرابطة، ركّز روبنسون على تصوير الإسلام على أنه تهديد أمني وثقافي، وهو الدور الذي أكسبه شهرة إعلامية واسعة لكنه أيضًا جعل جهات إنفاذ القانون تراقبه عن كثب.

روبنسون المشجع لنادي لوتون تاون، أُدين عدة مرات منذ العام 2011 باستخدام سلوك تهديدي ومسيء، بعد قيادته مجموعة من المشجعين في شجارات جماعية ضخمة، ما دفع القضاء البريطاني بحظره من دخول الملاعب لعدة سنوات.

وفي العام 2012، تم اعتقال روبنسون لاستخدامه جواز سفر مزور باسم "أندرو ماكماستر" لدخول الولايات المتحدة، رغم حظر دخوله بسبب سجله الجنائي، ما أدى إلى سجنه لمدة 10 أشهر.

وفي العام 2013 وُجهت له تهم تتعلق بالاحتيال العقاري، حيث اعترف بالتورط في عمليات احتيال بلغت قيمتها 160 ألف جنيه إسترليني، وحُكم عليه بالسجن 18 شهرًا.

روبنسون تورط أيضًا في مضايقة وملاحقة صحفيين. ,في 2021 وُجهت له تهم تحرش وملاحقة لسيدة. كما اعترف سابقا بالإدمان على تعاطي المخدرات. واتُهم بأنه استخدم أموال التبرعات في شراء الكوكايين، ودفع أموال لبائعات الهوى، رغم نفيه ذلك، بحسب تقرير لـ"الغارديان".

التمويل والعلاقة بالاحتلال
يحظى تومي روبنسون، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة ومعاداته للإسلام، بدعم وتمويل واسع يتجاوز بريطانيا.

أبرز داعميه منتدى الشرق الأوسط (MEF)، الذي أعلن عن تمويل مصاريفه القانونية وتنظيم احتجاجات للمطالبة بالإفراج عنه خلال سجنه في 2018. ويقود المركز غريغ رومان، الذي عمل سابقًا في وزارتي الحرب والخارجية الإسرائيلية، فيما يرأسه دانيال بايبس، المصنّف كأحد أبرز الناشطين المناهضين للإسلام في الولايات المتحدة’، بحسب تقرير لـ"الغارديان".

كما تلقى روبنسون دعمًا من مجموعات يمينية في أستراليا، ومؤسسات أمريكية أخرى جميعها محسوبة على اليمين المتطرف.

ويعلن روبنسون عن تأييده الكامل للاحتلال الإسرائيلي في حربه ضد الفلسطينيين، وزار تل أبيب مؤخرا وبث فيديوهات دعائية حاول فيها الزعم بأن جزءا من الفلسطيينيين لا يعتبرون "إسرائيل" محتلة لأرضهم.

ونشر روبنسون تغريدة بعد زيارته تل أبيب، قال فيها "أدعم إسرائيل في كفاحها من أجل البقاء ضد الجهاديين المسلمين. ليس من أجل المال، بل مجانًا لأنهم حلفاء حضارتنا الغربية".

وأضاف "يفعلون ما هو الأفضل للشعب اليهودي، وعلينا أيضًا أن نفعل ما هو الأفضل لشعبنا"، محذرا من أن الإسلام "سيغتصب طريقه عبر كل أمة"، وهي عبارة عنصرية تصوّر الدين الإسلامي كقوة غازية تستخدم اغتصاب النساء في حربها ضد الشعوب غير المسلمة.

العداء للإسلام
إلى جانب سجله الجنائي، يشتهر روبنسون بعدائه العلني للإسلام. على مدار سنوات، ربط بين الدين الإسلامي والجريمة والإرهاب، مدعيًا أن الجماعات الإسلامية مسؤولة عن الجرائم المنظمة، مثل شبكات الاعتداء الجنسي على الأطفال.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وصف الإسلام بأنه مصدر "المشاكل" في الغرب، وشارك مقاطع تحذر من الزواج القسري و"النكاح الإسلامي" الذي يصفه بأنه استغلال للأطفال، مروجًا لنظريات عن تأثير الشريعة على المجتمع الغربي.

كما ركّز على ربط المسلمين بالإرهاب، زاعما أن الغالبية العظمى من الأشخاص على قوائم المراقبة الإرهابية في بريطانيا هم من المسلمين، ودعا إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الجماعات الإسلامية، كما روج لفيديو يدعو إلى نزع صفة الدين عن الإسلام.