ظهر الرئيس الفنزويلي نيكولاس
مادورو، الأحد، علنا للمرة الأولى منذ أيام، واضعا حدا لموجة واسعة من التكهنات التي اجتاحت البلاد حول احتمالات فراره، في ظل تصاعد التوتر العسكري مع
الولايات المتحدة.
وكان غياب مادورو عن المشهد منذ الأربعاء الماضي٬ وهو تاريخ نشره مقطع فيديو لنفسه يقود سيارته في شوارع كاراكاس عبر تطبيق "تيليغرام"٬ قد أثار تساؤلات عميقة حول مكانه، خاصة أنه اعتاد الظهور التلفزيوني المتكرر.
لكن الرئيس الفنزويلي ظهر فجأة في حفل توزيع جوائز القهوة المتخصصة في بلدة ميراندا قرب العاصمة، حيث بدا جالسا أمام الحضور وهو يكرم منتجي القهوة ويتذوق أصنافا متنوعة، دون أن يتطرق مباشرة للأزمة الحالية التي تهز البلاد.
وبختام الحفل، أطلق مادورو تصريحات مبطنة حملت رسائل سياسية واضحة، مؤكدا أن "
فنزويلا غير قابلة للتدمير، لا يمكن المساس بها، ولا تقهر"، في إشارة فهمت على أنها رد على التحركات العسكرية الأمريكية. وكانت واشنطن قد نشرت أكثر من 12 سفينة حربية وحشدت نحو 15 ألف جندي قرب السواحل الفنزويلية، في إطار حملة تقول إنها تستهدف "مكافحة تهريب المخدرات"، فيما ترى كاراكاس أنها محاولة لإجبار مادورو على التنحي.
وجاء الظهور العلني للرئيس الفنزويلي بعد لحظات من تصريح أدلى به الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، أكد فيه أنه تحدث هاتفيا مع مادورو. وردا على سؤال للصحفيين على متن طائرة الرئاسة حول المكالمة، قال ترامب: "لا أريد التعليق على ذلك.. الجواب هو نعم"، مضيفا: "لا أستطيع أن أقول إن الأمر سار بشكل جيد أو سيئ".
ولم يصدر أي تعليق فنزويلي رسمي حول المكالمة، فيما تجنب كبار مسؤولي الحكومة، بمن فيهم رئيس الجمعية الوطنية خورخي رودريغيز، مناقشة الموضوع، إذ ركز مؤتمر رودريغيز الصحفي على الإعلان عن تحقيق في الهجمات البحرية الأمريكية الأخيرة في البحر الكاريبي.
وأكد ترامب لاحقا أن تحذيره عبر "تروث سوشيال" بشأن اعتبار المجال الجوي الفنزويلي "مغلقا"، لا يعني أن ضربة جوية وشيكة. وقال: "لا تفسروا الأمر على أنه خطأ"، موضحا أن الولايات المتحدة تعتبر فنزويلا "دولة غير صديقة".
وكانت كاراكاس قد ردت بلهجة حادة، مؤكدة أن على واشنطن "احترام المجال الجوي الفنزويلي بشكل غير مشروط"، وأن سيادة البلاد "غير قابلة للتفاوض".
وفي خضم التصعيد، أصدر مادورو تعليمات للقوات الجوية بالجاهزية القصوى، تحسبا لأي هجوم أمريكي محتمل. وجاء ذلك بعد خطوة أمريكية مثيرة للجدل في آب/أغسطس الماضي، حين أصدر ترامب أمرا تنفيذيا بزيادة العمليات العسكرية في أمريكا اللاتينية تحت ذريعة "مكافحة عصابات المخدرات".
وفي السياق ذاته، أعلنت واشنطن إرسال سفن حربية وغواصة إلى السواحل الفنزويلية، فيما قال وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث إن الجيش "جاهز لجميع العمليات، بما فيها تغيير النظام" في فنزويلا.
وردا على هذه التحركات، أعلن مادورو تعبئة قوات يبلغ عددها 4.5 ملايين شخص استعدادا لصد أي هجوم محتمل. وتسببت الهجمات البحرية الأمريكية على قوارب في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، بذريعة تهريب المخدرات، ومقتل أشخاص كانوا على متنها، بإثارة جدل دولي واسع حول "عمليات القتل خارج نطاق القانون".
وتحذر كاراكاس من أن الخطوات الأمريكية قد تقود المنطقة إلى مواجهة مفتوحة.