كشفت
الحرب الإسرائيلية الأخيرة في العديد من الجبهات الحربية خلال العامين الأخيرين عن
ثغرات أمنية وعسكرية قاتلة، الأمر الذي يستدعي مراجعة شاملة لمواقف خبراء الأمن
الإسرائيليين حول الاتجاهات التي ستُشكّل ساحة المعركة في السنوات القادمة.
عامي
روخاكس دومبا محرر الشئون العسكرية بمجلة يسرائيل ديفينس، ذكر أن "الصورة
ستكون أكثر وضوحا في عالم الأمن والعسكر لعام 2026، حيث ستعتمد ساحة المعركة
المستقبلية أكثر من أي وقت مضى على مزيج من التقنيات المتقدمة، والاتصال متعدد
الأسلحة، وقدرات معالجة المعلومات السريعة، وتُشير شخصيات بارزة في سوق السلاح إلى
الحاجة إلى دفاع ذكي متعدد الطبقات، يجمع بين أجهزة الاستشعار والذكاء الاصطناعي،
ودمج المعلومات لمواجهة التهديدات منخفضة البصمة".
وأضاف
في
تقرير ترجمته "عربي21" أنه "بجانب
ذلك، تتزايد أهمية الدفاع السلبي والدفاع المدني، بالنظر لدروس الحروب الإسرائيلية
الأخيرة، حيث يُطلب من الصناعة تبني وتيرة تطوير ديناميكية بأسلوب التكنولوجيا
العالية، مع دمج البنى التحتية للذكاء الاصطناعي والسيبراني والسحابة، وستُمنح
الميزة التشغيلية للقادرين على فهم التقنيات، والاستجابة لها، ودمجها بسرعة".
ونقل
عن "غيرشون زلوتنيك، نائب رئيس المبيعات في شركة TSG، أن مجال الأمن العالمي يشهد تحولاً جذرياً، حيث تتطلب شدة
التهديدات على إسرائيل، بجانب التطور التكنولوجي المتسارع، تفكيراً متعدد
الطبقات، وقدرة سريعة على التكيف، ودقة عالية في المعلومات الاستخبارية، ففي مجال
الدفاع الجوي، يركز أحد التحديات الرئيسية على الطبقة القريبة من الأرض، وهي بيئة
مشبعة بالضوضاء البصرية والحرارية، حيث تعمل الطائرات بدون طيار، والطيور، وحتى المركبات
على الأرض.
يكمن الحل في دمج أجهزة الاستشعار المتقدمة، ودمج معلومات أجهزة
الاستشعار المتعددة، وتطبيق خوارزميات
الذكاء الاصطناعي".
وأشار دومبا إلى أن "هذه التقنيات من شأنها إتاحة تصفية الضوضاء، والكشف عن البصمات المنخفضة،
والتتبع الدقيق للأهداف المناورة في الوقت الفعلي، وتصنيف الأهداف، وفي الوقت
نفسه، هناك عودة ملحوظة لمبادئ الدفاع السلبي، وبعد فترة طويلة من الاستثمارات
المكثفة في أنظمة الدفاع النشط، يتوسع الفهم بأن الإنذار المبكر، وحماية الإسرائيليين
يشكلان طبقة أساسية إضافية لطبقة الدفاع النشط للحفاظ على المرونة التشغيلية
والاستمرارية الوظيفية".
وأكد
أن "العديد من الدول، ومنها إسرائيل، تتبنّى هذا المفهوم مع اكتساب
تقنيات متقدمة تدعم المهمة، تم تطويرها وإثباتها في الدفاع عن الجبهة الداخلية
الإسرائيلية، ومع تطور عالم الأسلحة ذاتية التشغيل الدقيقة، تزداد الحاجة لأدوات
متقدمة لمعالجة الصور متعددة المستشعرات، بما فيها صور الأقمار الصناعية، من أجل
توفير صورة أرضية دقيقة، وإنتاج بنك أهداف واسع بأقصى قدر من الدقة في وقت قصير".
أما
"آفي شيختر، الرئيس التنفيذي لشركة "مار"، فزعم أن ساحة المعارك
الإسرائيلية تشكل تحديًا معقدًا لقدرات التحكم في المعلومات، وسرعة اتخاذ القرار، وسيعتمد
النجاح العملياتي بالقدرة على صياغة صورة موحدة وسريعة وواضحة لجميع مستويات
القتال، من القيادة العليا إلى القائد الميداني، وفي عصر مشبع بالمعلومات المتدفقة
من مصادر متنوعة، كأجهزة الاستشعار، والطائرات بدون طيار، والأقمار الصناعية،
ووحدات الاستخبارات والمقاتلين، فإن التحدي الرئيسي ليس بجمع البيانات، بل بالقدرة
على معالجتها في الوقت الفعلي".
وأوضح شيختر أنه "لتحقيق ذلك، لابد من جمع المعلومات متعدد الأبعاد من جميع طبقات الفضاء:
الجو والبحر والبر والسيبراني والفضاء، ودمجها في نظام تحكم واحد قادر على رصد
التغيرات في ساحة المعركة، والتحذير من التهديدات الناشئة، بما يُمكّن من نقل
المعلومات بسرعة وموثوقية، حتى تحت نيران العدو، أو ضغط الحرب الإلكترونية، بجانب
قدرات الذكاء الاصطناعي، والتحليلات المتقدمة من التحليل، والتنبؤ والاستجابة في
الوقت الفعلي، مع دعم القرارات التكتيكية والاستراتيجية على حد سواء".
تشير
هذه القراءات الاسرائيلية إلى أن دروس الحروب الأخيرة ستبقى عالقة في أذهان صناع
القرار العسكري والأمني طويلا، في ظل ما ارتكبوه من أخطاء وإخفاقات، وما واجهته
الدولة من ثغرات قاتلة وجدت طريقها في الفشل الميداني على أكثر من جبهة حربية
وعسكرية في المنطقة.