أعلنت شركة
النفط السعودية العملاقة
أرامكو، الثلاثاء، عن انخفاض أرباحها في الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 2.3 بالمئة، متأثرة بتراجع أسعار النفط الخام والمنتجات البترولية، في حين شهدت تحسنا في أدائها مقارنة بالربع السابق بفضل زيادة الإنتاج وارتفاع الإيرادات.
وقالت الشركة، في بيان رسمي، إن صافي أرباحها بلغ 101.02 مليار ريال (26.94 مليار دولار) خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في 30 أيلول/سبتمبر الماضي، مقارنة بـ103.4 مليارات ريال (27.56 مليار دولار) في الفترة نفسها من العام الماضي.
ورغم الانخفاض السنوي، فقد ارتفع صافي الأرباح بنحو 19 بالمئة على أساس ربعي نتيجة زيادة إنتاج النفط الخام والبتروكيماويات وتحسن أسعار المنتجات المكررة.
وفي أعقاب إعلان النتائج، ارتفع سهم أرامكو بنسبة 1.1 بالمئة إلى 25.88 ريالا (نحو 6.9 دولارات) عند الساعة الخامسة صباحا بتوقيت غرينتش، ليعكس تفاؤلا حذرا في السوق بشأن تحسن الأداء المالي للشركة العملاقة.
زيادة في الإنتاج رغم تقلبات الأسعار
ووفق البيان، بلغ إجمالي إنتاج الشركة من الهيدروكربونات 13.27 مليون برميل من المكافئ النفطي يوميا خلال الربع الثالث، ارتفاعا من 12.8 مليون برميل في الربع السابق، مدفوعًا بتخفيف تحالف "أوبك بلس" للقيود الطوعية المفروضة على الإنتاج.
ويأتي ذلك بعد أن انخفضت العقود الآجلة للنفط الخام خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي للشهر الثالث على التوالي، حيث تراجعت الأسعار بأكثر من 2 بالمئة لتصل إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر، وسط مخاوف من فائض في المعروض وتوترات اقتصادية ناجمة عن الرسوم الجمركية الأمريكية.
وأشارت الشركة إلى أن الربح المعدل الذي لا يشمل البنود غير المتكررة بلغ 28 مليار دولار خلال الربع الثالث، متجاوزا تقديرات المحللين التي كانت عند 26.5 مليار دولار، بحسب البيانات المالية التي نشرتها أرامكو.
تركيز استراتيجي على الغاز
وفي خطوة تؤكد توجهها نحو تنويع مصادر الطاقة، أعلنت أرامكو رفع مستهدف نمو الطاقة الإنتاجية لغاز البيع بحلول عام 2030 إلى نحو 80 بالمئة فوق مستويات عام 2021، مقارنة بالهدف السابق البالغ أكثر من 60 بالمئة.
وقالت الشركة إن هذا التوسع سيؤدي إلى رفع إجمالي إنتاج الغاز والسوائل المصاحبة إلى نحو 6 ملايين برميل من المكافئ النفطي يوميا.
وفي هذا السياق، أوضح رئيس الشركة وكبير إدارييها التنفيذيين أمين الناصر أن جزءا كبيرا من هذه الزيادة سيأتي من توسعة مشروع الجافورة للغاز غير التقليدي، الذي وصفه بأنه محور رئيسي في طموحات المملكة لتصبح لاعبا عالميا في سوق الغاز الطبيعي.
وأضاف الناصر أن المشروع استقطب اهتماما كبيرا من المستثمرين الدوليين، لافتا إلى أن الشركة استكملت الأسبوع الماضي اتفاقية استثمار بقيمة 11 مليار دولار بنظام التأجير وإعادة التأجير لمرافق معالجة غاز الجافورة مع تحالف من المستثمرين، من بينهم شركة "جي آي بي" التابعة لـ"بلاك روك" الأمريكية.
أرباح للمساهمين ومصدر دخل للمملكة
وأكدت أرامكو توزيع أرباح إجمالية قدرها 21.3 مليار دولار عن الربع الثالث، تم تحديدها مسبقا، من بينها نحو 200 مليون دولار مرتبطة بالأداء.
وتعد هذه الأرباح مصدر دخل رئيسي للحكومة السعودية التي تمتلك 81.5 بالمئة من أسهم أرامكو بشكل مباشر، إضافة إلى 16 بالمئة أخرى عبر صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي للمملكة).
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن النفط شكل نحو 62 بالمئة من إيرادات الحكومة السعودية العام الماضي، وأن المملكة تحتاج إلى أسعار نفط تتجاوز 90 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانية عام 2025.
ارتفاع الدين وتمويل المشاريع
من ناحية أخرى، أشارت بيانات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في تقريرها الصادر في آب/أغسطس الماضي إلى أن الشركات السعودية، بما فيها أرامكو، شكلت نحو 18.9 بالمئة من إجمالي ديون الأسواق الناشئة المقومة بالدولار والبالغة 250 مليار دولار في النصف الأول من العام، مدفوعة بطلب قوي من المستثمرين العالميين.
وجمعت أرامكو 5 مليارات دولار من إصدار سندات في أيار/مايو الماضي و3 مليارات دولار أخرى من بيع صكوك في أيلول/سبتمبر، ليصل إجمالي الاقتراض إلى 95.1 مليار دولار في 30 أيلول/سبتمبر الماضي، مقارنة بـ80.9 مليار دولار في العام السابق.
كما ارتفع معدل المديونية إلى 6.3 بالمئة، صعودا من 1.9 بالمئة في نهاية أيلول/سبتمبر 2024، وهو ما يعكس توسع الشركة في تمويل مشاريعها المستقبلية، خصوصا في مجالات الغاز والطاقة النظيفة.
ويأتي هذا الأداء في وقت تواجه فيه أرامكو – أكبر شركة نفط في العالم من حيث القيمة السوقية – ضغوطا متزايدة بسبب تقلبات أسعار النفط العالمية وتباطؤ الطلب في الأسواق الآسيوية، بالتزامن مع مساعي السعودية لتقليل اعتماد اقتصادها على النفط الخام ضمن رؤية 2030.
ورغم التحديات، تؤكد الشركة أن استراتيجيتها طويلة الأمد تستند إلى زيادة مرونة عملياتها وتنويع مصادر دخلها، مع التركيز على الطاقة النظيفة والغاز الطبيعي والبتروكيميائيات، بما يضمن لها الاستمرار كأحد أبرز الفاعلين في سوق الطاقة العالمي.