نشر موقع "
كونفيرزيشن" مقالا، للمحاضرة في التغذية في جامعة بيكيت في ليدز، بيفرلي أوهارا، والمحاضر الأول في الغذاء والتغذية في جامعة هالام في شفيلد، جوردان بومونت، قالا فيه إنه منذ اعتماد دواء ويغوفي كعلاج لإنقاص الوزن عام 2021، ازداد الطلب على
أدوية GLP-1 بشكل كبير.
و
تُقلل هذه الأدوية من الشعور بالجوع وتُقلل من "الشهية" التي قد تُصعّب عملية إنقاص الوزن، ولكن على الرغم من أنها قد أحدثت نقلة نوعية للكثيرين ممن يُعانون من صعوبة إنقاص الوزن، إلا أنه لم يمضِ وقت طويل قبل أن تبدأ ردود الفعل السلبية ضدها.
ردا على ذلك، تحدّث مشاهير بارزون، مثل سيرينا ويليامز، عن استخدام هذه الأدوية على أمل أن يُساهم ذلك في مواجهة الوصمة المتزايدة المرتبطة باستخدامها.
وبحسب عدد من التقارير فإنّه: "ربما يتطلب الأمر أكثر من مجرد تأييد المشاهير لتغيير نظرة المجتمع للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، وصمة العار المرتبطة بأدوية إنقاص الوزن ليست سوى أحدث أشكال "رهاب السمنة"، لطالما وُصِمَ الوزن والسمنة في مجتمعنا، حتى أن البعض يعتبر السمنة عيبا أخلاقيا، وليست نتيجة تفاعل بيولوجي فريد للشخص مع قوى مجتمعية وبيئية معقدة".
وفي السياق نفسه، ساهم هذا المفهوم في
وصمة العار المرتبطة بالوزن والتحيز ضده، حيث يتبنّى الناس مواقف سلبية تجاه الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، ويمارسون التمييز ضدهم، في حين أن المبادرات الشعبية في السنوات الأخيرة سعت إلى الدعوة إلى قبول جميع الأجسام بغض النظر عن حجمها (مثل حركة إيجابية الجسم)، إلا أن وصمة العار ضد الأجسام الأكبر حجما لا تزال هي القاعدة، كما أظهر كاتبي المقال.
في وقت سابق من هذا العام، أجرى الباحثان بحثا حول تصورات الصحة والوزن، كجزء من
استطلاعهم، طُلب من 143 مشاركا وصف صور لبالغين بأوزان مختلفة، أظهرت هذه الصور أشخاصا يمارسون ما يُسمّى بسلوكيات "صحية" و"غير صحية" - مثل ممارسة الرياضة أو الاستلقاء على الأريكة.
كانت النتائج صادمة، أثارت صور الأشخاص النحيفين تعليقات أكثر ودية أو دافئة من المشاركين. ومع ذلك، وُصفت صور الأشخاص الذين يعانون من السمنة باستمرار باستخدام لغة سلبية ووصمية، مثل "كسول" و"قذر" و"متكاسل" و"غير جذاب".
إلى ذلك، كانت الرسالة واضحة، أنت بصحة جيدة ومرغوب فيه بقدر حجم جسمك، على الرغم من أن حجم الجسم ليس مؤشرا جيدا على الصحة الأيضية، إلا أن البحث يُظهر أن النحافة لا تزال تحظى بتقدير كبير وتُعتبر مؤشرا على الصحة - بغض النظر عن الحالة الصحية الفعلية للشخص.
ورغم أنّ معظم المشاركين أدركوا أن أسباب السمنة معقدة وليست مجرد خيارات نمط حياة، إلا أن هذه الرؤية لم تؤثر على مواقفهم تجاه الأشخاص الذين يعانون من السمنة. لا يزال التحيز على أساس الوزن يبدو شكلا مسموحا به من التمييز لدى البعض.
مع تزايد شيوع استخدام أدوية إنقاص الوزن، افترض فريق بحثي أن هذه الأدوية قد تُغيّر النظرة إلى السمنة، ما يُساعد مجتمعنا على إدراك أن الوزن مرتبط بالبيولوجيا أكثر من ارتباطه بقوة الإرادة، أجرى الفريق استبيانين لمعرفة ما إذا كان لأدوية إنقاص الوزن أي تأثير على تقليل التحيز تجاه الوزن.
أيضا، أظهرت نتائج هذا الاستطلاع عدم تغيّر شيء فيما يتعلق بوصمة الوزن، حيث اعتقد المشاركون بأغلبية ساحقة أن السمنة يمكن السيطرة عليها بقوة الإرادة، وأن استخدام أدوية إنقاص الوزن ظالم، وأنه "الحل السهل".
إن الحكم على الأشخاص لتناولهم أدوية إنقاص الوزن ليس سوى شكل جديد من أشكال وصمة الوزن. يُحكم على الناس سلبا في البداية لكونهم يعانون من زيادة الوزن، ثم يُحكم عليهم مرة أخرى لخضوعهم لـ"النوع الخاطئ" من العلاج.
وعلى الرغم من أن فقدان الوزن الكبير والمستمر من خلال التغييرات السلوكية وحدها أمر نادر للغاية، إلا أن البعض يعتبر تناول أدوية إنقاص الوزن "غشا"، ما يريده الناس هو "العمل الجاد الجيد". تُظهر الأبحاث أن الناس يميلون إلى النظر إلى شخص ما نظرة سلبية إذا لم يعتقدوا أنه يبذل جهدا لإنقاص وزنه.
ووفقا للتقرير ذاته، فإنّه: "غالبا ما يُنظر إلى "الطريقة الصحيحة" على أنها ممارسة قوة الإرادة، وزيادة النشاط البدني، وتناول كميات أقل من الطعام. يرى البعض أن استخدام أدوية إنقاص الوزن دليل على أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة "ضعفاء للغاية" أو "كسالى للغاية" لإنقاص وزنهم بالطريقة الصحيحة".
ضرر وصمة العار المرتبطة بهرمون GLP-1
يُحكم على استخدام دواء GLP-1 كطريقة لإنقاص الوزن بقسوة أكبر من فقدان الوزن بالطرق التقليدية، يُقال إن الخوف من هذا الحكم السلبي يدفع بعض المستخدمين إلى تناول أدوية GLP-1 سرا، بل وإخفاء استخدامهم عن أحبائهم.
لا نعرف حاليا النطاق الكامل وتأثير وصمة العار المرتبطة بأدوية إنقاص الوزن، من المحتمل أن تثني الناس عن طلب العلاج بهذه الأدوية، أو حتى تزيد من عزلتهم الاجتماعية، حيث ينسحب المستخدمون خوفا من الحكم عليهم.
وأكّد التقرير أنّ: "وصمة العار المرتبطة بالوزن ضارة بالفعل بالصحة الجسدية والنفسية، مما يؤدي إلى تدهور الصحة العامة، وحتى ظهور أعراض الاكتئاب. إن عبء إخفاء استخدام هذه الأدوية قد يزيد من خطر هذه الأضرار".
وأردف: "ما يثير القلق، أنه قد يمنع الناس من طلب الرعاية الطبية لأي آثار جانبية قد يتعرضون لها، سواء كانت مشاكل معوية خفيفة أو مضاعفات نادرة وخطيرة محتملة مثل أورام الغدة الدرقية، ومضاعفات معوية حادة، وحالة نادرة في العين قد تؤدي إلى فقدان البصر".
يجب على الأشخاص الذين يستخدمون أدوية إنقاص الوزن أيضا التعامل مع الجوانب النفسية المحتملة لعلاج GLP-1. فإلى جانب الحكم السلبي على تناول الأدوية، قد يكون هناك قلق بشأن العرض والقدرة على تحمل التكاليف، وشبَح استعادة الوزن، وتغير العلاقة مع الطعام.
ومن المفارقات القاتمة أنه على الرغم من زيادة الوعي واستخدام أدوية GLP-1 في مجتمعنا، لا تزال وصمة العار المرتبطة بالوزن منتشرة على نطاق واسع. إن الآثار الاجتماعية والعاطفية والجسدية لاستخدام هذه الأدوية ترقى إلى مستوى التزام مكلف، وليست في الواقع "حلا سهلا".