نشر موقع "
دروب سايت" تقريرًا يسلط الضوء على ما كشفته رسائل إلكترونية مسرّبة حول مساهمة ديفيد فروم، الكاتب السياسي البارز والمحرر في مجلة "ذا أتلانتيك"، في صياغة خطاب دبلوماسي
إسرائيلي خلال حرب
غزة عام 2014، وهي الحرب التي خلّفت آلاف الضحايا من المدنيين.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن فروم عمل سابقًا ككاتب خطب لجورج دبليو بوش، وساعد بوش في صياغة عبارة "محور الشر" الشهيرة. ولكن على الرغم من التحول الذي شهدته مسيرته المهنية في العمل الصحفي، إلا أنه لم يتخل عن شغفه الأصلي: كتابة الخطب للشخصيات السياسية النافذة.
بدأ فروم عمله كمحرر أول في مجلة "ذا أتلانتيك" في أذار/ مارس 2014، وفي تموز/ يوليو من نفس السنة، ساعد في كتابة خطاب للسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة آنذاك، رون بروسور، وذلك خلال حملة عسكرية إسرائيلية على غزة أودت بحياة أكثر من 2200 فلسطيني بينهم 551 طفلًا.
كانت "إسرائيل" تواجه في ذلك الوقت انتقادات دولية حادة بسبب سلوكها في حرب 2014، ووفقًا لرسائل إلكترونية مخترقة من بريد بروسور، فقد شارك عدد من الصحفيين، من بينهم فروم، والصحفي البريطاني دوغلاس موراي، والمنتجة السابقة في "سي إن إن" باميلا غروس، في تقديم دعم مباشر للحكومة الإسرائيلية، شمل كتابة الخطابات والمساعدة في تحسين الرسائل الإعلامية، بل وعرض بعضهم المساعدة في جمع التبرعات للجيش الإسرائيلي.
وأوضح الموقع أن هذه المراسلات وردت ضمن قاعدة بيانات لرسائل بريد إلكتروني حصلت عليها مجموعة "حنظلة" ونشرتها منظمة "ديستربيوتد دينايال أوف سيكرتس" غير الربحية، وهي منظمة غير ربحية تعمل في مجال الإبلاغ عن المخالفات ومشاركة الملفات.
وتبين التسريبات أن فروم أرسل مسودة خطاب لبروسور في 31 تموز/ يوليو 2014، خلال ذروة الهجوم على غزة، أشار فيها إلى أنه عمل عليها مع الكاتب سيث ماندل من مجلة "كومنتاري" المحافظة، موضحًا أن الجزء العلوي من الخطاب مطابق لما أُرسل سابقًا، بينما الجزء السفلي أقل حدة تجاه السياسة الأمريكية، وسأل السفير إن كانت الصيغة الجديدة أقرب إلى وجهة نظره.
وقد احتوى الخطاب على لغة عاطفية تربط بين الحرب الإسرائيلية على غزة وهزيمة النازية، واعتبر أن هذه حرب إسرائيل ضد سكان غزة تمثل "أصعب تحدٍ يواجه العالم الحر منذ عقود".
ورغم أن الخطاب كان موجهًا لمجلس الأمن، إلا أنه ركّز على حث الأمريكيين على دعم الحرب الإسرائيلية، محذرًا من الإرهاق الحربي، ومستشهدًا برموز تاريخية مثل الرئيس ترومان وخطة مارشال وتأسيس الناتو. ولم يُعرف ما إذا كان بروسور قد استخدم النص، إذ اكتفى بالقول إنه سيقرأه ويعود إليه لاحقًا.
في اليوم الذي سبق إرساله الخطاب إلى بروسور، تواصل فروم مع السفير من بريد إلكتروني آخر بصفته صحفيًا، طالبًا إجراء مقابلة قصيرة معه لمجلة "ذا أتلانتيك" حول تجربته كسفير في الأمم المتحدة.
وقد أحال بروسور الطلب إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية، وفي أيلول/ سبتمبر 2014، نشرت "ذا أتلانتيك" مقالًا لفروم بعنوان "رجل إسرائيل في الأمم المتحدة"، امتدح فيه السفير على صلابته ونجاحه في الدفاع عن إسرائيل ومنع صدور قرار عقابي من مجلس الأمن.
وأشار الموقع إلى أن فروم لم يكن الكاتب الوحيد الذي قدّم دعمه للسفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة خلال فترة الضغط الدولي على إسرائيل، إذ كان الصحفي البريطاني دوغلاس موراي، المحرر المساعد في مجلة "ذا سبيكتاتور"، يعرض على بروسور مسودة خطاب خاصة به لإلقائها أمام الأمم المتحدة.
فقد كتب موراي لبروسور في 31 تموز/ يوليو 2014 رسالة بعنوان "مسودة"، قال فيها: "سعيد بالحديث معك سابقًا. أرفق هنا أفكاري الأولية. ربما تكون طويلة قليلًا، وربما أضفت بعض العبارات الدبلوماسية أكثر مما يلزم... لكنني أعتقد أنني ضمنت كل النقاط التي ناقشناها".
وتضمن الخطاب المقترح عبارات مثل: "نحن الإسرائيليون تعلمنا التعايش مع الواقع من حولنا. نحن نعرف من نحن"، إضافة إلى انتقادات لجهود مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وعبارات مسيئة بحق المسلمين الأوروبيين، عرض موراي أيضًا مواصلة العمل على تطوير الخطاب بما يناسب السفير.
وأضاف الموقع أن موراي قدّم دعمًا إضافيًا لإسرائيل وجهودها العسكرية، إذ كتب لبروسور في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 يخبره بأنه نظّم فعالية جمعت أكثر من مليون جنيه إسترليني لصالح منظمة "رابطة رفاهية الجنود الإسرائيليين"، التي تأسست عام 1942 على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول دافيد بن غوريون، وتهدف إلى تقديم الدعم المالي المباشر لجنود ووحدات الجيش الإسرائيلي.
لم يُخفِ موراي سعادته بلقاء السفير بروسور ومساعدته، كما عبّر عن أمله في لقاء السفير مجددًا، وقال له: "لا تتردد في الاتصال بي إن استطعت تقديم أي مساعدة". وبعد ثلاثة أيام، رد بروسور برسالة شكر، مثنيًا على جهود موراي في جمع التبرعات والدفاع عن إسرائيل.
وأوضح الموقع أن موراي كثيرًا ما يتحدث عن التزامه المهني بالصحافة، ففي مناظرة له مع الكوميدي ديف سميث، استضافها جو روغان في نيسان/ أبريل الماضي وشاهدها ملايين، انتقد سميث لحديثه عن الوضع الإنساني في غزة دون زيارة المعابر.
لكن من المفترض أيضًا أن يتجنب
الصحفيون أي مظهر من مظاهر تضارب المصالح. فعندما زار موراي معبرًا برفقة الجيش الإسرائيلي، كان يرتدي سترة واقية مكتوب عليها "الصحافة"، وتنص القواعد الصحفية على أن موراي كان يجب أن يكشف لجمهوره أنه جمع تبرعات وكتب خطابات للجهة نفسها التي يغطيها الآن كصحفي.
وذكر الموقع أن السفير بروسور حافظ خلال الأشهر التالية على تواصل نشط مع كبار المحررين في عدد من المؤسسات الإعلامية، إلى جانب علاقات وثيقة مع منتجين تلفزيونيين الذين لم يخفوا دعمهم السياسي لجهوده الدبلوماسية؛ فقد تواصلت باميلا غروس، التي كانت تعمل منتجة تحريرية في شبكة "سي إن إن: مع بروسور على مدار سنوات لإجراء مقابلات تلفزيونية معه، لكنها أيضًا دعته لحفلات عيد ميلاد ونظّمت له لقاءات عشاء مع زوجها جيمس فينكلشتاين، مالك صحيفة "ذا هيل" آنذاك، والتي كانت تملك أيضًا برنامج "رايزينغ".
وأضاف الموقع أن العلاقة بين غروس وبروسور لم تقتصر على الجانب الاجتماعي، بل شملت أيضًا جهودًا خاصة لجمع التبرعات لصالح منظومة القبة الحديدية الدفاعية الإسرائيلية، حيث طلبت من السفير مساعدتها في استكمال جمع التبرعات.
وغادرت باميلا غروس شبكة "سي إن إن" في 2017، وتقلّصت محتويات رسائل بروسور المتاحة تدريجيًا حتى أوائل سنة 2016، إلا أن التواصل بينهما استمر خلال تلك الفترة، حيث واصلت غروس دعوة السفير للمشاركة في برامج الشبكة، إلى جانب تبادل الأخبار الاجتماعية بينهما.
وختم الموقع بأن الرسائل الإلكترونية التي تم اختراقها من قبل مجموعة "حنظلة" ونشرها موقع "ديستربيوتد دينايال أوف سيكرتس" لم تتضمن بيانات وصفية تتيح التحقق من صحتها، لكنها احتوت على مئات الصور والوثائق والمعلومات الخاصة ببروسور ومراسليه، بما في ذلك معلومات غير علنية تم التحقق من دقتها من قبل الموقع.