قالت مفوضة الأمم المتحدة السابقة نافي بيلاي، رئيسة لجنة التحقيق الأممية، إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب المكونة من 20 بندا لإدارة القطاع تنتهك القانون الدولي، بسبب استبعادها للفلسطينيين من الحكم الانتقالي، مؤكدة أن مقترح وقف إطلاق النار الوارد في الخطة "لا يغير من استنتاج الأمم المتحدة بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية"، وفق ما نقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في مقابلة حصرية معها، الاثنين.
وذكّر الموقع بأن ترامب كان قد أعلن، إلى جانب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، عن خطته "السلامية" المثيرة للجدل، التي تعطي أولوية واضحة للرواية الإسرائيلية حول الوضع في
غزة ولـ"الاعتبارات الأمنية" التي تطرحها تل أبيب، مشيرا إلى أن الخطة وُصفت على نطاق واسع بأنها "تجسيد للتفكير الاستعماري"، وتتضمن اقتراحا بتعيين ترامب نفسه إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في لجنة انتقالية تشرف على إدارة غزة.
وفي المقابلة التي أجراها برنامج "خبير الشهود" التابع للموقع، قالت بيلاي، القاضية الجنوب أفريقية البالغة من العمر 84 عاما، إن استنتاج لجنة التحقيق "لا يزال قائما"، مضيفة: "لقد ارتكبت إسرائيل إبادة جماعية ولا تزال مستمرة في ذلك"، مشددة على أن "مجرد وجود دعوة لوقف إطلاق النار لا يعني أن نتيجة الإبادة الجماعية ستختفي".
وتعد بيلاي من أبرز الشخصيات في مجال العدالة الجنائية الدولية، إذ رشحها الرئيس نيلسون مانديلا عام 1995 للمحكمة الجنائية الخاصة برواندا، حيث عملت كقاضية ثم رئيسة للمحكمة بين عامي 1999 و2003، وأسفر عملها عن أول إدانة بجرائم الإبادة الجماعية في التاريخ.
كما كانت من القضاة المؤسسين للمحكمة الجنائية الدولية، وتشغل حاليًا منصب قاضية مؤقتة في محكمة العدل الدولية.
وقالت بيلاي في حديثها للموقع إن خطة ترامب "تنتهك بوضوح الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 19 تموز/يوليو 2024"، الذي اعتبر أن احتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية غير قانوني ويجب أن ينتهي دون شروط.
كما أكدت أن دولة الاحتلال لم تلتزم بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 18 أيلول/سبتمبر 2024، الذي طالبها بالامتثال لحكم المحكمة خلال عام، وأضافت أن "الخطة تتعارض مباشرة مع إعلان محكمة العدل الدولية".
وانتقدت بيلاي استبعاد
الفلسطينيين من قيادة المرحلة الانتقالية، قائلة: "المشكلة الأساسية أن الفلسطينيين ليسوا جزءًا من هذه الخطة. ليس فقط أنه يجب أن يكونوا جزءًا منها، بل يجب أن يكونوا العنصر المسيطر فيها لأنهم قادرون على حكم أنفسهم".
وأوضح "ميدل إيست آي" أن انتقادات بيلاي جاءت بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته على قطاع غزة منذ إعلان الخطة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من مئة شخص إضافي، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال قتلت خلال عامين أكثر من 67 ألف فلسطيني، نحو نصفهم من النساء والأطفال، ودمّرت معظم البنية التحتية والمنازل في القطاع، وشرّدت قرابة 2.2 مليون شخص.
وأضافت بيلاي أن خطة ترامب "تتيح لإسرائيل الحفاظ على سيطرة أمنية كبيرة على غزة، وهو ما يقيد استقلال القطاع وسيادة الشعب الفلسطيني"، مؤكدة أنه "يجب أن تشمل أي خطة الشعب الفلسطيني نفسه، ولا يمكن أن يكون هناك طريق آخر".
ولفت الموقع إلى أن مجموعة من 36 خبيرا في الأمم المتحدة كانت قد وجهت انتقادات مماثلة للخطة الأسبوع الماضي، معتبرة أنها تفشل في ضمان إنهاء الاحتلال وتحقيق حق الفلسطينيين في تقرير المصير المنصوص عليه في القانون الدولي.
كما أشار إلى أن لجنة بيلاي، التي تضم أيضًا الخبير الأسترالي في حقوق الإنسان كريس سيدوتي والمقرر الخاص السابق للأمم المتحدة ميلون كوثاري، خلصت في تقرير صدر في 16 أيلول/سبتمبر 2025 إلى أن إسرائيل ارتكبت أربعة من أصل خمسة أفعال محظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، وأن قادة إسرائيل كانت لديهم نية "لتدمير الفلسطينيين في غزة كجماعة".
وبيّن "ميدل إيست آي" أن هذا التقرير ينسجم مع نتائج منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية خلال العامين الماضيين، لكنه يمثل "الرأي القانوني الأكثر موثوقية الصادر عن هيئة تابعة للأمم المتحدة حتى الآن"، بعد أن أجرت اللجنة تحقيقا مستقلاً اتبع منهجية مشابهة لتلك التي تعتمدها محكمة العدل الدولية، التي تنظر حاليًا في الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة.