دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر
المحتجين المؤيدين لفلسطين إلى "احترام حزن اليهود البريطانيين هذا
الأسبوع"، في أعقاب الهجوم الذي استهدف كنيساً يهودياً في مانشستر، والذي
خلّف صدمة واسعة داخل المجتمع البريطاني.
وجاءت تصريحات ستارمر في مقال نشره بصحيفة Jewish Chronicle قبل مظاهرة
مرتقبة اليوم السبت في لندن ضد قرار الحكومة بحظر حركة "Palestine Action"، وهي مجموعة
ناشطة تتهم السلطات البريطانية بالتواطؤ في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة.
قال ستارمر في مقاله: "الاحتجاج
السلمي ركيزة من ركائز ديمقراطيتنا، وهناك قلق مشروع بشأن المعاناة في غزة، لكن
أقلية استغلت هذه
المظاهرات لترويج صور نمطية معادية للسامية".
وأضاف: "أحثّ كل من
يفكر في التظاهر هذا الأسبوع على احترام مشاعر الحزن لدى اليهود البريطانيين. هذه
لحظة حداد، وليست وقتاً لإشعال التوتر أو زيادة الألم".
وجاءت هذه الدعوة وسط تصاعد المخاوف من أن
تؤدي المظاهرات إلى توترات طائفية جديدة، خاصة بعد الهجوم الدموي على كنيس
"هيتون بارك" في مانشستر، والذي وصفه ستارمر بـ"العمل الإرهابي
البغيض".
الداخلية البريطانية والشرطة تطالبان
بالتأجيل
من جانبها، انضمت وزيرة الداخلية شابانا
محمود إلى الدعوات لتأجيل المظاهرة، مؤكدة أن الشرطة بحاجة إلى تركيز جهودها على
حماية المجتمعات اليهودية والإسلامية عقب الهجوم.
وقال مفوض شرطة العاصمة مارك رولي إن
استمرار التظاهرات في هذا التوقيت "قد يخلق توتراً إضافياً ويفتقر إلى
الحساسية"، مضيفاً أن قوات الشرطة "تعمل تحت ضغط هائل منذ بدء موجة
الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في أكتوبر 2023".
ورغم ذلك، أوضح رولي أنه لا توجد صلاحيات
قانونية تتيح منع التجمعات الثابتة مثل احتجاج السبت، مؤكداً أن الشرطة ستتعامل
"بحزم" مع أي خرق للقانون.
المنظمون يتحدّون الضغوط.. "إلغاء
الاحتجاج يعني انتصار الإرهاب"
حركة "Defend Our Juries"، وهي الجهة
الداعمة للاحتجاج، أعلنت تمسّكها بالمضي قدماً في تنظيم المظاهرة المقررة في ميدان
ترافالغار وسط لندن، مشيرة إلى أن الحدث سيبقى "سلمياً بالكامل"، ويتضمن
جلوس المشاركين حاملين لافتات كتب عليها: "أعارض الإبادة
الجماعية.. أؤيد Palestine Action".
وأكدت الحركة أن إلغاء التظاهرة "سيعني
السماح للإرهاب بالانتصار"، مشددة على أن العديد من المشاركين من اليهود
البريطانيين أنفسهم، الذين يرون أن تأجيل الاحتجاج "يخلط بين أفعال حكومة
إسرائيل والشعب اليهودي حول العالم"، وهو ما "قد يغذي مشاعر معاداة
السامية بدلاً من الحدّ منها".
وجاء في بيان الحركة: "تعازينا لكل
من فقدوا أحباءهم في الهجوم المروع على كنيس مانشستر، لكن احتجاجنا لا يستهدف
اليهود، بل سياسات حكومة المملكة المتحدة وتواطؤها في الجرائم التي ترتكبها
إسرائيل ضد
الفلسطينيين".
أكثر من 1600 اعتقال منذ يوليو
ووفق تقرير لصحيفة "الغارديان"،
فإنه ومنذ إعلان حظر حركة Palestine
Action في 5 يوليو/تموز الماضي، تم اعتقال أكثر من 1600 متظاهر
في لندن ومدن أخرى، بحسب بيانات الشرطة، وسط انتقادات متصاعدة لما وُصف بأنه
"تضييق حكومي ممنهج على حرية التعبير".
جدل قانوني حول صلاحيات حظر التظاهرات
وفي السياق، قال جوناثان هول، المراجع
الرسمي لتشريعات مكافحة الإرهاب في
بريطانيا، إن القانون الحالي لا يمنح الشرطة
صلاحية كافية لحظر المظاهرات السياسية مؤقتاً بعد وقوع هجمات إرهابية، داعياً إلى
تعديل الإطار القانوني بما يتيح هذا الخيار "في ظروف استثنائية" فقط،
حفاظاً على موارد الشرطة.
تأتي هذه التطورات بعد نحو عامين من اندلاع
موجة احتجاجات مؤيدة لفلسطين في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي تسببت في
انقسام حاد داخل الرأي العام البريطاني بين من يرى فيها تعبيراً عن التضامن
الإنساني، ومن يعتبرها غطاءً لخطاب الكراهية.
وبينما تتزايد الدعوات لضبط النفس، تؤكد
منظمات المجتمع المدني أن "القمع الحكومي للمحتجين السلميين" لن يؤدي
إلا إلى تعميق الانقسام داخل المملكة المتحدة.