تشهد العاصمة
اللبنانية بيروت حالة من
الجدل
والترقب مع الفعالية التي ينظمها
حزب الله اليوم الخميس في منطقة الروشة، ضمن
برنامج يحيي ذكرى الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصرالله، ويشمل إضاءة صخرة
الروشة بصورته وصورة الأمين العام السابق هاشم صفي الدين تحت شعار "إنا على
العهد".
وقد لاقت فكرة الإضاءة معارضة واسعة من
الأوساط السياسية والشعبية، في وقت أصدر فيه رئيس الحكومة نواف سلام تعميمًا شدد
على الالتزام بالقوانين المتعلقة باستخدام الأملاك العامة والمعالم الوطنية.
بالتوازي، وُجهت تحذيرات أمنية واسعة، حيث
يُنفّذ انتشار مكثف بري وبحري في محيط الروشة، مع تعزيز الدوريات ونقاط المراقبة
لضمان الالتزام بالتعميم الرسمي ومنع أي خرق للقوانين.
السيد حسن نصر الله وهاشم صفي الدين.. رمزان
للشهداء والمقاومة
من وجهة نظر حزب الله فإن صور السيد حسن نصر
الله وهاشم صفي الدين على صخرة الروشة تمثل رمزًا مركزيًا لتضحيات حزب الله في
مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بعد استهدافهما واستشهادهما في مواقف مختلفة.
يرمز السيد حسن نصر الله، والأمين العام هاشم
صفي الدين، معًا إلى المسار الطويل للمقاومة، يجمع بين القيادة الاستراتيجية
والتضحيات العسكرية، ويعكس التمسك بالنهج الذي أسسه الحزب للدفاع عن سيادة لبنان
ومواجهة التدخلات الأجنبية. إظهار صورهما على الصخرة ليس مجرد تكريم، بل رسالة
سياسية ورمزية عن الوفاء للشهداء واستمرارية المقاومة والهوية الوطنية.
وفي سياق الاحتفالات الرمزية، أقام حزب الله
احتفالًا تكريميًا بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للقادة الشهداء: إبراهيم محمد
قبيسي، خضر حمودي عطوي، حسين هاني عز الدين، فؤاد شفيق خزعل خنافر، عباس إبراهيم
شرف الدين، ومحمد علي إسماعيل، وذلك في مجمع الإمام المجتبى في السان تيريز، بحضور
نواب كتلة "الوفاء للمقاومة" ومسؤولين في الحزب وفاعليات مختلفة.
تضمن الاحتفال عرض فيلم وثائقي عن أبرز
المحطات الجهادية للقادة الشهداء، ثم ألقى النائب حسن عز الدين كلمة نوّه فيها
بالموقف "الحكيم والشجاع" للرئيس نبيه بري، مؤكدًا رفضه لأي محاولة
لتوظيف الجيش اللبناني كأداة سياسية أو لفتنة داخلية، ودعا الحكومة إلى الالتزام
ببيانها الوزاري، ووقف العدوان الإسرائيلي، والمباشرة بإعادة البناء ودفع
التعويضات لمستحقيها.
وشدد عز الدين على موقف الحزب من التدخلات
الأمريكية، معتبرًا أن التهديدات المباشرة للبنان من مسؤولين أمريكيين، بما فيها
تصريحات السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والرئيس السابق ترامب، تشكل تهديدًا
مباشرًا لحقوق اللبنانيين وسيادتهم، وأن أي محاولة لنزع سلاح المقاومة بالقوة أو
إجبارها على الخضوع هي رهان خاسر.
وأكد أن المقاومة مستمرة على نهج مدرسة
كربلاء وقادة الحزب، وأنها لن ترفع راية الاستسلام، خاتمًا كلمته بعبارة:
"بين السلة والذلة، نختار هيهات منا الذلة".
وفي الوقت نفسه، يُواصل الحزب استعداداته
للنشاط الرمزي في الروشة، مؤكّدًا عدم التراجع عن جدول البرنامج المقرّر رغم
الانتشار الأمني المكثف والجدل السياسي، بينما تؤكد المصادر الرسمية أن معظم الضجة
الإعلامية حول الحدث ناتجة عن تضخيم على وسائل التواصل الاجتماعي.
صخرة الروشة.. رمز سياسي وموقع حساس
تعد صخرة الروشة واحدة من أبرز المعالم
الطبيعية والرمزية في بيروت، وتقع على واجهة البحر المتوسط، ما يجعلها مرئيّة من
مسافات بعيدة، ويمنحها حضورًا بارزًا في أي نشاط يُقام فيها.
لطالما كانت الصخرة موقعًا سياحيًا وطبيعيًا
محميًا، لكنها أصبحت في السنوات الأخيرة رمزًا سياسيًا وأداة للتعبير عن المواقف
المختلفة، خصوصًا مع محاولات بعض الأطراف استخدام واجهتها لإيصال رسائل رمزية أو
سياسية. هذا التحوّل جعل صخرة الروشة محور جدل واسع بين القوى السياسية، وبين من
يرى فيها رمزًا للهوية الوطنية ومن يعتبر استخدامها للصور الرمزية أمراً مثيرًا
للانقسام والتوتر.
السياق العام والجدل حول سلاح المقاومة
يكتسب هذا الجدل حول صخرة الروشة وصور قادة
حزب الله أهميته من السياق العام الذي يأتي فيه، وهو النقاش الدائر حول مستقبل
سلاح المقاومة في لبنان، وسط سعي الحكومة بضغوط أميركية ودولية لنزع سلاح الحزب.
ويُنظر إلى أي رمزية مرتبطة بالقيادات أو
الصخرة على أنها رسالة سياسية قوية، تؤكد تمسك حزب الله بخياره الاستراتيجي، وتعيد
التأكيد على دوره المركزي في الدفاع عن السيادة اللبنانية ومواجهة التدخلات
الخارجية، بما يجعل الفعالية أكثر من مجرد احتفال، بل محورًا للتوتر السياسي
والأمني على المستويين الداخلي والإقليمي.