رفضت الدكتورة عزيزة إسماعيل، زوجة رئيس
الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، مصافحة الرئيس
الصيني شي جينبينغ خلال
قمة منظمة
شنغهاي للتعاون المنعقدة حاليا في الصين، مكتفية بالتحية دون ملامسة اليد، التزاما
بقناعاتها الدينية الإسلامية.
الموقف، الذي بدا عفويا لكنه محمّل
بالرمزية، وضع السيدة الماليزية الأولى في صدارة المشهد، إذ عكس تمسكها بالهوية
الإسلامية في أحد أكبر المحافل الدولية، حيث حضر عدد كبير من قادة وزعماء العالم،
في وقت تميل فيه البروتوكولات الرسمية عادة إلى تغليب الطابع الدبلوماسي على
الاعتبارات الشخصية أو الدينية.
من الطب إلى السياسة
عزيزة إسماعيل ليست مجرد "زوجة رئيس
وزراء"، بل هي طبيبة متخصصة، كرست جزءا كبيرا من حياتها للعمل العام. وحين
اعتُقل زوجها أنور إبراهيم لسنوات طويلة بتهم سياسية، تولت هي قيادة الحزب
المعارض، لتصبح إحدى الشخصيات البارزة في المشهد الماليزي.
تنتمي هي وزوجها منذ شبابهما إلى الحركة
الإسلامية الماليزية، عبر نشاطهما في "الاتحاد الوطني للطلاب المسلمين"،
ما جعل التزامها بالموقف الذي اتخذته أمام الرئيس الصيني امتدادا طبيعيا لمسيرتها
الفكرية والسياسية.
جدل وتقدير
على مواقع التواصل، انقسمت التعليقات بين من
أشاد بثباتها على قناعاتها، ورأى في الموقف رسالة رمزية بأن الهوية الدينية لا
تتعارض مع الحضور السياسي العالمي، وبين من اعتبر أن المشهد قد يسبب حرجا
دبلوماسيا في لقاء يجمع قادة قوى دولية كبرى.
غير أن كثيرين أشاروا إلى أن الرئيس الصيني
بدا متقبلا للأمر، واكتفى بابتسامة وتحية رسمية، ما خفف من حدة أي انطباع سلبي
محتمل.
ردود فعل الصحافة
الصحافة الماليزية أشادت بالموقف، معتبرة أن
عزيزة إسماعيل جسدت ثبات المرأة المسلمة في المحافل الدولية، وأكدت أن هذا التصرف
يعكس قيم الاحترام للديانة دون المساس بالبروتوكول الدبلوماسي.
أما وسائل الإعلام الصينية، فركزت على روح
اللياقة المتبادلة، مشيرة إلى أن الرئيس شي تعامل مع الموقف باحترافية، ما يعكس
قدرة القمة على تجاوز الاختلافات الثقافية والدينية.
تأتي الواقعة في سياق عالمي يشهد نقاشا
واسعا حول حدود الالتزام الديني في المجال العام، لا سيما بالنسبة للمسلمات في
مواقع سياسية بارزة. وفي حالة عزيزة إسماعيل، فإن رمزيتها تتجاوز شخصها لتطرح
سؤالا أوسع: كيف يمكن للقيم الدينية أن تحضر بثقة في فضاءات السياسة الدولية دون
أن تُقرأ كنوع من الانعزال أو القطيعة؟
المشهد ألقى الضوء أيضا على خصوصية التجربة
الماليزية، حيث تسعى كوالالمبور إلى الجمع بين هويتها الإسلامية المتجذرة
وانفتاحها على العالم كشريك اقتصادي ودبلوماسي مؤثر في آسيا والعالم الإسلامي على
حد سواء.
ولم يكن "رفض المصافحة" مجرد
تفصيل بروتوكولي عابر، بل محطة رمزية تذكر بأن الحضور الإسلامي ما زال قادرا على
التعبير عن نفسه في أعلى المستويات السياسية، حتى في مواجهة قادة أكبر القوى
العالمية.