صحافة دولية

WSJ: كيف غيّرت فرنسا والسعودية المواقف الأوروبية لدعم فلسطين؟

قادت باريس والرياض الجهود لمزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية - الأناضول
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا أعدته ستاسي ميشتري وأنات بيليد وألكسندر وورد  تناولوا فيه موضوع اعتراف الدول الغربية بالدولة الفلسطينية وكيف أن  إيمانويل ماكرون والسعودية حرفا مسار الدعم الغربي باتجاه دعمها. 

وقالوا إن اعتراف أقرب حلفاء الولايات المتحدة بدولة فلسطينية لم يكن متصورا، لكن الأمر لم يستغرق سوى أقل من عام من الدبلوماسية المغلقة التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون والمسؤولون السعوديون لقلب الوضع الراهن المستمر منذ عقود. واكتسبت هذه الحملة زخما مع تزايد إحباط ماكرون من إسرائيل ومشاهدته الولايات المتحدة، الوسيط الدبلوماسي التقليدي في الشرق الأوسط، وهي تعرقل جهوده لإنهاء الحرب في غزة.

 وعلى مدار معظم العام الماضي، انضم الفرنسيون إلى السعوديين في الضغط على الدول الغربية لمقاومة أكبر حلفائها في واشنطن، وإنقاذ عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، من وجهة نظر ماكرون. وبعد يوم من اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال قيام الدولة الفلسطينية، اجتمع ماكرون مع عدد من القادة الآخرين في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة للقيام بالمثل. وقال ماكرون في خطابه أمام الوفود، معلنا اعترافه: "سيقول البعض إنه فات الأوان. وسيقول آخرون إنه مبكر جدا. شيء واحد مؤكد: لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك".

وانضمت موناكو ومالطا ولوكسمبورغ إلى فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطينية يوم الاثنين. وقالت بلجيكا إنها ستقدم اعترافها الرسمي بعد مغادرة حماس غزة وإطلاق سراح الأسرى لديها.  وعلقت الصحيفة أن هذه الجهود تظهر قدرة القوى الإقليمية مثل فرنسا والمملكة العربية السعودية على ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مخالفةً بذلك السياسة الأمريكية الراسخة التي لوحت بإمكانية قيام دولة فلسطينية كوسيلة لدفع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات. كما أظهرت ميل ماكرون إلى بذل جهود تفوق طاقته بكثير في منطقة يتضاءل فيها النفوذ الفرنسي. ونقلت الصحيفة عن المحللة في مركز كارنيغي- أوروبا، ريم ممتاز قولها: "لقد خلق زخما لم يكن موجودا".

وبدأ موقف ماكرون يتبلور في الأشهر التي تلت هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. ومع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين إلى عشرات الآلاف، شعر المسؤولون الفرنسيون بالإحباط من واشنطن لعدم ممارستها ضغطا كافيا على إسرائيل لإنهاء حرب غزة. وزار الزعيم الفرنسي الملك عبد الله الثاني ملك الأردن في شباط/فبراير 2024 وأعلن لأول مرة أن الاعتراف بدولة فلسطينية "ليس من المحرمات بالنسبة لفرنسا".




 ومع نهاية عام 2024، بدأ السعوديون في تشجيع الفرنسيين على الضغط على الدول الأخرى للاعتراف بدولة فلسطينية، قائلين إن ذلك سيمهد الطريق أمام تطبيع الرياض للعلاقات مع إسرائيل. 

وسافر ماكرون إلى المملكة العربية السعودية في كانون الأول/ديسمبر للقاء محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد. وبعد أشهر، زار مصر، والتقى بجرحى فلسطينيين يتلقون العلاج في مستشفى بالقرب من الحدود مع غزة. وقد وضع ذلك ماكرون وجها لوجه مع الأزمة الإنسانية المتصاعدة في غزة، وهي تجربة هزت الزعيم الفرنسي، وفقا لأشخاص مقربين منه.

في تموز/يوليو سافر ماكرون إلى لندن في زيارة رسمية، حيث ناقش قضيته مع رئيس الوزراء ستارمر. وقال ماكرون في خطاب أمام البرلمان البريطاني: "مع دمار غزة وتعرض الضفة الغربية لهجمات يومية، لم تكن الدولة الفلسطينية يوما في خطر كما هي الآن".

وفي الوقت نفسه، مهد ماكرون والسعوديون الطريق لمؤتمر في نيويورك، حيث أدانت الدول العربية هجوم حماس على إسرائيل، ودعت إلى نزع سلاح الحركة، وعارضت أي دور لها في الدولة الفلسطينية الجديدة. كما دعا المؤتمر إلى نشر "بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار".

وفي نهاية تموز/يوليو وقبل بدء مؤتمر نيويورك، كتب ماكرون رسالة مفاجئة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، معلنا أن فرنسا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. كان هذا الإعلان الأول من دولة عضو في مجموعة الدول السبع، وقد فتح الباب واسعا أمام قوى غربية أخرى لتحذو حذوه. ويؤكد ماكرون وحلفاؤه الغربيون الآن أن إضفاء الشرعية على الدولة الفلسطينية أمام أعين العالم هو السبيل الوحيد للحفاظ على إمكانية حل الدولتين، مهما كانت بعيدة، في ظل تكثيف إسرائيل جهودها الحربية في غزة ومواصلتها بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

وتعلق الصحيفة إن هذه المناورة الدبلوماسية، تظهر إيمان ماكرون الراسخ بقوة التعاون الدولي في تشكيل الأحداث، بدلا من ممارسة القوة العسكرية الغاشمة. كما وتعيد دبلوماسية ماكرون في الوقت الحالي صياغة دور فرنسا الراسخ كوسيط بين إسرائيل ومعظم العالم العربي.




واتهم نتنياهو ماكرون بتأجيج معاداة السامية ومكافأة حماس على الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة حوالي 1200 شخص. وتعهّد نتنياهو بالرد على حملة ماكرون دون أن يوضح كيف.

ويقول مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن مساعي ماكرون لن تحدث تغييرا في الواقع على الأرض، كما أنها ستقلل من حوافز السلطة الفلسطينية، المُثقلة بسوء الإدارة والفساد، للإصلاح. وقد ساوت الحكومة اليمينية الإسرائيلية بين السلطة الفلسطينية وحماس، مع أن إسرائيل تعتمد على التنسيق الأمني مع السلطة لمواجهة المسلحين في الضفة الغربية.

وحذر مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية من أن الاعتراف بدولة فلسطينية قد يكون "نهايةً لفرصة" حل الدولتين. وأضاف المسؤول أن إسرائيل سترد، ومن المرجح أن تتلقى دعما أمريكيا لردها. وقد دعا أعضاء في حكومة نتنياهو إلى ضم الضفة الغربية، وهي خطوة قد تهدد بقلب اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، المعروفة باسم "اتفاقيات إبراهيم"، رأسا على عقب.