صحافة إسرائيلية

أكاديمي إسرائيلي بارز: حرب غزة محكومة بالفشل رغم التفوق العسكري

يديعوت: إطالة الحرب في غزة تحول مكاسب إسرائيل العسكرية إلى خسائر إستراتيجية- جيتي
قدّر مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن الحرب ضد قطاع غزة محكوم عليها بالفشل، رغم ما يبدو من تفوق عسكري في الميدان، مؤكدة أن "إسرائيل" تتكبد أثمانًا فادحة على مختلف المستويات السياسية والإستراتيجية والاجتماعية والاقتصادية، وأن استمرار القتال يضاعف الخسائر أكثر مما يحقق مكاسب.

وذكر البروفيسور بوعاز غانور، رئيس جامعة "رايخمان" ومؤسس معهد سياسة مكافحة "الإرهاب" (ICT)، في مقال نشرته الصحيفة وترجمته "عربي21"، أن حرب "السيوف الحديدية" (المسمى الإسرائيلية لطوفان الأقصى) التي اندلعت عقب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بدأت كحرب "مبررة" بهدف تدمير حركة حماس، لكنها تحولت بعد مرور أشهر طويلة إلى حرب اختيارية مكلفة ومدمرة، تُلحق أضرارًا إستراتيجية جسيمة بالدولة وتهدد مستقبلها، رغم الإنجازات العسكرية الميدانية التي ألحقت بحماس وبالمحور الإيراني خسائر كبيرة.

وأضاف غانور في مقاله أن "إسرائيل"، وإن بدت متفوقة عسكريًا في غزة، فإنها تُمنى بهزيمة نكراء على جميع المستويات الإستراتيجية الأخرى، موضحًا أن كل يوم إضافي من القتال يفرض ثمنًا باهظًا يتمثل في الخسائر البشرية والمعنوية بين الجنود، وتعريض حياة المختطفين في غزة للخطر المباشر.

وأشار الكاتب إلى أن الحرب تسببت بخسائر سياسية جسيمة، إذ تضررت مكانة إسرائيل عالميًا، وباتت تواجه عقوبات وردود فعل سياسية حتى من بعض الحلفاء المقربين. واعتبر أن إطالة أمد الحرب تسببت بأثمان إقليمية خطيرة، من بينها إبعاد فرص التطبيع مع دول المنطقة، وتقويض اتفاقيات السلام مع مصر والأردن، وصولًا إلى بحث دول المنطقة تشكيل تحالف عسكري ضدها بدلًا من شراكة إقليمية بقيادتها.

ولفت إلى أن يهود الشتات يتحملون أثمانًا إضافية نتيجة ارتفاع موجات العداء للسامية والكراهية، وتعرض أمن الكثير منهم لمخاطر جسيمة، فضلًا عن الأعباء الاقتصادية الثقيلة الناتجة عن العجز المالي وتكاليف الحرب، وتأثيرها على الاستثمارات وتباطؤ قطاع التكنولوجيا العالية.

وأوضح أن المجتمع الإسرائيلي يعاني من تكاليف اجتماعية متزايدة، أبرزها الانقسام الداخلي الحاد حول أهداف الحرب وطريقة إدارتها، إضافة إلى حالة يأس تؤثر سلبًا على المزاج القومي، وتؤدي إلى فقدان الثقة بمستقبل الدولة، خاصة بين الشباب الذين يرفضون العيش في "دولة إسبارطية"، وسط إنهاك قوات الاحتياط وعائلاتهم.

وأكد أن تصريحات وزراء الحكومة وأعضاء الكنيست المتطرفة التي تُبث عبر الإعلام، مثل الدعوات لإلحاق الأذى العشوائي بالمدنيين الفلسطينيين، ووقف المساعدات الإنسانية، والقول إن "غزة خالية من الأبرياء" أو أنها "منجم عقاري"، تلحق أضرارًا فادحة بصورة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي، وتغذي أعداءها وكارهيها حول العالم.

وأضاف أن هذه التصريحات الشعبوية تضر بمصالح الدولة الوجودية، رغم أن بعض صناع القرار يستخدمونها لكسب دعم جماهيري لمواصلة الحرب تحت شعار "النصر الشامل"، بينما يُصوَّر وقف الحرب على أنه استسلام لحماس.

وشدد غانور على أن "النصر الحقيقي في أطول حرب في تاريخ الدولة لن يتحقق بالقضاء على آخر عناصر حماس، بل بإنهاء الحرب فورًا، والتوصل إلى صفقة للإفراج عن الرهائن ولو على مراحل، ثم الانسحاب إلى المنطقة العازلة، ونقل إدارة غزة إلى تحالف عربي مقابل إعادة إعمارها، وصياغة ترتيبات أمنية إقليمية جديدة، والتخلي عن سياسات الاحتواء الإسرائيلية، وتجديد الجهود لبناء تحالف عسكري مع الدول العربية المعتدلة".

واختتمت الكاتب بالقول إن "هذه الرؤية تعكس قناعة إسرائيلية آخذة بالتبلور حتى بين بعض دعاة الحرب، بأن استمرار القتال العقيم لن يمنع تكرار هجوم "طوفان الأقصى"، بل إن السبيل إلى ذلك يكمن في وقف الحرب فورًا، وبناء نظام إقليمي جديد، وتفكيك الغطرسة الإسرائيلية، واستبدال القيادة المتطرفة الحالية بقيادة مسؤولة ومدروسة تدرك أن الحرب عندما تتحول إلى غاية بحد ذاتها فإنها محكومة بالفشل".