قالت صحيفة "معاريف"
الإسرائيلية إن مسؤولين كبار في نيويورك يحذرون من احتمال انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب من "مجلس السلام" وربما اتخاذه خطوات ضده.
وذكرت الصحيفة أن الاقتراح الأمريكي الذي صوت عليه
مجلس الأمن الإثنين، يتضمن عناصر سياسية ودبلوماسية لا تنسجم مع السياق المتعارف عليه في هذا النوع من المبادرات، مشيرة إلى أن البنية الطويلة والمعقدة للمقترح قد تعرقل تنفيذه عمليا، نظرا لتعارض بعض جوانبه مع أسلوب إدارة سياسي معتاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدد الدول التي دعمت الاقتراح بدا لافتا لكنه أثار شبهات واضحة، ونقلت عن دبلوماسي رفيع ومخضرم قوله إن "روسيا والصين انحرفتا هذه المرة عن أسلوبهما المتمرد المعتاد، القائم على إحباط مقترحات الولايات المتحدة والقوى الغربية في مجلس الأمن، وامتنعتا عن التصويت".
وأضاف: "ليس لأنهما تدعمان الاقتراح. تُقدّر روسيا والصين أن فرص تطبيق الاقتراح الأمريكي على أرض الواقع ضئيلة للغاية، ومن المرجح أن يتدخل الرئيس ترامب، المكروه منهما، ويخرج منه متضررًا ومتضررًا سياسيا".
وأوضحت "معاريف" أن نائب رئيس وفد غربي، لم تذكر إسمه، قال مازحا خلال إحاطة مغلقة إن "فوز ترامب بالموافقة على اقتراحه يذكرني بحدث ألاسكا، حين فرشت سجادة حمراء لقدمي بوتين، ونعرف جميعا كيف انتهى الأمر اليوم".
ولفتت الصحيفة إلى أن "إسرائيل" تبدي قلقا ملحوظا من تضمين مشروع القرار عبارة تشير إلى أن "قد تكون الظروف مهيأة لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة دولة".
وأفادت بأن دبلوماسيين كبارا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك يرون، في تعقيبهم على إقرار مشروع القرار، أن تعزيز حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامة دولة بات أبعد وأصعب مما كان في أي وقت سابق.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي متخصص في شؤون الشرق الأوسط قوله إن "ليس لدى الفلسطينيين قائد أو شخصية بارزة أو شخصية وطنية قادرة على تعزيز الاستقلال على الإطلاق".
وبينت أن ردود الفعل التي صدرت عقب مصادقة مجلس الأمن على الاقتراح الأمريكي، سواء من دبلوماسيين كبار في نيويورك أو من معلقين مخضرمين في واشنطن، تميل جميعها إلى الاستنتاج بأن الواقع لا يخدم هذا الاقتراح.
وأكدت أن ترامب هو من صاغ المبادرة وهو الجهة المسؤولة رسميا عن تنفيذها، رغم أنه يقود قوة غربية عرفت بازدرائها للأمم المتحدة واحتقارها لها والسخرية من مؤسساتها.
سابقا، انسحب ترامب من منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة ، ويدرس الانسحاب من منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة، ويزعم أنه ينوي خفض حصة الولايات المتحدة في ميزانية الأمم المتحدة بشكل كبير.
وأدعت "معاريف" إلى أن الولايات المتحدة التي دأبت على إحباط مشاريع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالشرق الأوسط، وخصوصا تلك المرتبطة بإسرائيل، وجدت نفسها فجأة أمام مشهد معاكس تماما، إذ بات الرئيس ترامب هو من يتوجه رسميا إلى مجلس الأمن طالبا دعمه وموافقته على مبادرته.
ونقلت عن نائب رئيس وفد غربي قائلا خلال إحاطة إعلامية إن "كل من يتذكر تصريحات ترامب المُهينة للأمم المتحدة وسخريته من مجلس الأمن، لا يسعه إلا أن يفكر ويدرك أنه في مرحلة ما من تنفيذ المقترح الأمريكي سيقرر الرئيس ترامب أنه يتعرض للمضايقة أو التمرد، وسيستقيل من رئاسة ’مجلس السلام‘، وسيتخذ إجراءات ضده".
وتابعت أن النقاش الذي دار في مجلس الأمن حول الاقتراح الأمريكي، ثم تبنيه دون أي معارضة، أعاد لهذا النقاش أهمية خاصة ربما لم يلتفت إليها أعضاء المجلس عند طرح المبادرة أصلا، مشيرة إلى أن هذه الخطوة أسهمت في استعادة مكانة مجلس الأمن أو على الأقل في بدء عملية إعادة تأهيل دوره بعد سنوات من التراجع.
وأعتبرت أن مكانة مجلس الأمن، باعتباره الجهة الأممية الوحيدة المخولة باستخدام القوة بما فيها القوة العسكرية لتنفيذ قراراته، شهدت تراجعا متواصلا خلال السنوات الأخيرة.
وبينت أن هذا التراجع تجسد في عجز كامل أمام النزاعات المسلحة الإقليمية التي حصدت آلاف الضحايا المدنيين، مشيرة إلى أن المجلس لم يتخذ أي خطوة تُذكر طوال أكثر من عقد ارتكب خلاله نظام بشار الأسد في سوريا إبادة جماعية بكل معنى الكلمة، ولم يدن حتى مجزرة المدنيين هناك.
وأوضحت "معاريف" أن روسيا، بصفتها عضوا دائمًا في مجلس الأمن وتملك حق النقض (الفيتو)، أحبطت مرارا محاولات إدانة نظام الأسد، في الوقت الذي تخوض فيه منذ أكثر من ثلاث سنوات حربا في أوكرانيا وتقصف أهدافا مدنية بالصواريخ، متسببة في تدمير قرى وسقوط ضحايا، دون أن يصدر المجلس أي إدانة لغزوها.
وأشارت إلى أن هذا المجلس نفسه هو الذي صوت على المقترح الأمريكي بشأن مستقبل غزة، في خطوة تشي بأن المجلس بات يظهر حضورا مفاجئا كجهة فاعلة في إنهاء حرب محلية.
وتساءلت الصحيفة عن الجهة التي أعادت للمجلس مكانته بعد سنوات من الجمود، معتبرة أن ترامب هو من أعاد تنشيط دوره، رغم أن المجلس معروف بعدائه لإسرائيل، وواصفة ذلك بأنه استعادة لمكانته جاءت من "صديق إسرائيل الكبير، ترامب".
وختمت الصحيفة أن الولايات المتحدة، وبما يشبه منحا لوزن إضافي للحضور الجديد للأمم المتحدة على الساحة الدولية رغم ما تعتبره عداء روتينيا لإسرائيل، شهدت خطوة موازية تمثلت في عقد الرئيس الأمريكي قمة مع ولي العهد السعودي، تزامنت مع موافقته على بيع الرياض طائرات مقاتلة متطورة، في مسعى يضع السعودية في موقع قوة إقليمية كانت، لسنوات طويلة، محفوظة لإسرائيل بشكل شبه حصري.