صحافة دولية

صحيفة روسية: "المظلة النووية الإسلامية" ستكون في صالح الصين

وصف إعلام روسي التحالف بين السعودية وباكستان بـ"الناتو الإسلامي"- واس
نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن توقيع المملكة العربية السعودية اتفاقية تحالف دفاعي مع باكستان، الدولة الإسلامية النووية الكبرى ومدى تأثير ذلك على مصالح بكين.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا التحالف  يفتح الباب أمام تحولات كبيرة في موازين القوى بين الرياض وطهران وتل أبيب، ويعيد رسم خريطة الأمن والطاقة، مع تزايد نفوذ اللاعبين الإقليميين والدوليين مثل الصين والهند.

وذكرت الصحيفة أن  بعض وسائل الإعلام الروسية والدولية وصفت التحالف العسكري الناشئ بين السعودية، أغنى دولة عربية، وباكستان، الدولة الإسلامية النووية الأبرز بـ "الناتو الإسلامي". وقد جرى توقيع الاتفاق في 17 أيلول/ سبتمبر بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف.

ويجمع المراقبون على أن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قطر في التاسع من أيلول/ سبتمبر شكّلت الشرارة التي عجّلت بإعلان هذا التحالف الرسمي، خصوصاً بعد أن امتنعت الولايات المتحدة – حليفة الدوحة – عن التدخل لصدّ الهجوم، ليس عجزاً بل لأن أولوياتها الإستراتيجية تضع شراكتها مع إسرائيل فوق علاقاتها مع أي طرف عربي. وفي هذا السياق كتبت صحيفة وول ستريت جورنال: "مع تراجع الثقة بواشنطن، تسعى الرياض إلى نسج تحالفات إقليمية جديدة".



من جهتها، تبحث السعودية عن شركاء يمتلكون القوة والإرادة لاستخدامها ويفضل أن يجمعهم معها الانتماء الديني والثقافي، وهي معايير تجعل الخيارات المتاحة محدودة وتعطي التحالف السعودي–الباكستاني زخماً إستراتيجياً غير مسبوق.

وتشير الصحيفة إلى أنه رغم إمكانية النظر في انضمام تركيا إلى مثل هذا التحالف، إلا أن الدول العربية تنظر بعين الريبة إلى الطموحات الإمبراطورية لأنقرة. فقد حكم العثمانيون الشرق الأوسط منذ القرن السادس عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، وكان يُنظر حينها إلى العرب على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية. أمّا مصر، التي كانت يوماً ما القائد العسكري للعالم العربي، فما زالت تعاني أزمة عميقة منذ أحداث "الربيع العربي". وسوريا تكاد تكون قد اختفت كدولة فاعلة على الخريطة السياسية، وهكذا لم يبقَ أمام الرياض سوى باكستان خياراً واقعياً.

وفضلاً عن ذلك، فإن إسلام آباد ليست حليفاً جديداً للسعودية؛ إذ تعود جذور التعاون بين البلدين إلى ستينيات القرن الماضي. وخلال الحرب العراقية-الإيرانية، تمركزت قوات باكستانية على الأراضي السعودية لحماية الحدود مع العراق. واليوم، يتراوح عدد تلك القوات بين 1500 و2000  جندي يقدمون دعمًا عملياتيًًا وفنيًّا واستشاريًّا للقوات المسلحة السعودية. وفي المقابل، دأبت الرياض على تقديم الدعم المالي لباكستان.

وكتب السفير السعودي السابق في باكستان علي عوض العسيري قائلًا: "إن اتفاقية الدفاع تعكس أيضًا امتنان باكستان للدعم المتواصل الذي قدّمته المملكة في أوقات الشدة، سواء عبر القروض الميسّرة، أو تأجيل سداد أثمان النفط  أو المساعدات الإنسانية والسياسية المستمرة".

ويشير مراقبون إلى أن هذا الدعم شمل كذلك المساهمة في تطوير البرنامج النووي الباكستاني. فالسعودية، التي حظرت عليها واشنطن تطوير سلاح نووي خاص بها، استثمرت في "السيف النووي الإسلامي" لباكستان لتضمن الاعتماد عليه عند الضرورة. ويُنقل عن ولي العهد السعودي قوله في عام 2024 لأحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، ليندسي غراهام: "لست بحاجة إلى تخصيب اليورانيوم بنفسي لصناعة القنبلة، سأشتريها جاهزة من باكستان".

ومن خلال إضفاء الطابع الرسمي على تحالفها مع باكستان، توجّه الرياض رسالة واضحة ليس فقط إلى الولايات المتحدة، بل أيضًا إلى إيران وإسرائيل. فهي تعرض أمامهم أدوات ردع جديدة، وتذكّرهم بالمخاطر التي قد تترتب على أي خطوات عدائية تستهدف المملكة.



ورغم ما يفرضه "الردع النووي" الباكستاني من قيود تقنية – منها زمن وصول الصواريخ إلى إسرائيل – إلا أن هذه التحديات قابلة للتذليل عبر تطوير البرنامج الصاروخي الباكستاني أو حتى من خلال نشر صواريخ باكستانية مستقبلًا على الأراضي السعودية. وهكذا تتحول باكستان إلى لاعب محوري في مجمل المعادلات المتعلقة بالصراعين العربي – الإيراني والعربي – الإسرائيلي. وكما أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست_"_: "إن منظومات الأمن في جنوب آسيا والشرق الأوسط باتت مترابطة أكثر من أي وقت مضى".

وأوردت الصحيفة أنه في خضم هذا التشابك الإقليمي، تبدو الهند أحد أبرز الخاسرين؛ إذ يعني التحالف السعودي – الباكستاني عمليًّا أن الرياض ستقف إلى جانب إسلام آباد في حال اندلاع مواجهة جديدة مع نيودلهي. وبذلك، لم تعد دول الخليج – حيث تتصدر السعودية المشهد – مصدرًا مضمونًا لإمدادات الطاقة إلى السوق الهندية. ويؤكد هذا الواقع، وفق محللين، حنكة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي اتجه قبل أعوام نحو تنويع مصادر الطاقة وتعزيز التعاون مع روسيا، رافضاً ضغوط واشنطن لوقف استيراد النفط الروسي.

وبحسب الصحيفة؛ هناك فرق كبير بين مجرد التغاضي عن التحالف السعودي – الباكستاني، الذي تقدمه الرياض في المقام الأول كضمانة إضافية للالتزامات الأمريكية، وبين الاعتماد الكلي عليه كبديل كامل للضمانات الأمريكية، أو حتى اللجوء إلى دور صيني.

وفي حال اتخذت المملكة هذا المسار، فقد تتذكّر واشنطن أن ولي العهد محمد بن سلمان لا يتمتع بحقوق وراثية مطلقة على العرش، نظراً للنظام الخاص للتوريث في السعودية، وأنه يمكن دائمًا المراهنة على أمير آخر.

وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن  الخيارات متاحة بكثرة، إذ يبلغ عدد الأمراء آلافاً. وفي هذه الحالة، لن تكفي حتى "المظلة النووية" الباكستانية لضمان أمن المملكة، إذا ما قررت القوى الإقليمية أو الدولية التدخل في خضم هذه التحولات.