حقوق وحريات

تأخر رواتب مئات العمال الوافدين في السعودية.. "ثمانية أشهر دون أجر"

مئات العمال الوافدين في السعودية محرومون من رواتبهم منذ أشهر - جيتي
كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش الأربعاء٬ أن مئات العمال الوافدين في المملكة العربية السعودية الذين توظفهم شركة التصنيع والتوريد "سندان العالمية" لم يتلقوا رواتبهم لمدة تصل إلى ثمانية أشهر، بينهم عمال يعملون في مواقع مشاريع شركة النفط الحكومية "أرامكو".

وأوضحت المنظمة أن العمال غالباً ما يظلون عالقين دون أجر لشهور، أو يُجبَرون على البقاء في وضع غير قانوني، أو يضطرون للعودة إلى ديارهم على نفقتهم الخاصة، ما يجعلهم يتخلون عن مستحقاتهم المالية.
 
وتأتي هذه الانتهاكات في وقت تشهد فيه السعودية طفرة بناء ضخمة تشمل تشييد وتجديد 11 ملعباً استعداداً لـ "كأس العالم فيفا 2034" لكرة القدم للرجال، فيما تعتبر أرامكو الشريك العالمي الرئيس للفيفا ورعاية هيئات رياضية عالمية أخرى.


وقال مايكل بيج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تقاعس شركة سندان وأرامكو والسلطات السعودية عن ضمان حصول العمال الوافدين على أجورهم مثال صارخ على إفلات الشركات من العقاب، ما يمكّنها من إساءة معاملة العمال. الافتقار إلى حماية فعالة للعمال الوافدين يمثل تحذيراً صارخاً للفيفا والشركات الأخرى بأن عملياتها في السعودية ستكون ملطخة بانتهاكات حقوق العمال ما لم تطالب بحمايات حقيقية".

وبين حزيران/يونيو وآب/أغسطس 2025، تحدثت المنظمة مع 14 عاملاً وافداً من بنغلاديش والهند ونيبال، عمل ثمانية منهم على الأقل في مواقع مشاريع أرامكو. وقال العمال إنهم توقفوا عن العمل في آذار/مارس الماضي بعد عدم تلقيهم رواتبهم لمدة تصل إلى ثمانية أشهر. وأشارت تقارير إعلامية في الهند ونيبال إلى أن 850 عاملاً على الأقل لم يتلقوا أجورهم، وقد يكون العدد الحقيقي أعلى.


وتشير التقارير إلى أن شركة سندان ربما أوقفت عملياتها في كانون الأول/ديسمبر 2024، لكن العمال الذين قابلتهم المنظمة واصلوا العمل حتى آذار/مارس الماضي. وفي حال توقفت الشركة، تتحمل أرامكو مسؤولية استخدام نفوذها لضمان حصول العمال على مستحقاتهم، بما في ذلك برامج تعويض مدعومة من الحكومة.

من جانبها، ردّت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية بالاعتراف بالحالة، مشيرة إلى أن عدم امتثال الشركة تم اكتشافه عبر نظام حماية الأجور، واتُخذت إجراءات تصحيحية بالتنسيق مع الشركة والعمال وسفاراتهم. وأضافت الوزارة أن العمال تلقوا إرشادات لاستخدام آليات لاسترداد مستحقاتهم، وأن مراقبة الوضع مستمرة حتى حل جميع المطالبات، لكنها لم توضح عدد العمال المتضررين أو عدد المطالبات التي تم حلها.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن شركة الاتحاد للتأمين التعاوني، المسؤولة عن تعويض العمال عبر خدمة تأمين أجور الوافدين، بدأت بجمع معلومات عن العمال المتضررين، إلا أن العديد منهم لم يقدموا مطالبات خوفاً من فقدان فرص العمل أو الترحيل، ولم تتوفر معلومات حول ما إذا تم صرف أي تعويض.

وأشار العمال إلى سوء السكن المقدم لهم من قبل الشركة، وقدم الطعام غير الصالح للأكل وغير الكافي، كما عانت عائلاتهم في بلدانهم من صعوبات مالية بسبب توقف التحويلات اللازمة لسداد قروض الاستقدام، التي تُعد غير قانونية بموجب القوانين السعودية.

وتعرض العمال لضغوط للعمل دون أجر، بينما اضطر آخرون للانتقال للعمل في أماكن أخرى دون تصريح، معرضين أنفسهم لخطر الاعتقال والترحيل. وقال عامل من بنغلاديش: "رأيت العديد من العمال يحتجون، لكنني فكرت بعائلتي، فغادرت بهدوء".

وتظل سرقة أجور العمال واحدة من أكثر الانتهاكات انتشاراً في السعودية، وفقاً للمنظمة، وقدمت شكوى إلى منظمة العمل الدولية من قبل الاتحاد الدولي لعمال البناء والخشب، الذي يضم 12 مليون عضو.

ورغم إدخال السعودية خدمة تأمين الأجور في تشرين الأول/أكتوبر 2024، إلا أن شروطها صارمة جداً؛ إذ لا يمكن للعمال تقديم مطالبات إلا بعد ستة أشهر من عدم دفع الأجور، ومع 80% من العمال المتضررين بالمثل، ما يحرم غالبية الضحايا من التعويض.


وأوضحت هيومن رايتس ووتش أن ثمانية من أصل 11 عاملاً لم يتقدموا بطلبات خوفاً من التأثير على فرص عملهم أو الترحيل، فيما ينتظر الثلاثة الباقون الرد على مطالباتهم. وأشارت المنظمة إلى أن الحد الأقصى للتعويض 17 ألف و500 ريال سعودي (حوالي 4,663 دولار)، ولا يشمل مستحقات نهاية الخدمة، رغم أن المعايير الدولية تنص على ضمان استلام العمال كامل أجورهم والتعويض عن التأخير.

وخلص مايكل بيج إلى القول: "إذا كان التعويض المقدم بهذه الصورة في قضية بهذا الحجم، فمن الواضح أن العديد من العمال الذين يواجهون انتهاكات مماثلة أو أسوأ يتم نسيانهم".