صحافة دولية

FP: قصف الدوحة لن يغير حقيقة أن حماس هي القوة في غزة ويدعمها الفلسطينيون

الاحتلال قصف مقر الوفد المفاوض بعدد من الصواريخ شديدة التدمير- جيتي
قال دانيال بيمان، الزميل في معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية والأستاذ في مدرسة الخدمات الخارجية بجامعة جورجتا,ن إن الضربة الإسرائيلية لقطر تعني أن نتنياهو تخلى عن المفاوضات ووسع ساحة المعركة.

وأضاف بمقال في مجلة فورين بوليسي، أن محاولة اغتيال فريق التفاوض لحركة حماس كانت تهدف لاغتيال كبير المفاوضين خليل الحية وآخرين، وتبرز مدى تحول أهداف الحرب، لقد تخلى نتنياهو عن المفاوضات وتبنى التدمير المطلق لحماس، بغض النظر عن التكاليف الدبلوماسية أو الإنسانية.

وأضاف أن هذا الهجوم يعرض احتمالات التوصل إلى تسوية بوساطة وفرص استعادة الأسرى أحياء للخطر. كما يقوض العلاقات مع قطر ويعقد السياسة الأمريكية في منطقة يعاني فيها الوجود العسكري الأمريكي ونفوذها الدبلوماسي من ضغوط بالفعل.

وبهذا المعنى، تمثل الضربة إعلانا استراتيجيا بأن الاحتلال سيواصل توسيع ساحة المعركة أكثر من كونها ضربة تكتيكية ضد حماس، حتى لو أدى ذلك إلى إحباط أي أمل في وقف إطلاق النار وإلزام أقرب شركائها بالعواقب.

وأشار الكاتب أن محاولات الاحتلال السابقة لاغتيال قادة حماس في دول عربية صديقة نسبيا جاءت بنتائج عكسية، وهو ما جعل المخططين الإسرائيليين في الماضي حذرين بشأن ضربات مثل تلك التي نفذت يوم الثلاثاء.

ففي عام 1997، فشل الاحتلال في اغتيال زعيم حماس خالد مشعل في عمان بالأردن، وتم القبض على اثنين من عملاء الموساد في هذه العملية. وهددت الحكومة الأردنية، التي كاتت واحدة من دولتين عربيتين فقط وقعتا اتفاقيات الاحتلال، في ذلك الوقت وشريك استخباراتي وثيق، بقطع التعاون معها.

ولتهدئة الأردن، أطلقت إسرائيل الذليلة سراح العديد من أسرى حماس القياديين، بمن فيهم مؤسسها أحمد ياسين. وفي عام 2010، قتلت إسرائيل القائد العسكري لحماس محمود المبحوح في دبي، مما أدى إلى انتقادات دولية.

وقال الكاتب، بعد هجوم 7 أكتوبر "تغيرت حسابات إسرائيل للمخاطر بشكل جذري. فرغم لهجته الحادة، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حذرا تاريخيا بشأن استخدام القوة. ورغم كونه رئيس الوزراء الأطول خدمة في إسرائيل، لم يشن نتنياهو أي حروب كبرى خلال فترة ولايته، وقاوم دعوات السياسيين اليمينيين لاحتلال غزة".

وشدد على أن الهجوم على الدوحة "دليل آخر من حكومة نتنياهو على انتهاجها نهجا عسكريا بحتا لتدمير حماس. ويعتقد جزء كبير من اليمين السياسي، أي جمهور نتنياهو الأساسي، أنه يجب تدمير حماس بالكامل لضمان أمن إسرائيل، وتظهر هجمات كهذه لهؤلاء الناخبين أن إسرائيل لن تتهاون في سعيها لتدمير حماس".


ووتابع الكاتب: "مع ذلك، لا تزال حماس أكبر قوة في غزة، ويبدو أن تدميرها بالكامل مستبعدا. ويعود ذلك جزئيا إلى استمرار الدعم الفلسطيني للمنظمة لكن المشكلة الأكبر تكمن في معارضة الحكومة الإسرائيلية السماح للسلطة الفلسطينية بدخول غزة أو السعي بأي شكل آخر لإزاحة حماس من خلال كيان فلسطيني. ونتيجة لذلك، تعتبر حماس، بحكم الواقع، أقوى طرف فلسطيني في القطاع. وعندما يتراجع الوجود الإسرائيلي في جزء من غزة، تعود حماس للظهور، مما يتطلب مزيدا من القوات وحملة عسكرية أطول لإخضاع الحركة".

ويعتقد بيمان أن الهجمات الأخيرة، على الرغم من أهميتها السياسية، فإنها لن تحدث تغييرا يذكر في الوضع العسكري الميداني في غزة. فقوات حماس هناك لامركزية للغاية، ولن يغير مقتل قادتها في الدوحة البعيدة عملياتهم بأي شكل يذكر. وقد انتقلت القوة، واقعيا إلى غزة من الخارج وقبل هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ويضيف الكاتب أن هجمات الدوحة تقدم بعدا آخر حول العملية العسكرية في غزة، فقبل الغارة، كانت إحدى النظريات تقول إن تصعيد العمليات كان وسيلة لزيادة الضغط على حماس لإبرام صفقة بشأن الأسرى. إلا أن غارة الدوحة تظهر بوضوح أن العمليات لا تهدف إلى إجبار حماس على تغيير موقفها التفاوضي، بل إلى الحد من قوتها العملياتية وسيطرتها على غزة.

كما أن العواقب الدبلوماسية وخيمة أيضا. فتنفيذ الضربة في الدوحة يعد إهانة واضحة لقطر، التي كانت، إلى جانب مصر، من أبرز الداعمين العرب لمحادثات السلام.

ولفت الكاتب إلى أن إبلاغ الاحتلال الولايات المتحدة بالضربة مسبقا، مدعاة لمزاعم بأن واشنطن "أعطت الضوء الأخضر" للاغتيال. أي تواطؤ أمريكي، حتى لو كان متصورا أكثر منه حقيقيا، وهو ما سيسبب تعقيدات للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة. وبالإضافة إلى مساعدة واشنطن في التفاوض مع حماس، تستضيف قطر قاعدة جوية أمريكية ضخمة تشكل محورا رئيسيا للوجود العسكري الأمريكي بالشرق الأوسط.

وفي النهاية، يسلط قرار إسرائيل باستهداف مفاوضي حماس في الدوحة الضوء على اتساع الفجوة بين الاستراتيجية العسكرية لإسرائيل والمسارات الدبلوماسية التي يتبعها شركاؤها. بالنسبة للولايات المتحدة، يعقد الهجوم جهود استعادة الأسرى ويخاطر بتقويض رغبة قطر في الوساطة، ويثير تساؤلات حول مصداقية واشنطن لدى حلفائها العرب.