بورتريه

هندي مسلم يقود "غويانا" من الفقر إلى الثراء (بورتريه)

عرفان أول مسلم يشغل منصبا رسميا رفيعا في بلده حين تقلد منصب وزير الإسكان والمياه، ثم وزير الصناعة والتجارة والسياحة ما بين عامي 2009 و 2015- عربي21
يقود بلدا يمتلك أكبر احتياطيات نفطية للفرد في العالم.
هذه الثورة النفطية نعمة ونقمة في ذات الوقت فهي ستحول شعب بلاده من الفقر إلى الغنى، وقد تشعل حربا إقليمه تشارك فيها أربع دول.
منطقة شائكة وواعدة لا تبدو بعيدا تماما عن مطامع الولايات المتحدة التي ستجد أكثر من مبرر لتواجدها العسكري فيها رغم بعدها جغرافيا عن حدود أمريكا.

محمد عرفان علي المولود في عام 1980 لعائلة مسلمة من أصول هندية، في ليونورا، التي تقع على الساحل الغربي لمنطقة ديميرارا في غويانا بأمريكا الجنوبية، كان يعمل والداه في قطاع التعليم.
وكانت عائلة جده قد هاجرت من المنطقة التي تعرف حاليا "أوتار براديش" الأكثر اكتظاظا بالسكان في الهند إلى غويانا البريطانية آنذاك كعمال متعاقدين، وكان ذلك في عام 1894 على متن سفينة "الراين".
أكمل محمد عرفان علي تعليمه الثانوي في كلية "سانت ستانيسلاوس" في جورج تاون، عاصمة غويانا.

حصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة "سندرلاند"، وشهادة الدراسات العليا في التمويل من جامعة "أنجليا روسكين"، ودرجة الماجستير في القانون التجاري الدولي من جامعة "سالفورد"، ودرجة الماجستير في تخطيط القوى العاملة، ودبلوم الدراسات العليا في إدارة الأعمال الدولية، وشهادة الدكتوراه في التخطيط الحضري والإقليمي من جامعة "جزر الهند الغربية".

بدأ حياته الوظيفية بتسلم موقع مدير مشروع في وحدة تنفيذ المشاريع التابعة لبنك التنمية الكاريبي في وزارة المالية، وعمل كمسؤول تخطيط أول في أمانة التخطيط للدولة. فيما بدأت مسيرته السياسية حين أصبح عضوا في حزب الشعب التقدمي المعارض، فانتخب عضوا في الجمعية الوطنية في غويانا في عام 2006.

وسيكون أول مسلم يشغل منصبا رسميا رفيعا في بلده حين تقلد منصب وزير الإسكان والمياه، ثم وزير الصناعة والتجارة والسياحة ما بين عامي 2009 و 2015.
أصبح المرشح الرئاسي لحزب الشعب التقدمي في انتخابات عام 2020.
وأعيد انتخابه لفترة ولاية ثانية كرئيس في الانتخابات العامة التي أجريت أوائل الشهر الحالي، وبذلك أصبح الرئيس العاشر لغويانا، وثاني رئيس دولة مسلم في الأمريكيتين بعد نور حسن علي من ترينيداد وتوباغو، رغم أن المسلمين في غويانا يشكلون ما نسبته 8% تقريبا.

بعد أن بنى حملته الانتخابية على وعد بإخراج مواطنيه البالغ عددهم 850 ألف نسمة من الفقر إلى الثراء بفضل عائدات النفط.
وغويانا دولة على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية نالت استقلالها عن المملكة المتحدة في عام 1966، وأصبحت جمهورية في عام 1970 وظلت عضوا في دول الكومنولث.
والتي تعرف أيضا باسم "أرض الماء" يصنفها البعض على أنها جزء من منطقة البحر الكاريبي، جنبا إلى جنب مع جزر الهند الغربية، وبيليز، وسورينام، وغيانا الفرنسية، وتعتبر غويانا الدولة الوحيدة التي يتحدث سكانها اللغة الإنجليزية في القارة.

وتعد غابة غويانا إحدى أغنى غابات العالم وواحدة من أكثر البلدان كثافة للغابات في أمريكا الجنوبية، حيث تغطي الغابات المطيرة ما يقرب من 91% من مساحة أراضيها، وهي مساحة أكبر من ولاية واشنطن الأمريكية.
ومن المنتظر أن تستخرج النفط والغاز الطبيعي بقيمة 150 مليار دولار تقريبا من سواحلها خلال السنوات القليلة المقبلة، مما لفت انتباه العالم إليها بسبب ثروتها الجديدة، حيث ستصبح غويانا قريبا دولة غنية.

وربما بحكم قربها من البرازيل وكولومبيا وفنزويلا فقد أخذ  محمد علي عرفان موقفا أخلاقيا واضحا مما يجري في قطاع غزة جرائم حرب وإبادة جماعية تبث مباشرة للعالم، فقد وصف على نحو مبكر جرائم الاحتلال في قطاع غزة بأنها "لا تقل عن الإبادة الجماعية ".
وجدد دعوته لوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدا أن العنف والإبادة الجماعية لا مكان لهما في المجتمع الحديث.

وفي كلمة ألقاها أمام الحاضرين في "منظمة الشباب المسلم" إحياء لذكرى ليلة القدر، تحت شعار "ليلة دعاء من أجل السلام العالمي، غويانا وفلسطين".
وجمع خلال الحفل حوالي 72.5 مليون دولار من تبرعات لتقديم إغاثة إنسانية عاجلة لسكان غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وسلم المبلغ لوكالة "الأونروا".
كما حث علي قادة العالم على فضح الظلم في كل مكان من العالم.

وقال الرئيس علي: "كحكومة، لا يقتصر عملنا الخيري على ما نقوم به للنهوض بالإنسانية فحسب، بل يشمل أيضا سياساتنا وكلماتنا وخطابنا، وهذا ما يعلمه الإسلام. فلنضمن أنه أينما وجد الظلم في هذا العالم، لن تسكت أصواتنا أبدا".

وفي ولايته الثانية، ومدتها 5 سنوات، سيتعين على الرئيس أيضا إدارة الملف الشائك المتعلق بمنطقة "إيسيكويبو" الغنية بالموارد الطبيعية، والتي تطالب بها الجارة الكبيرة فنزويلا التي صوت شعبها على ضم غويانا إلى بلادهم.

محمد عرفان علي‏ يجد نفسه أمام أزمة حقيقية أمام الجيش الفنزويلي، فيما يحاول الحصول على دعم أمريكا والتي ترى أن السيطرة الفنزويلية على نفط جارتها يشكل اعتداء عليها، فيما تحمي البرازيل حدودها مع إقليم "إيسيكويبو" محل النزاع.

محمد عرفان علي، لن يضحي بمستقبل بلاده في أية مغامرة دولية، فهو يحسن لعبة التوازنات في منطقة الكاريبي التي هي أيضا الأكثر قربا، معنويا وسياسيا،  من فلسطين ومما يجري في قطاع غزة بشكل خاص رغم بعدها الجغرافي، فالإنسانية لا تعرف حدود الجغرافية والسياسة.