انتقد الكاتب البريطاني مارتن كيتل ما تروجه
بعض وسائل الإعلام في لندن من أن المملكة المتحدة "نسخة مصغرة من كوريا
الشمالية".
ورأى كيتل في مقال رأي نشره اليوم في
صحيفة
"الغارديان" البريطانية، أن ما تروجه بعض وسائل الإعلام، خصوصاً ديلي ميل
وتيليغراف، والتي تصف الحكومة الحالية بقيادة حزب العمال بأنها تسعى إلى فرض
"يوتوبيا اشتراكية" على البريطانيين، وتهدد
الحريات الفردية بشكل يشبه
الأنظمة الاستبدادية، حملة مبالغ فيها.
وأكد كيتل أن هذه الاتهامات تضخيمية وتفتقر
إلى المقارنة الواقعية، إذ لا يمكن لأي من القضايا المثارة في
بريطانيا أن تضاهي
قدرات كوريا الشمالية أو حتى ميانمار في فرض السيطرة على جميع جوانب حياة
المواطنين، كما سجلت مؤسسات حقوق الإنسان الدولية.
أول القضايا التي أثارها الكاتب تتعلق بتوتر
سوق السندات البريطانية، إذ شهدت المملكة ارتفاعاً في أسعار السندات، ما أثار
مخاوف اقتصادية واسعة. ورغم ذلك، أوضح الخبراء أن السبب الأساسي يعود إلى اضطرابات
عالمية، أبرزها الهجمات الاقتصادية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على
استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، ما أثر على أسواق أوروبا عامة. وبالتالي، فإن
تصوير الأزمة في بريطانيا على أنها فريدة أو دليل على قمع الدولة يعد مبالغاً فيه.
القضية الثانية تتعلق بإعادة طرح بطاقة
الهوية الوطنية (ID Cards)،
والتي أثارت جدلاً سياسياً وإعلامياً واسعاً. وتهدف البطاقة إلى تنظيم سوق العمل
غير الرسمي ومنع العمالة غير المسجلة، لكن تأثيرها محدود ولا يمكن اعتباره أداة
للرقابة الشاملة على المواطنين، رغم تضخيم الإعلام لها باعتبارها خطوة نحو السيطرة.
أما القضية الثالثة فتمثلت في توقيف الكاتب
والمخرج غراهام لاينهان، صانع مسلسل Father Ted،
على خلفية تغريداته المتعلقة بالتحريض على العنف. وأشار مفوض شرطة العاصمة إلى أن
القانون يحتاج لتعديل للتعامل مع التعبير المشروع عبر الإنترنت، ما يشير إلى أن
الواقعة قانونية محدودة استُغلت إعلامياً لتضخيم الصورة، وليست مؤشراً على قمع
حرية التعبير بالمستوى الذي يصوره الإعلام.
القضية الرابعة تناولت الانتقادات الإعلامية
المستمرة للسياسية المعارضة أنجيلا راينر، سواء على صعيد مظهرها أو طموحاتها
السياسية، إضافة إلى اتهامات ضريبية جزئية. ورغم تصاعد الحملة الإعلامية، يرى
محللون أنها جزء من المناخ الصحفي التقليدي في بريطانيا الذي يركز على الشخصيات
الشعبية، ولا يمكن اعتبارها مؤشرًا على قمع سياسي ممنهج.
ويخلص كيتل إلى أن المقارنة بين بريطانيا
وكوريا الشمالية ليست دقيقة، وأن الهوس الإعلامي بالمبالغة يحجب الحقائق ويؤثر على
النقاش السياسي. كما أشار إلى أن بعض الشخصيات والجهات السياسية، مثل نايجل فاراج،
تستغل هذا المناخ لترويج أكاذيب حول حرية التعبير في المملكة المتحدة وأوروبا،
بهدف الضغط السياسي وكسب قاعدة شعبية، ما يزيد من تشويه الصورة الواقعية للحكومة
والسياسة البريطانية.