تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" تقارير عن محادثات بين
إسرائيل وجنوب السودان لتهجير سكان قطاع
غزة إليها.
وأفادت الصحيفة أن مسؤولين إسرائيليين ناقشوا على مدى أشهر خططا تتعلق بسكان غزة، حيث تناولوا حديثا احتمالا يتمثل في نقلهم إلى
جنوب السودان التي تعاني أزمات حرب ومجاعات، ضمن توجه أوسع مرتبط بملف الهجرة من القطاع.
وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل، بعدما أخفقت حتى في العثور على دول مستعدة لاستقبال أعداد كبيرة من سكان غزة في ظل العدوان المتواصل منذ نحو عامين، أجرت محادثات مع جنوب السودان حول إمكانية استضافتهم، وفق ما أفاد به مسؤولون ومصادر مطلعة على النقاشات.
وقالت الصحيفة إن المراقبين والنقاد يعتبرون محادثات إسرائيل لإجبار
الفلسطينيين على مغادرة وطنهم شكلا من أشكال التطهير العرقي وجريمة حرب، لافتين إلى أن مساعيها لإعادة احتلال غزة وبناء المستوطنات من جديد تعني أن الأمر يدور بين تهجير دائم للفلسطينيين أو إعادة توطينهم في مكان آخر غير وطنهم.
وتابعت ، وعليه فقد وصف مسؤولون إسرائيليون عملية تهجير الفلسطينيين بأنها مجرد "هجرة طوعية"، وفي الأسبوع الماضي نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو أن تكون إسرائيل عازمة على "طرد" سكان غزة، ولكنه لم يقل إن كان سيسمح لمن سيخرج منهم بالعودة إلى وطنه مرة أخرى.
ونفى مسؤولون في دولة جنوب السودان أي محادثات بهذا الشأن، إلا أن مسؤولين بارزين اعترفوا في أحاديث خاصة بأنهم ناقشوا الإحتمال المثير للجدل مع مسؤولين إسرائيليين، وذلك حسب ثلاثة مسؤولين في المنطقة ومسؤول في جنوب السودان الذي أحيط بالمحادثات وكذا جماعة لوبي تحاول إقناع حكومة جنوب السودان قبول الفلسطينيين.
وتحدث خمسة مصادر، أربعة منهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، إن المحادثات بين إسرائيل وجنوب السودان لم تشهد أي تقدم بعد. ومع ذلك، فإنها تخدم مصالح كلا الجانبين، فمن جهة، يأمل المسؤولون الإسرائيليون طرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في غزة، بينما يسعى جنوب السودان كسب ود الرئيس دونالد ترامب، من جهة أخرى.
وطرح الرئيس الأمريكي مبدئيا فكرة إجلاء سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، ولكنه تراجع عنها عندما رفضها حلفاء آمريكا في مصر والأردن، وفي حين كان نتنياهو متحفظا في تصريحاته إلا أن حلفاءه من اليمين المتطرف، الذين يدعمون الإحتلال الإسرائيلي الدائم في غزة، دعموا فكرة تهجير الفلسطينيين.
ولفتت، إلى أنه في أيار/مايو عبّر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عن أمله بتهجير سكان غزة قريباً "إلى دولة ثالثة"، مضيفاً في الشهر الماضي أن غزة "جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل". كما صرّحت غيلا غامليل، الوزيرة في مجلس الوزراء الأمني، في مقابلة تلفزيونية بوجوب أن يغادر نحو 1,700,000 فلسطيني قطاع غزة. وفي الشهر ذاته، دعا الوزير عميخاي إلياهو إلى "طرد سكان" غزة، وهو موقف سارع مكتب نتنياهو إلى النأي بنفسه عنه.
ولا يمتلك سكان غزة أي مكان للخروج إليه، فمع أن مصر فتحت المجال أمام عشرات الألاف من الغزيين للدخول إلى أراضيها في الأشهر الأولى من الحرب إلا أنها لم تعد تستقبل أحدا، فيما تركز الدول الأخرى على إجلاء أعداد صغيرة ممن هم بحاجة للعلاج الطبي.
من جانبها، وصفت جماعات حقوق الإنسان أن ما تسميه إسرائيل هجرة "طوعية" هو أبعد ما يكون عن ذلك، وبدوره يعلق عمر شاكر، مدير مكتب إسرائيل وفلسطين في منظمة هيومان رايتس ووتش: "لا يوجد شيء طوعي عندما تجعل غزة غير صالحة للعيش، وعندما تدمر البنية التحتية المدنية الضرورية للحياة المدنية" فـ "الاستمرار في إجبار الناس على النزوح ليس طوعيا".
تحصل دولة جنوب السودان من خلال العمل مع إسرائيل على تهجير الفلسطينيين، هي مساعدة إسرائيل لهم في الضغط على إدارة ترامب لرفع حظر التأشيرات على مواطنيها، بالإضافة إلى رفع حظر الأسلحة والعقوبات المفروضة على بنيامين بول ميل، نائب الرئيس القوي الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه الزعيم القادم المحتمل للبلاد، حسب ما نقلت الصحيفة.
وألغت الرئيس الأمريكي ترامب في نيسان/أيريل جميع تأشيرات السفر لمواطني جنوب السودان إلى الولايات المتحدة، بعد اتهام جنوب السودان برفض التحرك بسرعة لإعادة مواطنيه الذين يتم ترحيلهم، وفي تموز/ يوليو، وافق جنوب السودان على قبول ثمانية مهاجرين رحلتهم الإدارة من الولايات المتحدة، واحد منهم فقط من جنوب السودان.
وحذرت الصحيفة من أن تدفق أعداد كبيرة من سكان غزة سيكون له أثر كبير على البلاد، في ظل معاناة جنوب السودان من عدم استقرار سياسي متزايد وأزمات إنسانية متفاقمة.
وقال جوزيف سزلافيك، مؤسس شركة ضغط تعمل مع حكومة جنوب السودان، إنه ناقش الموضوع مع مسؤولين من جنوب السودان، وكشف أن المحادثات بين إسرائيل وجنوب السودان بدأت في وقت سابق من هذا العام.
وأشارت الصحيفة أن وكالة "أسوشيتد برس" كانت أول من كشف عن المحادثات بين إسرائيل وجنوب السودان، مشيرة إلى أن جنوب السودان تدرس المقترح لكنها تخشى من الأعباء المالية المترتبة على رعاية أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، ونُقل عن سزلافيك قوله: "يتساءل سكان جنوب السودان عمن سيتحمل التكلفة".
وتحدثت وزيرة خارجية البلاد، سيمايا ك. كومبا، يوم الاثنين مع مسؤولين إسرائيليين حول هذا الموضوع، وفقا لمسؤولين من الشرق الأوسط وجنوب السودان. ولم يستجب المتحدث باسم حكومة جنوب السودان لطلب التعليق. ونفت وزارة خارجية جنوب السودان إجراء محادثات مع إسرائيل، واصفة التقارير المتعلقة بها بأنها "لا أساس لها من الصحة".
وختكت الصحيفة أن هذه التقارير أثارت ردود فعل غاضبة في جنوب السودان، حيث صرّح رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية لوسائل إعلام محلية أنه سيستدعي وزيرة الخارجية منديي سيمايا كومبا للمطالبة بتوضيحات منها.