صحافة دولية

WP: هل تفقد طالبان حليفها التاريخي بعد اشتباكها مع باكستان؟

طالبان تحالفت مع باكستان منذ الغزو السوفيتي- جيتي
قالت صحيفة واشنطن بوست، إن الاشتباكات بين حركة طالبان الأفغانية وباكستان، التي كانت حليفتها السابقة، تهدد بإحداث شرخ دائم قد يؤدي إلى مزيد من الاضطراب في المنطقة.

وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن الجانبين، اللذين باتت علاقتهما متوترة، تبادلا إطلاق النار مجددا يوم الجمعة، وفقا لوسائل إعلام تابعة لطالبان، وذلك بعد أيام من اتفاقهما على هدنة ومحادثات مرتقبة في نهاية الأسبوع بالدوحة، قطر.

وأفادت إذاعة "حرية" أن القوات الأفغانية بدأت مساء الجمعة تنفيذ "عمليات انتقامية" ضد مواقع عسكرية باكستانية، ردا على غارات جوية باكستانية استهدفت ولاية باكتيكا الحدودية.

وذكرت الصحيفة أن ثلاثة من لاعبي فريق كريكت محلي في باكتيكا لقوا مصرعهم، وأصيب عدد آخر، في أحدث حصيلة لضحايا النزاع الذي أودى بحياة العشرات هذا الشهر، ودفع الحليفين السابقين إلى مسار غير مسبوق.

وكانت باكستان من أبرز داعمي طالبان بعد الحرب السوفيتية، وساهمت في تأسيسها وتسليحها، واعترفت بها عام 1996. لكنها اضطرت للتخلي عنها عام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر والغزو الأمريكي لأفغانستان.

وعندما دخلت طالبان إلى كابول مجددا بيد عام 2021، أشاد رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك عمران خان بما اعتبره "تحرر الأفغان من قيود العبودية"، كما كان رئيس جهاز الاستخبارات الباكستاني من أوائل المسؤولين الأجانب الذين زاروا النظام الجديد، وقال للصحفيين حينها: "كل شيء سيكون على ما يرام".

وقالت الصحيفة إن العلاقات بين باكستان وطالبان تدهورت بشكل كبير بعد مرور أربع سنوات على عودة الحركة إلى الحكم، ما أثار قلق إسلام آباد من فقدان نفوذها على طالبان بشكل نهائي.

وأوضحت الصحيفة أن تصاعد النزاع يعكس حالة من الإحباط المتزايد داخل باكستان بسبب تزايد الهجمات على أراضيها، حيث تحمل السلطات الباكستانية حركة طالبان الباكستانية المسؤولية عن معظم تلك الهجمات، وهي جماعة أعلنت ولاءها لزعيم طالبان الأفغانية، وطالبت إسلام آباد النظام الأفغاني بكبحها.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الباكستانية تتهم طالبان الأفغانية بإيواء ودعم الحركة، بينما تنفي طالبان وجود عناصر طالبان داخل أفغانستان، غير أن انقطاع الإنترنت في عموم البلاد لمدة 48 ساعة الشهر الماضي كان دليلا على تواجدها، إذ اختفت الحركة عن الشبكة أيضا.


وأفادت الصحيفة أن زعيم حركة طالبان باكستان، نور ولي محسود، كان هدفا لغارة جوية باكستانية في كابول الأسبوع الماضي، وفقا لمسؤول باكستاني تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، نظرا لعدم إعلان باكستان مسؤوليتها عن الهجوم. وأضاف المسؤول أن محسود نجا من الغارة وظهر مجددا في تسجيل مصور يوم الخميس.

وقالت الصحيفة إن تصاعد التمرد الذي يقوده محسود في شمال غرب باكستان دفع إلى مراجعة سياسية داخل البلاد بشأن علاقتها السابقة بطالبان.

وأشارت الصحيفة إلى أن أحمد الله عليزاي، الحاكم السابق لكابول والمقيم في المنفى، لاحظ تغيرا في المزاج السياسي خلال زيارته الأخيرة لإسلام آباد، وقال: "أخيرا بدأوا ينتبهون".

وقالت الصحيفة إن محللين ومسؤولين باكستانيين أعربوا، علنا وسرا، عن استيائهم من عدم تدخل شبكة حقاني، التي تعد من أبرز روابط إسلام آباد بطالبان، بشكل أكثر حزما لوقف حملة حركة طالبان الباكستانية.

وتابعت الصحيفة أن زعيم الشبكة، وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني، شارك في محادثات بين الطرفين عام 2021، وفقا لمسؤولين باكستانيين، لكن انهيار تلك المحادثات أدى إلى تصاعد الهجمات المسلحة على نحو غير مسبوق منذ أكثر من عقد.

وأشارت الصحيفة إلى أن النظام الأفغاني، من جهته، يحمل باكستان المسؤولية. وقال محمد إبراهيم خان، عضو مجلس الشيوخ الباكستاني السابق الذي ترأس وفدا إلى كابول الشهر الماضي، إن مضيفيه أكدوا له أن اتفاقا كان ممكنا مع عمران خان قبل عزله من رئاسة الوزراء عام 2022 وإدانته بالفساد وسجنه. (وقد نفى خان التهم، ويقول أنصاره إنها ذات دوافع سياسية).

وأضافت الصحيفة أن قاعدة عمران خان الانتخابية كانت تستند جزئيا إلى دعم من مجتمعات البشتون في باكستان، التي تربطها صلات عرقية بمعاقل طالبان في أفغانستان، ونقل إبراهيم خان عن مضيفيه قولهم إن "الوضع تغير بالكامل بعد إزاحته".

وأفادت الصحيفة أن محللين يرون أن مطالبة طالبان بنزع سلاح حركة طالبان الباكستانية قد تعقد مهمة الحكم في أفغانستان، إذ إن التخلي عن شركائهم الأيديولوجيين قد يثير استياء داخل صفوف النظام، ويمنح الجماعات المسلحة المنافسة فرصة للتجنيد، ومنها تنظيم الدولة الذي ينشط في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان.


وقال أحد أعضاء شبكة حقاني إن تدهور العلاقات مع باكستان يعود أساسا إلى المتشددين المنعزلين في قندهار، الذين يقفون أيضا خلف العديد من القيود القاسية التي فرضها النظام على النساء.

وأوضحت الصحيفة أن تصاعد نفوذ قندهار جاء على حساب شبكة حقاني، إذ رغم احتفاظ سراج الدين حقاني بمنصب وزير الداخلية، فإن القيادة دفعت بالشبكة ومنافسين سياسيين آخرين خارج مواقع القرار خلال السنوات الأخيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن قادة طالبان في قندهار قد يشعرون بثقة متزايدة بعد نجاحاتهم الأخيرة في العلاقات الخارجية، إذ اعترفت روسيا هذا الصيف بنظامهم، واستضافت كل من الصين والهند وزير خارجيتهم في زيارات رسمية.

وأضافت الصحيفة أن طالبان قد تكون بصدد إعلان استقلالها عن باكستان، حيث كتب المتحدث باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد، على منصة "إكس" هذا الأسبوع: "المجاهدون، بمعنويات عالية، سيدافعون عن أرضهم وشعبهم".