كشف تقرير جديد صادر
عن "معهد ألما" الإسرائيلي، عن تفاصيل وصفها بـ"المقلقة" تتعلق
ببنية
الجيش السوري الجديد الذي يعيد تشكيله الرئيس السوري أحمد
الشرع.
وأشار التقرير إلى
أن التوجهات الأيديولوجية التي يتبناها العديد من عناصر الجيش تشكل خطراً حقيقياً على
الاستقرار الداخلي والإقليمي، وتُضعف من سيطرة الشرع الفعلية على الدولة السورية.
ووفقًا لما نشرته صحيفة
معاريف العبرية، فإن النظام السوري الجديد، بقيادة الشرع، بدأ منذ كانون الأول / ديسمبر
الماضي، في تنفيذ عملية إعادة هيكلة شاملة للجيش السوري، عبر دمج مقاتلين سابقين من
فصائل المعارضة مع ضباط من جيش النظام السابق، بهدف تشكيل قوة عسكرية يصل قوامها إلى
300 ألف جندي، موزعين على 20 فرقة عسكرية.
وأكد التقرير أن النظام
الجديد يعمل حاليًا على بناء بنية تحتية عسكرية متكاملة تشمل التدريب والتجنيد، غير
أن المشكلة الأبرز تكمن في أن العديد من هذه الفصائل المسلحة، التي انضوت شكليا ضمن
الجيش، لم تحل فعليًا، بل احتفظت بهياكلها الداخلية ونمط عملها السابق، ما يهدد مستقبل
تماسك الجيش ويضعف سلطة النظام عليه.
وأشار معهد ألما إلى
أن هذه الصيغة التنظيمية قد تنتج استقرارا مؤقتا، لكنها تحمل في طياتها تهديدا مستقبليا،
ليس فقط للنظام بل للمنطقة ككل، بسبب التغلغل الواسع لفصائل ذات أيديولوجيا سلفية جهادية
داخل هذا الكيان العسكري الجديد.
ومن أخطر المؤشرات
التي أوردها التقرير، دمج جماعات تصنف أيديولوجيًا بأنها قريبة من تنظيم "داعش"،
وبعضها يضم مقاتلين أجانب كانوا قد استقروا في
سوريا، ومنهم صينيون من أقلية الأويغور،
ومقاتلون تركمان، وآخرون من دول القوقاز، يحمل كثير منهم طموح إقامة "خلافة إسلامية"
في سوريا، وهم يُعتبرون متشددين حتى ضمن أوساط الجهاديين أنفسهم.
وفيما يتعلق بالدعم
الخارجي، يسلط التقرير الضوء على الدعم التركي المتزايد للنظام السوري الجديد، حيث
تشير التقديرات إلى أن تركيا تقدم دعما سياسيا واقتصاديا، وربما عسكريا، متصاعدًا النظام
الجديد، في وقت تمتلك فيه أنقرة صناعة عسكرية متطورة تجعلها مرشحة لتكون المزود الأساسي
للجيش السوري الجديد بالسلاح.
لكن رغم ذلك، يؤكد
التقرير أن الجيش لا يزال يعاني من نقص حاد في الأسلحة المتطورة، نتيجة الضربات الجوية
التي نفذتها إسرائيل على البنية العسكرية السورية، بما في ذلك مستودعات الأسلحة ومنشآت
التصنيع العسكري في مختلف أنحاء البلاد، وهي الهجمات التي أدت إلى تدمير صواريخ باليستية،
وطائرات، ومروحيات، وسفن حربية، وأنظمة تسليح متقدمة أخرى.
وفي جانب آخر من التقرير،
يفصل معهد ألما الهيكل القيادي للجيش الجديد، مشيرا إلى تعيين مرهف أبو قصرة وزيرا
للدفاع، وهو القيادي العسكري السابق في هيئة تحرير الشام، إضافة إلى تعيين علي نور
الدين النعسان رئيسًا للأركان، كما أقدم الشرع على تعيين مقربين منه في مواقع حساسة
في الحكومة الجديدة، منها رئاسة أجهزة المخابرات، والحرس الجمهوري، والقوات الجوية.
ويعرض التقرير معلومات
مفصلة حول الفرق العشرين المشكلة للجيش الجديد، ويستعرض أسماء قادتها، وانتماءاتهم
السابقة، وتوجهاتهم الفكرية، والمناطق التي يتمركزون فيها، ومن بين أبرز هذه الفرق:
"الفرقة 84"، التي توصف بأنها فرقة قوات خاصة ذات غالبية من المقاتلين الأجانب،
و"الفرقة 82"، التي يقودها أحد أكثر القادة تطرفًا في صفوف الجيش.
أما على الصعيد السياسي
والمجتمعي، فيحذر التقرير من أن التوجه العام للنظام الجديد لا يزال يلفه الغموض، رغم
محاولات الشرع الظهور بمظهر القائد البراغماتي المعتدل، وأشار التقرير إلى أن الأحداث
العنيفة التي شهدتها محافظات سورية مثل اللاذقية في آذار / مارس الماضي، والسويداء
في تموز/ يوليو من العام نفسه، تثير القلق من احتمال تبني النظام لمسار أيديولوجي إسلامي
متشدد في المرحلة المقبلة.
ويخلص التقرير إلى
أن الطريقة التي يعاد بها تشكيل الجيش السوري، والدمج الواسع للجماعات داخله، قد تتحول
إلى عبء ثقيل على النظام في المدى المتوسط والبعيد، كما تنذر بتحوّلات مقلقة في ميزان
القوى الإقليمي، لا سيما بالنسبة لإسرائيل والأردن، اللتين قد تواجهان تحديات أمنية
متزايدة على حدودهما الشمالية في حال ترسّخ هذا الواقع الجديد في سوريا.