في مشهد مأساوي يعكس
حجم الأزمة الإنسانية في قطاع
غزة، ماتت الطفلة الفلسطينية رزان أبو زاهر عن عمر لم
يتجاوز أربع سنوات، جوعاً بطيئاً على أرضية مستشفى متهالك، بجسد ضعيف خلى من الدهون،
وعيناها غائرتان، وصوتها الهادئ اختفى تحت وطأة الحصار والجوع المستمر لم تكن وفاة
رزان مجرد حادثة مأساوية، بل نتيجة لسياسات ممنهجة أدت إلى تفاقم أزمة الغذاء في القطاع
المحاصر.
هكذا وصفت الكاتبة
التونسية والخبيرة في شؤون الشرق الأوسط
سمية الغنوشي في مقال لها نشر في موقع
ميدل ايست أي البريطاني الوضع في غزة التي يعاني سكانها من المجاعة التي تنهشد
أجسادهم بسبب الحصار الشامل المفروض على القطاع وأدي إلى نقص حاد في الغذاء، خاصة الدقيق
والحليب، مما تسبب في وفاة الكثير من الأطفال وألم أمهاتهم.
وبحسب وكالة الأمم
المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فقد تم فحص أكثر من 74 ألف
طفل بين أذار/ مارس وحزيران / يونيو، وجد أن أكثر من 5500 طفل يعانون من سوء تغذية
حاد، منهم أكثر من 800 في حالة حرجة.
وتصف الكاتبة سمية
الغنوشي في مقالها الأزمة بأنها “جوع مسلح”، حيث يستخدم الاحتلال الإسرائيلي الحصار
وعمليات القصف لتجويع المدنيين، وتعطيل وصول المساعدات، وتدمير المخابز والمزارع، حيث
يعتبر هذا الحصار، بحسبها، أحد أشكال الإبادة الجماعية الحديثة التي تحاصر السكان المدنيين
في “معسكر اعتقال” يتعرض لهجوم جوي وبري وبحري مستمر.
وأشار الغنوشي إلى
أن ما يحدث في غزة يتماشى مع نمط الإبادة الجماعية النازية التي اعتمدت على التجويع
كسلاح، مستشهدة بأمثلة من تاريخ البوسنة وأحداث سريبرينيتسا.
وأضافت الكاتبة
التونسية أنه في ظل هذه الظروف القاسية، يعاني حتى الصحفيون من الجوع، إذ يعبر المراسلون عن معاناتهم خلال نقل الأخبار بينما لا يجدون طعاماً ليأكلوه، مما يعكس
حجم الكارثة التي تجاوزت الأزمة الإنسانية إلى مأساة لا توصف.
أما على صعيد المساعدات،
فتوضح الغنوشي أن الفلسطينيين يواجهون مخاطر مميتة عند محاولتهم الحصول على الغذاء،
حيث قتل أكثر من 1000 فلسطيني وأصيب حوالي 5000 في نقاط توزيع الغذاء التي تديرها مؤسسة
غزة الإنسانية منذ 27 أيار / مايو 2025، بسبب إطلاق النار عليهم من قبل القوات الإسرائيلية.
ويظهر فيديو مصور لأب يحتضن جثة ابنه بعد إطلاق النار عليهم، في مشهد يعبّر عن حجم
المعاناة.
حملت الكاتبة مسؤولية
هذه المجازر للاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض الحصار ويشن القصف، والولايات المتحدة التي
تدعمها عسكريا وسياسيا، كما تندد بالتواطؤ الأوروبي والعربي، حيث تنتقد أوروبا، التي
تفاخر بحقوق الإنسان، على صمتها وتغاضيها عن انتهاكات إسرائيل، رغم وجود اتفاقيات تجارية
تربطها بها، وتصف المراجعات الأوروبية هذا الصمت بأنه “خيانة قانونية وإنسانية”.
وعن الأنظمة العربية،
تؤكد الغنوشي في مقالها أنها ليست مجرد متفرجة بل شركاء في الحصار، مشيرة إلى الدور
المصري الذي أغلق معبر رفح وأقام منطقة عازلة في سيناء، والاردن التي تقمع الدعم الشعبي
لفلسطين بدعوى محاربة الإخوان المسلمين.
وتختم الكاتبة تقريرها
بأن ما يحدث في غزة هو أكثر من أزمة إنسانية، إنه إبادة ممنهجة تستخدم الجوع كسلاح،
وتحويل إغاثة المدنيين إلى ورقة سياسية للمساومة، وأن هذا الفشل الدولي والسكوت العالمي
هو “عار العالم المطلق” الذي تنعكس ملامحه في مأساة الأطفال الفلسطينيين في غزة.