سياسة دولية

إدارة ترامب ترفع السرية عن وثائق اغتيال مارتن لوثر كينغ.. ماذا وجد فيها؟

نشر 240 ألف صفحة من الوثائق المتعلقة باغتيال مارتن لوثر كينغ- الأناضول
نشرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مجموعة واسعة من السجلات الفيدرالية المتعلقة باغتيال الزعيم الحقوقي الأسود والمناضل من أجل العدالة الاجتماعية مارتن لوثر كينغ، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية من حيث الحجم والمضمون، لكنها أثارت في الوقت نفسه موجة من الجدل داخل أوساط عائلة كينغ ومجتمع الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.

وتشمل الوثائق المنشورة، بحسب ما أعلنه مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، أكثر من 230 ألف صفحة من ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وسجلات أخرى تعود لوكالة المخابرات المركزية ووزارة العدل والأرشيف الوطني، ظلت طيّ الكتمان منذ عام 1977 بقرار قضائي.

رفع السرّية بعد عقود من الحجب
وجاء نشر هذه الوثائق تنفيذا لأمر تنفيذي وقعه ترامب في كانون الثاني/ يناير الماضي٬ يقضي برفع السرّية عن السجلات المرتبطة باغتيال مارتن لوثر كينغ والرئيس السابق جون كينيدي وشقيقه روبرت كينيدي، في إطار تعهد سابق بالإفصاح عن الحقائق المرتبطة بهذه العمليات التي ما تزال مثار جدل تاريخي وقانوني واسع.

وقال بيان لمكتب مدير المخابرات الوطنية: "الملفات التي نُشرت اليوم لم تتم رقمنتها من قبل، وظلت لعقود مخزنة في أرشيف مؤسسات اتحادية حتى تم الكشف عنها الآن".

وأفاد البيان بأن الوثائق تتضمن "مذكرات داخلية حساسة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وسجلات غير منشورة سابقا لوكالة المخابرات المركزية، تتعلق بتتبع قاتل كينغ والملابسات المحيطة بالجريمة".

اعتراض وتحذير من "تشويه الإرث"
وفي بيان مشترك، عبّر مارتن لوثر كينغ الثالث وشقيقته بيرنيس كينغ عن استيائهما من توقيت وطريقة نشر الملفات، محذرين من "إساءة استخدام الوثائق بطرق تهدف إلى النيل من إرث والدنا"، الذي اغتيل في 4 نيسان/ أبريل 1968 في مدينة ممفيس، عن عمر ناهز 39 عاما.

وقال البيان: "نطلب من كل من يشارك في نشر هذه الملفات أن يفعل ذلك بضبط نفس واحترام لحزن عائلتنا المستمر"، مؤكدين أن "الملفات لا يمكن قراءتها دون استحضار السياق التاريخي الكامل لما تعرّض له والدنا من مراقبة حكومية مقلقة".

وأشار البيان إلى أن مارتن لوثر كينغ، خلال حياته، كان ضحية "حملة تضليل وتجسس موسعة، شنها مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي إدغار هوفر، وانتهكت أبسط حرياته كمواطن أمريكي".

ويأتي هذا الكشف في وقت تتعرض فيه إدارة ترامب لانتقادات شديدة بشأن ما يصفه مراقبون بـ"غياب الشفافية" في ملفات حساسة أخرى، أبرزها تلك المتعلقة برجل الأعمال المؤثر جيفري إبستين، المدان في قضايا استغلال جنسي لقاصرات، والذي قُتل في زنزانته عام 2019 في ظروف غامضة سُجلت رسميا كحالة انتحار.

وقال زعيم الحقوق المدنية القس آل شاربتون إن "نشر ملفات كينغ الآن محاولة يائسة لصرف الأنظار عن العاصفة السياسية التي يواجهها ترامب"، في إشارة إلى الضغوط المتصاعدة على البيت الأبيض لكشف ملابسات ملف إبستين والانهيار الأخلاقي المحيط به.

أصوات مؤيدة من العائلة
ورغم التحفظات التي عبر عنها أبناء كينغ، أبدت شخصيات أخرى من العائلة ترحيبا بهذه الخطوة، وعلى رأسهم ألفيدا كينغ، ابنة عمّ الزعيم الراحل، التي وصفت الخطوة بأنها "إجراء تاريخي يخدم الحقيقة".

وقالت في تصريح صحفي: "بينما نواصل الحداد على وفاته، فإن رفع السرية عن هذه الوثائق يمثل تقدما كبيرا نحو كشف الحقائق التي يستحقها الشعب الأمريكي"، موجهة الشكر للرئيس ترامب ومدير الاستخبارات الوطنية على وفائهما بوعد الشفافية.

وكان كينغ، وهو قس من الطائفة المعمدانية وأبرز رموز حركة الحقوق المدنية الأمريكية، قد اغتيل أثناء تواجده على شرفة فندق في ممفيس بولاية تينيسي. وقد أدين في الجريمة جيمس إيرل راي، وهو مجرم سابق اعترف بالذنب، لكنه تراجع لاحقا عن اعترافه، مؤكدًا أن اعترافه انتُزع منه تحت الإكراه.

ورغم الإدانة الرسمية، لم تهدأ الشكوك حول احتمال تورط أجهزة أمنية أو جماعات يمينية في الاغتيال، ما دفع نشطاء وحقوقيين إلى المطالبة طيلة العقود الماضية بالكشف الكامل عن الوثائق المرتبطة بالقضية.