تتابع أنقرة
الأحداث التي تشهدها محافظة
السويداء السورية عن كثب؛ نظرا لأهميتها لأمن
سوريا
واستقرارها ووحدة ترابها، كما أنها تشكل تهديدا للأمن القومي التركي، حتى لو لم
تكن تلك المحافظة واقعة بالقرب من الأراضي التركية، وتدعم الجهود التي تبذلها
الحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع، وتبدي استعدادها لتعزيز الدفاع السوري بكل ما
تملك من إمكانيات لمواجهة التحديات التي تواجهها سوريا.
هناك مشروعان
يتصارعان حاليا في الساحة السورية، وهما: مشروع الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة
تراب سوريا، ومشروع الفوضى والاقتتال والمحاصصة والتقسيم. وتقف أنقرة، بلا أدنى
شك، إلى جانب المشروع الأول، كما تدعمه دول عربية، مثل الأردن، بسبب خوفها من
انتقال الفوضى وعدم الاستقرار إلى أراضيها.
مشروعان يتصارعان حاليا في الساحة السورية، وهما: مشروع الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة تراب سوريا، ومشروع الفوضى والاقتتال والمحاصصة والتقسيم. وتقف أنقرة، بلا أدنى شك، إلى جانب المشروع الأول
وتشير المؤشرات، حتى اللحظة، إلى أن
إدارة ترامب هي الأخرى تدعم هذا المشروع وتراه لصالح المصالح الأمريكية.
أما المشروع
الثاني فتدعمه
إسرائيل وإيران ووكلائها، وترغب في نجاحه مجموعات
انفصالية من
الأقليات وفلول النظام البائد. ولذلك، يرى المتابعون أن المصالح في سوريا متضاربة
والحسابات متشابكة والمعادلة معقدة، في ظل كثرة اللاعبين الدوليين والإقليميين
والمحليين. وبعبارة أخرى، أحداث السويداء، وقبلها أحداث الساحل، ليست أزمة محلية
بين مجموعة من الدروز وأخرى من عشائر البدو العربية أو بين عدد من الخارجين عن
القانون ورجال الأمن، بل هي صراع بين المشروعين ستحدد نتائجه مستقبل سوريا ووجه
المنطقة.
قراءة أنقرة
لأحداث السويداء لخَّصها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في عدة نقاط، وذكر في
المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس الثلاثاء، في العاصمة التركية مع نظيرته
السلفادورية، ألكسندرا هيل تينوكو، أن إسرائيل لا تريد سوريا موحدة ومستقرة، وأن
نتنياهو يسعى إلى جر الشرق الأوسط إلى الفوضى، مؤكدا أن
تركيا تعمل على منع تقسيم
سوريا إلى أربعة أجزاء. كما حذر المجموعات الانفصالية قائلا إن أي محاولة لتقسيم
سوريا ستتعامل تركيا معها على أنها خطر يهدد الأمن القومي التركي، وستتدخل بشكل
مباشر لإزالته.
تركيا ترى حكمت
الهجري ومليشياته مجرد دمية تحركها إسرائيل، وهو ما أعرب عنه فيدان في تصريحاته
حين قال إنه يتصرف كأنه وكيل لإسرائيل، ولفت إلى أنه أبدى موقفا يرفض أي حل من
شأنه تحقيق الاستقرار والسلام. إلا أن أنقرة لا تراه ممثلا لدروز سوريا، بل يتزعم
مجموعة منهم، كما ذكر رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان أن فرعين من الدروز
متعاونان مع الحكومة السورية، وأن الفرع الثالث فقط يتعاون مع إسرائيل ويصر على
التخريب. وهناك أنباء تفيد بأن الاستخبارات الوطنية التركية على تواصل مع شخصيات
درزية من وجهاء السويداء، بالإضافة إلى تواصل الحكومة التركية مع الزعيم الدرزي
اللبناني وليد جنبلاط.
أمن سوريا
واستقرارها ووحدة ترابها خط أحمر لأنقرة، ومن الطبيعي أن تدعم تركيا الجهود التي
تبذلها دمشق من أجل بسط القوات الحكومية سيطرتها على كامل سوريا، بما فيها محافظة
السويداء والأراضي التي تحتلها قوات سوريا الديمقراطية "قسد". وعلى
الصعيدين السياسي والدبلوماسي، تعلن الحكومة التركية وقوفها إلى جانب الحكومة
السورية برئاسة أحمد الشرع، في مساعيها التي تهدف إلى إعادة بناء الدولة في سوريا
على أسس سليمة،
تركيا ترى أن أحداث السويداء قد تشجع "قسد" على التحرك نحو الانفصال بدعم من إسرائيل، على غرار تحرك المليشيات الدرزية التي يقودها الهجري. وبالتالي، يمكن القول بأن تحذير فيدان من محاولة تقسيم سوريا موجَّه بالدرجة الأولى إلى "قسد"
وإرساء الأمن والأمان والاستقرار، ورفض مشاريع التقسيم والفدرلة.
كما أنها تبذل جهودا دبلوماسية من أجل حشد التأييد للحكومة السورية ومواقفها،
وإنشاء شبكة دولية لدعم سوريا ضد التدخلات الإسرائيلية. ويمكن اعتبار البيان
المشترك الذي أصدرته عشر دول عربية وتركيا لدعم استقرار سوريا ووحدتها، إحدى ثمار
تلك الجهود.
أما على الصعيد
العسكري، فذكرت وزارة الدفاع التركية أنها سبق أن أبلغت دمشق استعداد تركيا لفعل كل
ما بوسعها من أجل تعزيز دفاع سوريا. ولم يصدر من الحكومة السورية حتى الآن أي
تعليق على بيان وزارة الدفاع التركية، وسط تكهنات تقول إن الرئيس السوري أحمد
الشرع يتعرض لضغوط من دول خليجية كيلا يوقع اتفاقيات عسكرية مع أنقرة. ومن المؤكد
أن تركيا ما زالت مستعدة لتقديم الدعم العسكري الذي يمكن أن تقدِّمه إلى سوريا.
تركيا ترى أن
أحداث السويداء قد تشجع "قسد" على التحرك نحو الانفصال بدعم من إسرائيل،
على غرار تحرك المليشيات الدرزية التي يقودها الهجري. وبالتالي، يمكن القول بأن
تحذير فيدان من محاولة تقسيم سوريا موجَّه بالدرجة الأولى إلى "قسد"
التي تحتل حتى الآن حوالي ثلث أراضي سوريا. ومن المؤكد أن هذا التحذير ليس تهديدا
فارغا، وأن تركيا مستعدة للتدخل العسكري بمفردها لمنع انفصال "قسد" عن
سوريا، بغض النظر عن مشاركة دمشق في تلك العملية العسكرية أو عدمها.
x.com/ismail_yasa