كتاب عربي 21

37 بالمائة المعدل الرسمي لبطالة الشابات في مصر

"تختلف ظروف العمل للعمالة النسائية حسب القطاع الذي يعملن فيه"- عربي21
مع وفاة 18 فتاة، بالإضافة إلى سائق السيارة التي كانت تقلهن خلال عودتهم من عملهن بقطف العنب، في حادث تصادم على الطريق الإقليمي في بمحافظة المنوفية المصرية في السابع والعشرين من الشهر الماضي، حرصت الصحف الحكومية على نشر الخبر في الصفحات الداخلية، رغم كثرة عدد الضحايا ورغم ما لقيه الحادث من تعاطف شعبي، اتساقا مع نهج نشر الإنجازات فقط وتفادي التعرض لأية سلبيات.

وعندما تكرر وقوع حادث على نفس الطريق الإقليمي في الخامس من الشهر الحالي، والذي أسفر عن مصرع تسعة أشخاص وإصابة 11 شخصا آخرين ونشرته الصحف الحكومية أيضا في الصفحات الداخلية، حرصت الصحف على أن تركز تغطية الحادث صحفيا على ذكر جهود المسؤولين لعلاج المصابين ونقل الجثث، دون أية تفاصيل عن الضحايا؛ من هم، وأعمارهم وماذا يعلمون وإلى أي المحافظات ينتمون، تماما كما يفعل الإعلام الغربي مع شهداء ومصابي غزة بالتعامل معهم كمجرد أرقام، دون تناول قصصهم الإنسانية، في محاولة مقصودة للإسراع بنسيان الجمهور للحادث، وهو ما تكفل به حادث حريق سنترال رمسيس الذي وقع في السابع من الشهر الحالي، والذي أثر على كفاءة الإنترنت لعدة أيام في أنحاء عديدة من العاصمة، بما لذلك من تداعيات على العمل في الشركات والبنوك.

حادث وفاة فتيات المنوفية الثماني عشرة، هو أنه تكرار لما يسميه الكثيرون حوادث فتيات الترحيلة، أي الفتيات اللاتي يعملن باليومية في الحقول وبساتين الفاكهة، واللاتي تكررت حوادث مصرعهن خلال السنوات العشرين الأخيرة خلال ذهابهن أو عودتهن من العمل

وما نود الإشارة إليه في حادث وفاة فتيات المنوفية الثماني عشرة، هو أنه تكرار لما يسميه الكثيرون حوادث فتيات الترحيلة، أي الفتيات اللاتي يعملن باليومية في الحقول وبساتين الفاكهة، واللاتي تكررت حوادث مصرعهن خلال السنوات العشرين الأخيرة خلال ذهابهن أو عودتهن من العمل، سواء الراكبات للجرارات الزراعية أو الراكبات لسيارات النقل المكشوفة أو الميكروباصات، مما يعني عدم التوجه الرسمي لتلك القضية المزمنة، والتي لا يقتصر تكرارها على العمالة النسائية الزراعية بل يتكرر أيضا مع العمالة الزراعية من الرجال والشباب.

1.4 مليون مشتغلة خارج المنشآت

وكمحاولة للاقتراب من قضية فتيات الترحيلة التي لم تجد أدنى اهتمام رسمي بها، رغم كبر عدد ضحاياها وإعداد مركز الأرض لحقوق الإنسان دراسة عنها قبل سنوات، نتعرف على العمالة النسائية في مصر من خلال البيانات الرسمية المنشورة في النشرة السنوية لبحث القوى العاملة لعام 2024، والذي يصدره جهاز الإحصاء الحكومي، لنجد عدد المشتغلات قد بلغ 4.939 مليون مشتغلة.

ويتوزع هذا العدد حسب القطاع الذي يتم العمل به ما بين: 1.760 مليون مشتغلة تعمل في القطاع الحكومي وقطاع الأعمال العام والقطاع العام، و3.148 مليون مشتغلة يعملن في القطاع الخاص و32 ألف يعلمن في القطاع التعاوني والمنظمات الدولية العاملة في مصر.

وهكذا يستوعب القطاع الخاص نسبة 64 في المائة من العمالة النسائية، مقابل 36 في المائة بالقطاع الحكومي، لكن العمل في القطاع الخاص يتوزع ما بين نوعين من الأماكن، أولهما العمل داخل المنشآت أي داخل أماكن مخصصة للعمل والذي يستوعب 1.726 مليون مشتغلة، والعمل خارج المنشآت أي في الحقول والشوارع والعراء، والذي يستوعب 1.422 مليون مشتغلة.

وهكذا تختلف ظروف العمل للعمالة النسائية حسب القطاع الذي يعملن فيه، فمن حيث نسبة اشتراك المشتغلات من سن 15 سنة فأكثر في التأمينات الاجتماعية والتي يبلغ متوسطها 62 في المائة، فإن النسبة ترتفع إلى 95 في المائة بالعمل الحكومي وتنخفض إلى 30 في المائة بالقطاع الخاص داخل المنشآت، وتتدنى إلى نسبة خمسة في المائة فقط بالقطاع الخاص خارج المنشآت، وهو القطاع الذي كانت تعمل فيه فتيات المنوفية اللاتي فقدن حياتهن في الحادث الأليم.

ونفس الصورة فيما يخص الاشتراك في التأمين الصحي الذي يبلغ متوسطه 60 في المائة، لكن النسبة مرتفعة بسبب بلوغها 95 في المائة بالقطاع الحكومي، لكنها منخفضة إلى 25 في المائة بالقطاع الخاص داخل المنشآت، وتتدنى إلى 4 في المائة فقط بالقطاع الخاص خارج المنشآت، وهو ما يفضح صورة التأمين الصحي في البلاد بالنسبة للاهتمام بالعمالة النسائية غير المنتظمة.

4 في المائة عاملات بعقد قانوني

كذلك تبلغ النسبة المتوسطة لعمل النساء بعقد قانوني إلى 63 في المائة، لكن النسبة جاءت بسبب بلوغها 95 في المائة بالقطاع الحكومي، و33 في المائة بالعمل بالقطاع الخاص داخل المنشآت، وتتدنى إلى 4 في المائة بالقطاع الخاص خارج المنشآت الذي تعمل به 1.4 مليون مشتغلة.

وتتحسن الصورة نسبيا بمؤشر نسبة العاملات في عمل دائم، والتي تصل إلى 61 في المائة بسبب ارتفاع المعدل في العمل لدى الحكومة والذي تبلغ نسبته 97 في المائة، لكن المعدل ينخفض إلى 76 في المائة بالعمل في القطاع الخاص داخل المنشآت، وينخفض أكثر إلى 42 في المائة بالقطاع الخاص خارج المنشآت.

أما عدد العاطلات عن العمل العام الماضي فقد بلغ 1.021 مليون امرأة، ونسبة 55 من هؤلاء بلغت مدة تعطلهن أقل من سنة، و24 في المائة بلغت مدة تعطلهن ما بين العام والعامين، ونسبة 11 في المائة لأكثر من عامين، ونسبة 10 في المائة تزيد فترة تعطلهن عن الثلاث سنوات، وهو ما يشير إلى صعوبة توافر فرص العمل المناسبة رغم ما يدعيه المسؤولون من إقامة مشروعات جديدة بأعداد يصعب متابعتها.

ومن ملامح البطالة النسائية المصرية أنها بطالة متعلمات بشكل واضح، حيث بلغت نسبة البطالة بين الأُميات أقل من 3 في المائة، وتصل نسبة البطالة إلى 11 في المائة لمن يقرأن ويكتبن أو لديهن شهادة محو الأمية، و13 في المائة بين الحاصلين على مؤهل أقل من المتوسط، و25 في المائة للحاصلات على الثانوية العامة أو الثانوية الأزهرية، و17 في المائة لصاحبات المؤهل المتوسط الفني، ونفس النسبة لصاحبات المؤهل فوق المتوسط وأقل من الجامعي، و25 في المائة للبطالة بين حاملات المؤهل الجامعي وفوق الجامعي.

وإذا كان المتوسط العام لنسبة البطالة بين الإناث بالعام الماضي قد بلغ 17.1 في المائة، وهو المعدل الذي لا يلقى قناعة لدى كثير من المتخصصين نظرا لاعتباره من تعمل ساعة واحدة بالأسبوع مشتغلة وليست عاطلة، إلا أنه مع استعراض معدلات بطالة الإناث في المحافظات لسن 15 سنة فأكثر، نجد نسبة بطالة الإناث ترتفع إلى 41 في المائة بمحافظة أسوان جنوب البلاد، و40 في المائة بمحافظة بورسعيد، و38 بمحافظة البحر الأحمر، و29 في المائة بمحافظة السويس، و23.5 في المائة بمحافظة الإسماعيلية.

نسب بطالة الشابات ترتفع بالحضر
بلغ العدد عام 2017 نحو 5.131 مليون مشتغلة أي أكثر بـ192 ألف مشتغلة قبل سبع سنوات مقارنة بالعام الماضي، رغم ما لحق بعدد الإناث من ارتفاع سكاني خلال تلك السنوات الأخيرة، بلغ 7.2 مليون أنثى خلال الفترة من 2016 وحتى العام الماضي، وهو ما يعد مؤشرا واضحا إلى الصعوبات التي تواجهها العمالة النسائية، التي بلغ نصيبها العام الماضي 16,5 في المائة من مجمل فرص التشغيل

لكن نسب بطالة الإناث تزيد عن ذلك بين الشابات ما بين سن 15-29 سنة ليصل متوسطها العام 37 في المائة، وترتفع نسبة البطالة إلى 65 في المائة بين شابات محافظة الوادي الجديد، و62 في المائة لشابات محافظة بورسعيد، و60 في المائة لشابات أسوان، و57 في المائة لشابات البحر الأحمر، و52 في المائة لشابات محافظة جنوب سيناء و50 في المائة لشابات محافظة أسيوط.

فقد بلغ عدد المحافظات التي تخطى معدل البطالة بها بين الشابات 30 في المائة 22 محافظة، من بين 26 محافظة وردت في البيانات، والتي لم تذكر بيانات محافظة شمال سيناء القريبة من غزة لصعوبة قياس البطالة فيها بسبب حالة عدم الاستقرار الأمني فيها، وينعكس ارتفاع معدلات البطالة على النواحي الأخلاقية وعلى صعوبات الزواج، حيث أصبحت مشاركة الفتيات في تجهيز لوازم الزواج أمرا شائعا.

وترتفع معدلات البطالة للشابات سواء في حضَر المحافظات عن ريفها، ففي حضر المحافظات بلغ متوسط نسبة البطالة للشابات 41.7 في المائة، وترتفع النسبة إلى 70 في المائة بحضر الوادي الجديد، و63 في المائة بحضر أسوان، و62 في المائة ببورسعيد، و61 في المائة بحضر بنى سويف.

وإذا كان متوسط نسبة البطالة للشابات في الريف قد بلغ 31 في المائة، فقد زادت النسبة إلى 100 في المائة بريف جنوب سيناء، و56 في المائة بريف أسوان، و53 في المائة بريف الأُقصر، و52 في المائة بريف الوادي الجديد، و44 في المائة بريف أسيوط، وهو ما ينعكس على مشاعر الولاء والانتماء ودرجة التأييد السياسي للنظام الحاكم ودرجة السخط الاجتماعي.

وإذا كان عدد المشتغلات قد زاد خلال السنوات الثلاث الماضية من 4.172 مليون مشتغلة عام 2022، إلى 4.585 مليون في العام التالي ثم إلى 4.939 مليون مشتغلة في العام الماضي، فقد كان عدد المشتغلات قد بلغ أكثر من ذلك عام 2016 بنحو 45 ألف مشتغلة، كما بلغ العدد عام 2017 نحو 5.131 مليون مشتغلة أي أكثر بـ192 ألف مشتغلة قبل سبع سنوات مقارنة بالعام الماضي، رغم ما لحق بعدد الإناث من ارتفاع سكاني خلال تلك السنوات الأخيرة، بلغ 7.2 مليون أنثى خلال الفترة من 2016 وحتى العام الماضي، وهو ما يعد مؤشرا واضحا إلى الصعوبات التي تواجهها العمالة النسائية، التي بلغ نصيبها العام الماضي 16,5 في المائة من مجمل فرص التشغيل مقابل نسبة 83.5 في المائة للرجال، رغم أن عدد الإناث يشكل نسبة 49 في المائة من عدد السكان في العام الماضي.

x.com/mamdouh_alwaly