بلغ عدد
حوادث الحريق في
مصر خلال العام الماضي حوالي 47 ألف حريق بمتوسط
شهري 3910 حريق، وبمتوسط يومي 129 حريقا حسب البيانات الرسمية المنشورة لجهاز
الإحصاء الحكومي، وهي البيانات المستقاة من الإدارة العامة للحماية المدنية التابعة
لوزارة الداخلية والمعنية بمكافحة
الحرائق، لكن عدد حوادث الحرائق الحقيقي أكبر من
ذلك حيث تشير البيانات الرسمية لما يتم الإبلاغ عنه فقط إلى الجهات الرسمية.
وتشير متابعة بيانات حوادث الحريق خلال السنوات الخمس عشرة السابقة الرسمية
المنشورة، إلى أن أكبر عدد للحرائق كان في عام 2020 بواقع حوالي 52 ألف حريق،
وأقلها عام 2014 بواقع حوالي 35 ألف حريق، وهو ما يعني أن المتوسط اليومي الرسمي
لعدد الحرائق خلال تلك السنوات الخمس عشرة، قد تراوح ما بين متوسط 95 حريقا يوميا عام
2014 كأقل عدد، ومتوسط 142 حريقا يوميا عام 2020.
وهكذا، فإن نشوب هذا العدد من الحرائق أمر طبيعي في بلد يسكنه 107 ملايين
نسمة، في ظل انتشار العشوائية والزحام وارتفاع درجات الحرارة، وضعف سبل الوقاية من
الحرائق، وارتفاع تكلفة اقتناء طفايات الحريق بالنسبة لمحدودي الدخل، وانتشار
استخدام مواقد غاز من قبل باعة المأكولات والمشروبات في الشوارع، ووجود مخازن لأسطوانات
الغاز أسفل المنازل في المناطق الشعبية، وانتشار ظاهرة سرقة الباعة للتيار الكهربى
من أعمدة الإضاءة في الشوارع، وقلة وجود الحنفيات العمومية لمياه مكافحة الحريق، وقلة
عدد نقاط
الإطفاء في العديد من المناطق في المحافظات وخاصة في الريف.
نشوب هذا العدد من الحرائق أمر طبيعي في بلد يسكنه 107 ملايين نسمة، في ظل انتشار العشوائية والزحام وارتفاع درجات الحرارة، وضعف سبل الوقاية من الحرائق، وارتفاع تكلفة اقتناء طفايات الحريق بالنسبة لمحدودي الدخل
144 حريقا يوميا في تشرين الأول/ أكتوبر
إلا أن حادث حريق سنترال رمسيس الأخير في السابع من الشهر الحالي كان له وقع
كبير على المصريين، ليس بسبب ما أسفر عنه من وفاة أربعة أشخاص من العاملين في السنترال
وإصابة 39 آخرين فقط، ولكن بسبب التداعيات التي نجمت عن الحريق في السنترال باعتباره
أحد المراكز الرئيسة للاتصالات الداخلية والخارجية ونقل البيانات في مصر، حيث تسبب
الحريق في تعطل لشبكة الإنترنت مما أثر على التعاملات المصرفية، وعلى بطاقات الائتمان
والمدفوعات الرقمية وعلى الجهات التي يقوم عملها على استخدام الإنترنت، ما أسفر عن
تعطل عمل بورصة الأوراق المالية في اليوم التالي والتأثر الجزئي للعمل في البنوك. بل
إن الأثر امتد إلى تأخر إقلاع عدد من رحلات الطيران رغم البعد الجغرافي ما بين
السنترال ومطار القاهرة، كما تأثر العمل في كل الجهات التي تعتمد على العمل
بالإنترنت ومنها الشهر العقاري، وشركات التحاليل الطبية التي تعطل عملها لعدة أيام.
ومن هنا كان الاهتمام الشعبي بالحدث في ضوء التجارب السلبية لمن تعودوا على
الدفع ببطاقات الائتمان عند الشراء أو تلقي الخدمات في المطاعم ومحطات تعبئة
السيارات؛ ولا يحملون أوراقا نقدية مع توقف ماكينات السحب الآلي عن العمل.
ومع استمرار تداعيات الحدث لعدة أيام راح المواطنون يرصدون نشوب عدد من
الحرائق في عدة أماكن في المحافظات، والتي ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في
انتشار أخبارها رغم التعتيم الإعلامي على تلك الحرائق، ومع تعدد الحرائق راح البعض
يتحدث عن مؤامرة قد تسفر عن الإطاحة بالنظام الحاكم، رغم أن عدد الحرائق التي تم
النشر عنها لم يشذ كثيرا عن السياق التاريخي لمعدلات نشوب الحرائق. وهي المعدلات التي
ترتفع وتيرتها حسب بيانات السنوات الخمس عشرة الماضية، خلال أشهر الربيع والصيف،
أعلاها في شهر أيار/ مايو يليه حزيران/ يونيو ثم نيسان/ أبريل وتشرين الأول/ أكتوبر
وأيلول/ سبتمبر. ففي العام الماضي كان المتوسط اليومي لعدد الحرائق في شهر تشرين الأول/
أكتوبر 144 حريقا يوميا. ومن هنا نتوقع استمرار المعدلات المرتفعة للحرائق في الشهور
المقبلة وحتى تشرين الأول/ أكتوبر حسب السياق الطبيعي للحرائق، بغض النظر عن
ارتباطها بمصير نظام الحكم الحالي كما يزعم البعض.
النيران الصناعية والماس الكهربائي أبرز الأسباب
وتشير البيانات الرسمية لأسباب حدوث الحرائق في العام الماضي، إلى تصدر
النيران الصناعية كسبب رئيس بنسبة 32 في المائة من إجمالي عدد الحرائق، أي الناجمة
عن إلقاء جسم مشتعل، مثل أعقاب السجائر أو أعواد الكبريت أو مواد مشتعلة أو شماريخ،
ونسبة 18 في المائة بسبب الماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي، وثلاثة في المائة
بسبب حرائق الغازات، وأقل من ذلك بسبب المواقد والأفران والغلايات، لتتبقى نسبة 46
في المائة غير واضحة.
وتشابهت تلك النسب لمسببات الحرائق خلال السنوات الماضية، بتصدر النيران
الصناعية، حتى بلغ نصيبها حوالي 60 في المائة في العديد من السنوات، يليها الماس الكهربائي
بحوالي 20 في المائة عادة.
وخلال العام الماضي أسفرت الحرائق عن وفاة 232 شخصا وإصابة 831 آخرين، وهو
عدد قريب من المتوسطات التي حدثت في السنوات الماضية لعدد الضحايا، وكان أعلاها في
عامي 2019 و2021 حين بلغ عدد الوفيات بسبب الحرائق 252 شخصا، كما كان العدد الأعلى
للمصابين عام 2010، حين بلغ 1261 شخصا، ولم يقل عدد وفيات الحرائق خلال السنوات
الخمس عشرة الأخيرة عن 172 شخصا عام 2018، وعدد المصابين عن 782 شخصا عام 2014.
ومن الطبيعي وبحكم الصدارة في عدد السكان حيث يسكنها 10.3 مليون شخص؛ أن تتخذ
محافظة القاهرة المكانة الأولى في عدد حوادث الحريق خلال السنوات الماضية بانتظام،
ولهذا فقد نالت أكبر عدد من نقاط الإطفاء بين المحافظات، بواقع 91 نقطة إطفاء من إجمالي
1008 نقاط على مستوى الجمهورية، إلا أن توزيع نقاط الحريق على مستوى المحافظات قد
أشار إلى محاباة محافظات الوجه البحري في شمال البلاد، على حساب تأخر تلك الخدمات في
محافظات الجنوب، فمع معيار عدد السكان لكل نقطة إطفاء بلغ المعدل في محافظة قنا
جنوب البلاد نقطة إطفاء واحدة لكل 178 ألف نسمة.
التداعيات التي نجمت عن الحريق في السنترال باعتباره أحد المراكز الرئيسة للاتصالات الداخلية والخارجية ونقل البيانات في مصر، حيث تسبب الحريق في تعطل لشبكة الإنترنت مما أثر على التعاملات المصرفية، وعلى بطاقات الائتمان والمدفوعات الرقمية وعلى الجهات التي يقوم عملها على استخدام الإنترنت
وفي الجيزة نقطة لكل 173 ألف شخص، وفي الدقهلية نقطة لكل 170 ألف نسمة، وفي
المنيا جنوب البلاد نقطة لكل 153 ألف شخص، وفي محافظة أسيوط بالجنوب نقطة لكل 153
ألفا، وفي محافظة سوهاج نقطة إطفاء لكل 137 ألف شخص، بينما نجد المعدل في محافظات
الوجه البحري نقطة إطفاء لكل 86 ألف شخص في محافظة كفر الشيخ، ونقطة لكل 99 ألف
شخص في محافظة الغربية، ونقطة لكل 100 ألف في المنوفية، ونقطة لكل 102 ألف بمحافظة
البحيرة ونقطة لكل 103 آلاف بمحافظة دمياط بالشمال.
1008 نقاط إطفاء لا تكفي المدن والقرى
معيار آخر لقياس مدى عدالة توزيع نقط الإطفاء على مستوى الجمهورية، من خلال
قياس عدد نقاط الإطفاء إلى المساحة المأهولة في المحافظات، وهو المعيار الذي توقف
جهاز الإحصاء عن نشره منذ عام 2011، حين أشار وقتها إلى وجود نقطة إطفاء لكل 102 كيلومتر
من المساحة المأهولة بالسكان كمتوسط عام للبلاد، وبمقارنة المساحة المأهولة
بالسكان في العام الماضي والتي زادت إلى 113 ألف كيلومتر، بعدد نقاط الإطفاء التي
زادت إلى 1008 نقاط، نجد أن المؤشر قد تراجع إلى نقطة إطفاء واحدة لكل 112 كيلومترا
من المساحة المأهولة بالسكان، بسبب زيادة المساحة المأهولة بمعدل أكبر من زيادة نقاط
الإطفاء للحريق، والتي ارتفعت من 920 نقطة إطفاء عام 2011 إلى 1008 في العام الماضي،
بزيادة 88 نقطة إطفاء خلال 13 عاما، أي بمتوسط زيادة سنوية حوالي سبع نقاط إطفاء،
مع الأخذ في الاعتبار وجود نقاط معطلة بلغ عددها عام 2021 ثماني نقاط.
وتشير المقارنة بين عدد نقاط الإطفاء الموجودة على مستوى البلاد والبالغة
1008 نقاط في العام الماضي، وبين عدد المدن البالغ 239 مدينة مصرية بخلاف 58 مجتمعا
عمرانيا جديدا بإجمالي 289 جهة، إلى وجود 3.5 نقطة إطفاء لكل مدينة، لكن مقارنة
العدد الكلي لنقاط الإطفاء بالعدد الإجمالي للقرى المصرية البالغ 4732 قرية، يشير
إلى صعوبة تغطية نقاط إطفاء الحريق للقرى المصرية والتي يقيم فيها 57 في المائة من
السكان.
x.com/mamdouh_alwaly