فنانة إيطالية لـ"عربي21": أدعو إلى كسر الصمت المتواطئ تجاه إبادة غزة
روما- عربي2118-Jul-2510:14 AM
شارك
الفنانة الإيطالية علّقت لوحة حملت شعار "صمت الإعلام" على أبواب هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية احتجاجا على التواطؤ في مجازر غزة- مواقع التواصل
دعت الفنانة والناشطة
الإيطالية كريستينا دوناتي ماير، إلى كسر ما وصفته بالصمت المتواطئ الذي يخيم على الإعلام
الإيطالي تجاه الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة لأكثر من 21 شهرا حتى الآن.
وأكدت، في مقابلة خاصة
مع "عربي21"، أن "هذا الصمت المخزي ليس مجرد تقاعس مهني، بل مشاركة
فعلية في جرائم تُرتكب بحق شعب يئن ليل نهار تحت وطأة الاحتلال والقتل والدمار"،
مضيفة أن "واجب كل فرد ووسيلة إعلامية هو فضح هذه الجرائم البشعة، وعدم السماح
باستمرار التعتيم على الحقيقة".
وتابعت دوناتي ماير:
"لا يمكننا أن نواصل الصمت بينما يُباد شعب بأكمله على مرأى العالم. ما يحدث في
غزة ليس مجرد عدوان، بل جريمة إبادة ممنهجة، تُرتكب على الهواء مباشرة، في ظل تواطؤ
مخزٍ من وسائل الإعلام، وعلى رأسها الإعلام الإيطالي الرسمي"، مؤكدة أن
"ما يجري هو قتل ممنهج للصحفيين، واغتيال للعدالة، واغتصاب للضمير الإنساني".
والجمعة الماضية، نفذت
دوناتي ماير، في مدينة ميلانو، عملا فنيا احتجاجيا أمام مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون
الإيطالية "RAI"، للتنديد بصمت الصحافة الإيطالية،
وعلى رأسها القنوات الرسمية، إزاء ما يحدث من فظائع في فلسطين، لا سيما في قطاع غزة.
صرخة فنية
وقامت الفنانة
الداعمة للقضية الفلسطينية، بلصق لوحة كبيرة تحمل عبارة "Silenzio Stampa" (أي: صمت الإعلام)، على البوابة
الخاصة بمقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية، مُستخدمة
الغراء والفرشاة.
على إثر ذلك،
تدخلت عناصر من الشرطة الإيطالية؛ حيث قاموا بتحديد هوية الفنانة ومرافقيها، بينما
قام حراس الأمن التابعون لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية بتمزيق العمل الفني وإلقائه
لاحقا في سلة المهملات.
ويصوّر العمل
الفني صحفيا استُشهد على يد الجيش الإسرائيلي، ويظهر على خلفية علم فلسطيني، مرفق بعبارة
واضحة: "صمت إعلامي".
ومؤخرا، أعلن المكتب
الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 229 صحفيا، منذ بداية
الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وذلك
إثر استشهاد الصحفي أحمد سلامة أبو عيشة.
واعتبرت الفنانة
الإيطالية، ما قامت به بمثابة "صرخة بصرية قوية ضد تواطؤ الإعلام الإيطالي وصمته
المعيب تجاه المجازر الوحشية المستمرة في غزة حتى الآن"،
متابعة: "سأظل
أطلق صرخة ضرورية لتمزيق جدار الصمت المدوي الذي يحيط بالسردية الإعلامية حول إبادة
غزة، وعلى وجه الخصوص، القتل المنهجي لمئات الصحفيين والصحفيات هناك."
نصب تذكاري
للحقيقة المخنوقة
وأردفت: "العمل
الفني الذي قمت به هو نصب تذكاري للحقيقة المخنوقة، وهو اتهام مباشر لصمت معظم وسائل
الإعلام الإيطالية والغربية، أمام المجازر التي تطال الأبرياء، وقتل مَن يحاول فقط
توثيقها. صمتهم الإعلامي تواطؤ وجريمة، لكن آن الأوان اليوم للإصغاء للأصوات التي تحاول
أن تصرخ وتروي فصول الحقيقة المخنوقة في غزة".
ولفتت دوناتي
ماير إلى أنها ذهبت إلى مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية لأنه "يُمثل نوعا ما صورة الصحافة الإيطالية
الرسمية، وكان عليّ أن أذهب إلى هناك تحديدا لإخراج الذئب من وكره. علينا أن نُنهي
بكافة الطرق هذا التواطؤ، وهذا الصمت المخزي تجاه العدوان الصهيوني على غزة".
وتابعت: "هذا العمل
الذي يُظهر صحفيا قتيلا على خلفية علم فلسطين، يمثل صفعة بصرية تهدف لإيقاظ الضمير
العام وتحريك المشاعر. أريده أن يُحدث صدمة، أن يفتح العيون المغلقة، أن يوقظ الضمائر
الغائبة، وأن يجعل الجميع يفكرون في مسؤولياتهم".
إسكات وقتل
الحقيقة
وقالت: "هذه
الخطوة التي قمت بها ليست عملا فرديا أو رمزيا فحسب، وليست مجرد احتجاج، بل هي صرخة
ضد التواطؤ، وإعلان إدانة، وشهادة فنية ضد خيانة الكلمة والإنسان. هي رسالة مفتوحة إلى جميع المؤسسات الإعلامية
بأن تقوم بدورها المهني المنوط بها من أجل الإنسان في أي مكان".
واستطردت الفنانة والناشطة
الإيطالية، قائلة: "لدينا جميعا واجب أخلاقي: كل شخص بحسب إمكانياته، وكل فنان
أو إنسان بالأدوات التي يمتلكها، عليه أن يرفع صوته عاليا ضد المجازر، ضد قتل النساء
والأطفال والرجال".
وأضافت: "أنا
أقول اليوم للجميع: كفى. لقد آن أوان كسر هذا الصمت المتواطئ، آن أوان تسمية الأمور
بأسمائها، والوقوف إلى جانب الحقيقة، مهما كانت قاسية وموجعة" لافتة إلى أن
"إسرائيل تستهدف الصحفيين بوحشية من أجل محاولة إسكات وقتل الحقيقة".
وأوضحت الفنانة والناشطة
الإيطالية، أن "الهدف من هذا العمل الفني هو إيقاظ الضمير العام، وإجبار وسائل
الإعلام الإيطالية على النظر إلى الحقيقة الدامية التي يحاول كثيرون التستر عليها".
فضح النفاق
الغربي
وزادت: "لقد أردت استخدام
الفن كأداة للتنديد، ولتحفيز الناس على التفكير في العدد الكبير من الصحفيين والصحفيات
الذين قُتلوا فقط لأنهم أرادوا نقل ما يحدث في غزة. الإبادة الجماعية لا تزال مستمرة،
وما زلنا نحتاج إلى إعادة إيصال ما يجري إلى العالم، كي يفتح عينيه حتى أقصاه على جرائم
إسرائيل الفاشية".
وشدّدت دوناتي ماير
على أن "الفن العام يمكن أن يكون وسيلة فعّالة لإيصال رسالة حقيقية وهادفة، ودفع
الناس إلى التفكير، والمطالبة بصحافة حرة وشجاعة وصادقة وغير خاضعة لإملاءات حكومة
الاحتلال الإسرائيلي اليمينية المتطرفة".
وطالبت الفنانين والأحرار
في مختلف أنحاء العالم بـ "كسر جدار الصمت، وفضح النفاق الغربي الذي يتغنى بحرية
التعبير وحقوق الإنسان، بينما يصمت أو يبرر حين تكون الضحية فلسطينية، وحين يقوم
الصحفي المُستهدف بتغطية مجازر إسرائيل".
وأضافت بحرقة: "هل يُعقل أن تُقصف مستشفيات ويُحاصر أطفال
حتى الموت، ثم نغض الطرف ونسكت؟، إن مَن يرى ولا يتكلم، يُشبه مَن ضغط على الزناد.
كل يوم يمر دون صرخة، هو خيانة جديدة للإنسانية. ما يجري في غزة عار على جبين العالم،
ووصمة لن يمحوها الزمن. وكل إعلامي يصمت، وكل فنان يتجاهل، وكل إنسان يشيح بوجهه عن
الدم، يشارك في الجريمة، شاء أم أبى".
وأكملت: ""ليس
لديّ رفاهية الصمت بينما يُدفن أطفال غزة تحت الركام ويُذبح الصحفيون لأنهم قالوا الحقيقة.
أنا فنانة، نعم، لكن قبل كل شيء أنا إنسانة. وضميري يصرخ: كيف يمكننا أن نعيش في قارة
تتغنّى بحقوق الإنسان، بينما تُرتكب إبادة على الهواء مباشرة؟، أين أوروبا؟، أين إيطاليا؟،
أين أولئك الذين صدّعونا بخطب الأخلاق والحرية؟، لقد تحوّل صمتهم إلى غطاء، وإلى سلاح
يقتل من جديد".
وختمت الفنانة الإيطالية،
حديثها بالقول: "الفن يستطيع أن يفعل شيئا. وأنا أريد، وآمل،
أن تصل رسالتي هذه إلى الصحافة الإيطالية والعالمية، وأن يصحو الجميع. نحن الآن أمام
مجزرة مروّعة مستمرة منذ 247 يوما، والذين لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم يحتاجون لمن
يُسمع صوتهم، وانا أرفع صوتي نيابةً عن أولئك الذين حُرموا حتى
من القدرة على الصراخ، وعلى الآخرين فعل ذلك أيضا".
ومنذ 7 تشرين الأول/
أكتوبر 2023، تشنّ إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير
القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة، بدعم
أمريكي، أكثر من 195 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على
10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات
الأطفال.
وعبر سياسة متعمدة
تمهد لتهجير قسري، تمارس إسرائيل تجويعا بحق أهل غزة، عبر إغلاق المعابر منذ 2 آذار/
مارس الماضي بوجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي
بالقطاع.
وتحاصر إسرائيل غزة
منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى
بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.
وبالتوازي مع إبادة
غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية،
ما أدى إلى استشهاد 980 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.