سياسة عربية

مستوطنون يقتحمون كنيسة في رام الله بقطيع أبقار.. وهجمات تطال الخليل

مستوطنون يقتحمون كنيسة بقطيع من الأبقار في رام الله ويطاردون رعاة بالخليل - الأناضول
تتواصل الهجمات المنظمة التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون على البلدات والممتلكات الفلسطينية في الضفة الغربية، وسط صمت رسمي إسرائيلي وتواطؤ من جيش الاحتلال، ما يعكس اتساع دائرة العنف الاستيطاني واتخاذه طابعًا ممنهجًا يستهدف الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة.

وفي أحدث فصول التصعيد، اقتحم مستوطنون، الخميس، كنيسة الخضر الأثرية في بلدة الطيبة شرق رام الله، برفقة قطيع من نحو 80 بقرة، في انتهاك هو الثالث من نوعه لحرمة الكنيسة خلال أسبوع واحد فقط.

ووفق إفادات سكان من البلدة، فإن المستوطنين تعمدوا إدخال الأبقار إلى حرم الكنيسة التاريخية في مشهد استفزازي أثار مشاعر الأهالي، بالنظر إلى رمزية الكنيسة وقدسيتها، في منطقة تقطنها غالبية مسيحية.

وتُعد كنيسة الخضر من أقدم الكنائس الأثرية في فلسطين، وتحمل قيمة دينية وتاريخية خاصة لدى أهالي البلدة والمسيحيين في عموم الأراضي المحتلة. 

ومع ذلك، لم تشفع قِدمها ولا رمزيتها من أن تكون هدفا للهجمات المتكررة من قبل المستوطنين الذين أقاموا، قبل نحو شهر، بؤرة استيطانية جديدة على أراضي البلدة، وبدؤوا بشن سلسلة اعتداءات شملت حرق محيط الكنيسة، وحقول المواطنين الزراعية.

وفي بيان شديد اللهجة، أكدت بلدية الطيبة أن "ما جرى اليوم من إدخال للحيوانات إلى الكنيسة يُعدّ انتهاكا صارخا لمكانة المقدسات، وتعديا سافرا على مشاعر المؤمنين"، معتبرة أن ما يحدث يمثل إهانة متعمدة ورغبة في فرض وقائع استيطانية بالقوة والغطرسة.

وطالبت البلدية المجتمع الدولي والكنائس حول العالم بـ"تحرك عاجل لحماية المقدسات من الاعتداءات العنصرية التي تمسّ القيم الإنسانية والدينية، وتكشف الوجه الحقيقي للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي".

اعتداءات جنوب الضفة
وفي جنوب الضفة، واصل المستوطنون تصعيدهم في منطقة مسافر يطا بمحافظة الخليل، حيث طاردوا الخميس رعاة الأغنام في منطقة خربة الفخيت، وحاولوا سرقة مواشيهم.

وقال الناشط الإعلامي أسامة مخامرة إن المستوطنين المسلحين لاحقوا الرعاة من المراعي، وأطلقوا مئات رؤوس المواشي نحو الأشجار المثمرة، ما ألحق أضرارا بممتلكات المواطنين في خربة اقواويس، في مشهد يعكس تغوّل الاستيطان الرعوي، الذي تحاول من خلاله جماعات المستوطنين فرض سيطرة كاملة على المراعي وآبار المياه في المنطقة، ودفع السكان إلى الرحيل القسري.

ووفق مخامرة، فإن هذه الممارسات تمثل سياسة تطهير عرقي ناعمة تستهدف طرد الفلسطينيين من أراضيهم عبر ترهيبهم ومنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية.

قرى مهجّرة وشهداء في رام الله
ولم تقتصر اعتداءات المستوطنين على رام الله والخليل، بل امتدت إلى قرى بدوية عدة شرق الضفة، حيث هجرت الهجمات المتكررة خلال العامين الماضيين نحو 25 تجمعا بدويا، بفعل الضغوط اليومية والتخريب الممنهج للمنازل والممتلكات.

ويقف خلف هذه الاعتداءات التنظيم الاستيطاني المتطرف المعروف باسم "شبيبة التلال"، والذي يجند مئات المستوطنين المتطرفين ويقود هجمات دامية ضد الفلسطينيين، آخرها ما جرى في بلدات كفر مالك والمزرعة الشرقية وسنجل شمال شرق رام الله، والتي أسفرت عن استشهاد أربعة فلسطينيين، بينهم الشهيد سيف مسلط، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، وتعرض للضرب حتى الموت على يد المستوطنين في المزرعة الشرقية.

أرقام صادمة وتوثيق أممي
وتُظهر معطيات الأمم المتحدة تصاعدا خطيرا في وتيرة الهجمات الاستيطانية، إذ سجلت منذ بداية العام الجاري 757 اعتداءً نفذه مستوطنون ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، تسببت في خسائر بشرية ومادية، وهو ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 13% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024.

وأشارت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى أن الهجمات خلال شهر حزيران/يونيو الماضي اتخذت طابعا أكثر تنظيما، وشهدت تطورا في أساليب إشعال النيران لإحراق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ضمن سياسة "الأرض المحروقة"، وتركزت تلك الاعتداءات بشكل خاص في شرق رام الله ومنطقة مسافر يطا بالخليل.