ملفات وتقارير

اتهامات بـ"التآمر على أمن الدولة" تضع الغنوشي وآخرين في مواجهة الجنائية

القضية أُدرجت تحت تهمة "التآمر على أمن الدولة الداخلي"، وهي واحدة من أخطر التهم في القانون التونسي، وتفتح الباب أمام محاكمة قد تكون الأشد منذ الثورة بحق سياسيين معارضين.
أُحيل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من أبرز القيادات السياسية إلى الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، في ما يعرف إعلامياً بـ"قضية المسامرة"، وذلك على خلفية اجتماع لجبهة الخلاص الوطني عام 2023، صرّح خلاله الغنوشي أن "تونس دون نهضة، دون إسلام سياسي، دون يسار أو أي مكوّن من المكونات، هي مشروع لحرب أهلية."

القضية أُدرجت تحت تهمة "التآمر على أمن الدولة الداخلي"، وهي واحدة من أخطر التهم في القانون التونسي، وتفتح الباب أمام محاكمة قد تكون الأشد منذ الثورة بحق سياسيين معارضين.

ما وراء "المسامرة".. خلفية القضية

شهد اجتماع لجبهة الخلاص في أبريل 2023 تصريحات سياسية نارية، فسّرتها النيابة العامة باعتبارها "تحريضاً على الفتنة" و"تهديداً للأمن القومي"، في حين يعتبرها محامو الغنوشي وآخرين "مجرد رأي سياسي محمي دستورياً".

وتشمل لائحة الاتهام قيادات بارزة في حركة النهضة، ضمن محاولة، حسب المعارضة، لتفكيك أبرز مكون سياسي مناهض للمسار الذي يقوده الرئيس قيس سعيّد.

بدء جلسات الاستماع في "قضية المؤامرة 2”

وفي تطوّر متزامن، بدأت الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب، أول أمس الثلاثاء 1 يوليو/تموز 2025، أولى جلسات الاستماع في قضية “المؤامرة على أمن الدولة 2” عبر محاكمة عن بُعد، شملت 21 متهماً، أبرزهم: راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة)، يوسف الشاهد (رئيس الوزراء السابق)، نادية عكاشة (مديرة ديوان الرئيس السابقة)، حبيب اللوز (قيادي في النهضة)، عبد الكريم العبيدي (الرئيس السابق لوحدة حماية الطائرات)، محرز الزواري (المدير العام السابق للمصالح المختصة)، ريان حمزاوي (رئيس بلدية الزهراء السابق).

وقد صدرت مذكرات توقيف دولية بحق 12 متهماً يقيمون في الخارج.

التهم الموجهة: تكوين تنظيم والتآمر على أمن الدولة، ارتكاب جرائم إرهابية، التحريض على العنف والقتل، محاولة تغيير هيكل الدولة بالقوة، واستخدام أراضي الجمهورية لتدريب عناصر لأعمال إرهابية

الهيئة القانونية المدافعة عن الغنوشي وبقية المتهمين وصفت المحاكمات بـ"المحاكمة السياسية"، معتبرة أن الحديث عن "تآمر" هو تهويل لمواقف سياسية مشروعة، في حين يرى مراقبون أن هذه القضايا تمثل امتداداً لحملة قمع ممنهجة ضد المعارضة منذ قرارات 25 يوليو 2021.

تضع هذه التطورات القضاء التونسي تحت المجهر المحلي والدولي، في ظل توجّس واسع من تسييس الملفات الأمنية، واستغلال قوانين مكافحة الإرهاب لتصفية الحسابات السياسية.

رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي الأسبق كتب على صفحته على منصة "فيسبوك"، تعليقا على قرار الإحالة: "نظام مفلس لا يملك غير  المحاكمات والسجون. طال الزمن أو قصر سيطرده الشعب من قرطاج مذموما مدحورا مثلما طرد الدكتاتور الذي سبقه"، وفق تعبيره.




قضيتان للتآمر على أمن الدولة

بدأت التحقيقات في "قضية التآمر على أمن الدولة" (المعروفة إعلاميًا في تونس بـ"قضية التآمر الأولى")، في فبراير 2023، عندما اعتقلت السلطات نحو 40 شخصية سياسية، ومحامين، وناشطين، ورجال أعمال، بتهم تشمل "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي"، و"الانتماء إلى تنظيم إرهابي"، و"التخابر مع جهات أجنبية"، و"التحريض على الفوضى والعصيان"

مثل جميع المتهمين أمام محكمة الإرهاب (المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة) في جلسة أولى عقدت يوم 4 مارس 2025، وقد وصفت هيئات حقوقية، منها هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة، المحاكمة بأنها "تسلسُل سريع غير عادل"، شابها غياب ضمانات المحاكمة العادلة ورفض حضور الصحفيين والمحامين للمتهمين .

من بين أبرز الشخصيات المتهمة والمحكوم عليهم: كمال لطيف (رجل أعمال): حُكم عليه بالسجن 66 عامًا، خيام التركي (أمين عام حزب "التكتل الديمقراطي"): 48 عامًا، نور الدين البحيري (وزير سابق وقيادي في النهضة): 43 عامًا، غازي الشواشي، عصام الشابي، جوهر بن مبارك، رضا بلحاج، شيماء عيسى: كل منهم 18 عامًا، عبد الحميد الجلاصي وسيد الفرجاني: 13 عامًا، لزهر العكرمي: 8 سنوات، كما شملت الأحكام 37 متهمًا حضوريين، فيما لا زال 3 منهم محل استئناف.

قضية التآمر 2 في تونس، وتُعرف إعلاميًا بـ "قضية التآمر على أمن الدولة 2"، وهي امتداد لما يُعرف بقضية "التآمر 1" وتستهدف معارضي الرئيس قيس سعيد.

رفعت التهم بدايةً في أبريل 2025، وتقع في إطار اتهام المعارضين بتكوين وفاق للتآمر على أمن الدولة والدعوة لارتكاب جرائم إرهابية.

تُتهم قيادات سياسية وأمنية سابقة باستخدام تهديدات ومواد أمنية لزعزعة النظام، بينها تهم تكوين تنظيم إرهابي، الاستعانة بأسلحة، والتخابر مع جهات خارجية.

المتهمون البارزون: راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة): مقاطعة المحاكمة عن بعد، ولم يحضر أولى جلسات 6 مايو، يوسف الشاهد (رئيس الحكومة السابق) ونادية عكاشة (مديرة الديوان الرئاسي): مذكورون بين المتهمين، بعضهم غائب، سياسيون وأمنيون سابقون مثل: علي العريض، رفيق عبد السلام، الحبيب اللوز، عبد الكريم العبيدي، محرز الزواري.

يبلغ عدد المتهمين الإجمالي نحو 21 شخصًا، بعضهم موقوف وبعضهم غائب.