صحافة إسرائيلية

خبير إسرائيلي: حصار غزة "غير الأخلاقي" فشل رغم وصوله حد المجاعة

يعاني قطاع غزة من حصار وإبادة إسرائيلية أدت إلى مجاعة مهولة أودت بحياة العديد من الأطفال - جيتي
رغم تشديد الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة منذ قرابة ثلاثة أشهر، ومنع المساعدات الإنسانية عن الفلسطينيين فيه، لكن القناعة الإسرائيلية أن ذلك لم يُغيّر مواقف المقاومة تجاه قضية المختطفين فحسب، بل عززها، كما اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا. 

وأكد الخبير الاقتصادي الإسرائيلي بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، سيفر بلوتسكر٬ أن "قرار حصار المساعدات لغزة كان بائسا، وغير فعّال، وغير أخلاقي، واستند للمفهوم الخاطئ الذي كُشف عنه في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو أن الوسائل الاقتصادية، إيجابية كانت أم سلبية، قد تؤثر على سلوك حماس، لأن الاعتبارات الاقتصادية لا تملك القدرة على التأثير على مواقفها".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أنه "على مدار السنوات التي سبقت السابع من تشرين الأول/أكتوبر٬ جادل كبار الخبراء الأمنيين والسياسيين، بجانب معاهد بحثية غير حكومية، بأن الطريقة الصحيحة لكبح جماح حماس تتمثل بتحسين الوضع الاقتصادي للسكان الذين تعمل في محيطهم، وبناءً على هذا التقييم، تم ضخ أموال لقطاع غزة، 500 مليون دولار سنويًا عبر المنحة القطرية، وسُمح تدريجيًا لمزيد من عمال غزة بالعمل في الداخل المحتل، وبدأت غزة تتعافى، وارتفع مستوى المعيشة، وظهرت براعم طبقة متوسطة راسخة نسبيًا". 

وأوضح أن "صناع القرار الإسرائيلي أشادوا بأنفسهم من هذه النتائج، وأعلنوا أن أسلوب ترويض حماس بالمال قد نجح، لأنها تهتم برفاهية سكان غزة، وتنأى بنفسها عن العمل المسلح، لكن الخبرة المتراكمة في القرنين الـ20 والـ21، تُظهر أن الحركات الأيديولوجية مثل حماس، لا تهتم بالتحسين الاقتصادي في المناطق التي تسيطر عليها، مما جعل من مفهوم ترويضها ليس له أي أساس واقعي، انطلاقا مما صاغه فلاديمير لينين، زعيم ثورة أكتوبر البلشفية، في مقولته الشهيرة "كلما ساءت الأحوال، كان ذلك أفضل"، بزعم أنه كلما ازدادت صعوبة وضع السكان، سهّل ذلك على الثوار العمل داخلهم، والسيطرة عليهم".

وأشار إلى أنه "بحلول شهر آذار/مارس الماضي٬ استطاعت إسرائيل القضاء على قيادة حماس المسلحة، وكانت في طريقها لتحقيق شعارها بالنصر الذي طال انتظاره، لكن هذا الإنجاز تراجع واختفى، عندما أدت مطالب الوزراء بن غفير وسموتريتش وأصدقائهما، بدعم لا لبس فيه من رئيس الوزراء نتنياهو، لاتخاذ خطوة مدمرة بقطع المساعدات عن غزة، وتقليص إمدادات الغذاء إليها إلى حدّ المجاعة التدريجية".

وأوضح أن "قيادة الجيش أدركت أن العقاب الجماعي غير فعّال، وأوصت بوقفه، لكن الائتلاف الذي يسيطر عليه الوزراء المتشددون ورئيس الوزراء أداروا ظهرهم لهذه التوصية، وأصبح هذا المفهوم الخاطئ سياسة راسخة، وكما هو متوقع، لم يُحقق سوى زيادة المعاناة".

ولفت إلى أنه "من أجل إبعاد حماس عن غزة، يتطلب الأمر مبادرة سياسية استراتيجية واسعة، تشمل عودة السلطة الفلسطينية للقطاع، رغم أنه خيار غير واقعي بنظر نتنياهو، الذي زعم أنه لا فرق لديه بين حماس والسلطة الفلسطينية في سعيهما المشترك لتدمير دولة إسرائيل وبالتالي، فهو يُعامل السلطة معاملة حماس، رغم أنها اعترفت بدولة إسرائيل٬ وألغت الميثاق الوطني، ووقعت اتفاقيات معها، وتتعاون في الحرب على المقاومة، لكن نتنياهو يتجاهل كل ذلك، ويتشبّث بعالم وهمي صنعه بلسانه".