أفكَار

لا توجد "جزائر جزائرية" موحدة دون لغة واحدة وطنية ورسمية محددة!!

الإسلام دين الدولة والعربية هي اللغة الوطنية والرسمية للجزائر التي أصبحت عضوا في جامعة الدول العربية طبقا لبيان نوفمبر كما سطره الشهداء!!
الإسلام دين الدولة والعربية هي اللغة الوطنية والرسمية للجزائر التي أصبحت عضوا في جامعة الدول العربية طبقا لبيان نوفمبر كما سطره الشهداء!!
شارك الخبر
في سياق الجدل المتجدد حول الهوية الوطنية واللغة والانتماء الحضاري في الجزائر، يندرج هذا المقال ضمن سلسلة فكرية وسياسية يواصل من خلالها الكاتب والباحث الجزائري الدكتور أحمد بن نعمان تفكيك ما يعتبره مغالطات تاريخية ومفاهيم ملتبسة أُريد لها أن تُطرح بديلاً عن الثوابت التي تأسست عليها الحركة الوطنية وثورة التحرير. ويأتي هذا النص، المكتوب خصيصًا لموقع "عربي21"، امتدادًا لمقالات سابقة تناولت قضايا الاستحلال الثقافي، والهوية، واللغة، والسيادة، في علاقتها بالاستعمار القديم وصوره المتجددة.

ينطلق الدكتور بن نعمان في هذا المقال من مقاربة تاريخية ـ سياسية تستحضر مسار الصراع مع الاستعمار الفرنسي، ليس فقط بوصفه احتلالًا عسكريًا، بل مشروعًا استئصاليًا استهدف الدين واللغة والانتماء. ومن خلال العودة إلى فكر الإمام عبد الحميد بن باديس، وبيان أول نوفمبر 1954، وتجربة التفاوض على الاستقلال، يعيد الكاتب طرح سؤال اللغة الوطنية والرسمية باعتباره سؤالًا سياديًا بامتياز، لا ينفصل عن وحدة الشعب ولا عن تعريف الدولة نفسها.

هذا النص إذن ليس مجرد دفاع عن العربية كلغة، بل هو مرافعة فكرية عن معنى الجزائر، وعن حدود المفاهيم التي يُراد تمريرها تحت شعارات ظاهرها وطني وباطنها تفكيكي. وهو دعوة صريحة لقراءة التاريخ بوعي، وربط الحاضر بجذوره، والتنبه إلى خطورة إعادة إنتاج أطروحات قديمة بثوب جديد، في لحظة إقليمية ودولية تتكاثر فيها مشاريع التقسيم وإعادة الهندسة الهوياتية.

الجزائر المسلمة

إن الجزائر مسلمة وستظل كذلك ـ بإذن الله ـ وإرادة كل المخلصين من أبنائها المجاهدين ضد الاحتلال السابق والاستحلال اللاحق (انظر معنى الاستحلال في مقالنا هنا ليوم 10 يوليو2023!؟) ولكن لا بد للجزائر الدولة والشعب من صفة انتماء!! كما حددها رائد نهضتها وجهادها الطويل على الجبهة الثقافية والهوياتية الإمام عبد الحميد بن باديس بقوله في وجه الاحتلال الفرنسي الذي أقام احتفالا كبيرا في الذكرى المئوية لغزو الجزائر سنة 1930 حضرها رئيس الدولة الفرنسية ذاته وحمل فيه المستوطنون يومها نعشا فارغا يرمز إلى موت الإسلام ولغة القرآن في هذا البلد وإلى الأبد كما كانوا يتوهمون!؟...

ولكن لم تمض سنة على ذلك الحدث الأليم حتى صدح الإمام العظيم بنشيده الوطني المدوي كالزلزال في وجه الاحتلال قائلا:

"شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب...
من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب...
أو رام إدماجا له رام المحال من الطلب.."

هذا النشيد الذي ظل يمثل خارطة الطريق للحركة الوطنية حتى تفجير ثورة التحرير في الفاتح من نوفمبر سنة 1954 كما هو معلوم والتي أتت برئيس الجمهورية الفرنسية الخامسة الجنرال دوغول المناور لإنقاذ فرنسا من جهاد الجزائر ومن مناوراته المعروفة والمكشوفة خرافة (الجزائر الفرنسية) ثم مغالطة (الجزائر الجزائرية) التي دفنتها ثورة الجهاد مع صاحبها سنة 1962 بالاستفتاء الساحق على تقرير المصير الأخير!؟

شعب الجزائر مسلم فعلا ولكن إلى العروبة ينتسب. وليس إلى فرنسا أو أوروبا. ينتسب بدينه ولسان ثقافته الجامعة بعمومياتها الغالبة لدى معظم أفراد الشعب المغاربي. المسلم الموحد الوجدان بلسان القرآن!
ومثلما لا توجد (فرنسا الفرنسية). ولا (ألمانيا الألمانية.!؟.) فلا توجد كذلك ( جزائر جزائرية) خرساء صماء دون نطق وانتماء إلى أمة مرتبطة بوحي السماء المحفوظ إلى يوم اللقاء والبقاء !!

فشعب الجزائر مسلم فعلا ولكن إلى العروبة ينتسب. وليس إلى فرنسا أو أوروبا. ينتسب بدينه ولسان ثقافته الجامعة بعمومياتها الغالبة لدى معظم أفراد الشعب المغاربي. المسلم الموحد الوجدان بلسان القرآن!؟

والانتماء هنا أساسه اللغة المتبناة للدولة السيدة والشعب الناطق بها، وهي التي تعطي اسم الشعب واسم الدولة في الغالب كقاعدة عامة وليس كاستثناء. !؟

ومثلما أن كل من يحمل الجنسية الفرنسية هو فرنسي بقطع النظر عن دينه فإن كل من يحمل الجنسية الجزائرية أو المغربية أو التونسية حاليا هو في القانون الدولي عربي حتى ولو كان نصرانيا أو يهوديا أو شيوعيا أو لادينيا!

وإذا وجدت اللائكية لفصل الدين عن الدولة وعن حياة الإنسان المدني فلا توجد أية لائكية في العالم تفصل الإنسان المواطن عن استعمال اللسان الجامع رسميا ووطنيا لأغلبية السكان في هذه البلدان والأوطان .!!

وليعلم الجهلة والعميان (تعصبا وثارا وحقدا على الوطن والثورة المظفرة...) أن في العالم اليوم 6700 لغة للاتصال بين البشر في كل القارات... وهي في ظهور واندثار وتقلص باستمرار مع انتشار التعليم ومحو الأمية.!؟

وإن عدد لغات التعليم العلمية والمدرسية والحضارية في العالم كله لا يتجاوز 150 لغة منها 6 لغات فقط تسيطر على 94 % من وسائل التواصل بين البشر في الوقت الحاضر!؟ واللغة العربية تأتي في المرتبة الرابعة عالميا بعد الصينية والإنجليزية والإسبانية!؟ وهي في انتشار مع كتابها المقدس صاحب الفضل الأول عليها في الوجود والحفظ والخلود لتظل هي العليا وعليها ستقوم الساعة في الدنيا على. اعتبار أن آخر مسلم على وجه الأرض سينطق الشهادة بها وحدها دون غيرها !؟

والخلاصة أن هناك آلاف اللغات الشفهية البدائية للأميين في العالم  من بينها فقط عشرات للمتعلمين، هي اللغات الوطنية والرسمية ل194 دولة من أعضاء الأمم المتحدة.!؟

بما يعني أن كل مجموعة من هذه الدول تتبنى لغة واحدة لها وطنية ورسمية. في التعليم والإدارة...كانت آخرها دولة جنوب السودان المنفصلة عن الشمال والمتخذة من الانجليزة لغتها الوطنية والرسمية لأسباب د ينيه وسياسية وعنصرية.!؟

مع العلم أن قبائل السودان يتحدثون أكثر من 100 لغة محلية (شفهية) قبلية ما عدا العربية في الشمال محل الصراع العرقي والديني والقبلي والنزاع والقتال وسبب انفصال الجنوب عن الشمال!؟ ولو كان لكل قبيلة أو جماعة بشرية الحق في إعلان دولتها المستقلة حسب نزوة بعض رعاتها وشيوخ قبائلها فسيشهد العالم 6700 دولة مستقلة ذات سيادة بعدد اللغات المحلية والجهوية المتداولة بين الأميين فيها إلى يوم الدين !؟ فالحمد لله على نعمة العقل للتمييز بين الحق والباطل والمتعلم والجاهل وبين الشرف والعلف والجنسية والهوية والغاية والوسيلة والأمة والقبيلة!؟

وبناء على كل هذه الحيثيات نؤكد بأنه لا يوجد في الجزائر وكل البلاد المغاربية إلا شعب واحد مسلم ناطق بالعربية (في غالبيته غير الأمية) وقد تعلم شعب هذه البلاد وعلم بهذه اللغة العلمية والعالمية نخب ارويا الغربية في حواضره العلمية والحضارية المشعة لعدة قرون !؟

إن عدد لغات التعليم العلمية والمدرسية والحضارية في العالم كله لا يتجاوز 150 لغة منها 6 لغات فقط تسيطر على 94 % من وسائل التواصل بين البشر في الوقت الحاضر!؟ واللغة العربية تأتي في المرتبة الرابعة عالميا بعد الصينية والإنجليزية والإسبانية!؟ وهي في انتشار مع كتابها المقدس صاحب الفضل الأول عليها في الوجود والحفظ والخلود لتظل هي العليا وعليها ستقوم الساعة في الدنيا على. اعتبار أن آخر مسلم على وجه الأرض سينطق الشهادة بها وحدها دون غيرها !؟
وأؤكد على مسؤوليتي العلمية والوطنية بأننا في شمال أفريقيا كلنا خليط من مختلف الأعراق والألوان البشرية كما تثبت تحليلات احماضنا النووية في المخابز العلمية ولكننا مسلمون بالاختيار قبل أن نكون عربا بالتزاوج والانصهار تبعا لذلك دون إجبار..!؟!.

والعروبة لسان وانتماء يربط أهل الأرض بوحي السماء وليست عرقا على الإطلاق بل هي مهارة بشرية تحصل بالاكتساب الإرادي للأفراد والجماعات!؟ وشأننا في ذلك شأن نصف مليار مسلم ناطق بالعربية من خليج عمان إلى تيطوان ووادي السنغال وهي تتمدد باستمرار في كل الآفاق مع امتداد الإسلام وتوفر وسائل التعليم والإعلام وسماع الآذان واعتماد لسان القرآن في البلاد الإسلامية الحالية كلغة أولى أو لغة ثانية حسب السياسة (الشعوبية والقومية) لهذه الدولة الإسلامية أو تلك من الأعضاء في منظمة التضامن الإسلامي التي تضم أكثر من ضعف عدد الأعضاء في جامعة الدول الناطقة بالعربية في القارة الأفريقية والآسيوية!؟!

ومن هذه الشعوب المستعربة بعد إسلامها الإرادي والجماعي الغالب نجد البابليين والآشوريين والكلدانيين والفينيقيين والكنعانيين والاراميين والاقباط والاحباش والبربر والهاوسا والفولاني وغيرهم. من القبائل والشعوب. الأفريقية والأسيوية..

 وأقول بصفتي بادييسيا نوفمبريا (ولا فرق بين الإثنين في ثوابت الهوية الوطنية كما سنبين لاحقا ) إن ما يميزني عن الغازي الفرنسي في الجزائر هي هويتي العربية مقابل هويته الفرنسية..!؟

أما الإسلام الذي تحاربه فرنسا على أرضها وأرضنا لصالح العلمانية والكفر والتحلل والتشويه والا فساد من الداخل.. فإنها لم تمنعه مباشرة طوال وجودها في الجزائر (مثلما حاربت اللغة العربية بالذات وماتزال تحاربها إلى الآن بكل الوسائل!؟) وكانت تعتبر كل الجزائريين (رغم اختلاط أعراقهم الأصلية واختلاف ألوانهم ولهجاتهم المحلية وثقافاتهم الشعبية..) تعتبرهم فرنسيين مسلمين دون مشكلة تذكر قبل توقيف القتال وتقرير المصير على هذا الأساس الهوياتي الصرف كما سنبين بعد حين..!؟!؟

وحتى الآن يوجد على أرضها أكثر من خمسة ملايين مسلم فرنسي (من الحركى وغير الحركى) الذين يتمتعون بكامل حقوق المواطنة الفرنسية هناك دون تغيير الديانة أو الدماء أو منعهم من التحدث بلغات أمهاتهم الأميات في بلدانهم الأصلية خارج المؤسسات الرسمية والسيادية للدولة الفرنسية على غرار كل الدول الأورو بية مثلها في الاتحاد والوطنية والملة والهوية والعصبية!؟

وفرنسا اللائكية تقبل منك أن تكون فرنسيا مسلما (مثل ملايين المتجنسين على أرضها هناك) مثلما يوجد العربي المسيحي واليهودي المتجنس في البلاد العربية مشرقا ومغربا. كذلك !؟

ولكن ما ترفض فرنسا أن تقبله في الجزائر وغيرالجزائر وتحاربه بكل الوسائل من الخارج والداخل بالفاعلين الحقيقيين وبنواب الفاعل الموسميين.. هو صفة الانتماء العربي الإسلامي للجزائر!؟ الذي يريدون التحايل عليه لتجاوزه بمغالطة (الجزائر الجزائرية).. وبعبارة واضحة (الجزائري.. المنتسب إلى العروبة) وليس (الجزائري المنتسب إلى اية هوية أخرى ولو تعود إلى وثنية الوندال والرومان!؟)

هذا هو معنى أو هدف اختراع الجنرال دوغول لمغالطة (الجزائر جزائرية) السالفة الذكر لتفادي الصفة العربية (الباديسية النوفمبرية) التي هي أساس قيام ثورة التحرير كما جاء حرفيا في بيان تفجيرها بالنسبة للأهداف وهي اولا : "اقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة في إطار المبادئ الإسلامية"، غير الشيوعية وغير العلمانية وغير المسيحية.!!؟

ثانيا  ـ "تحقيق وحدة شمال أفريقيا في إطارها الطبيعي العربي الإسلامي" ونجد هنا الإعلان الصريح عن الانتماء الطبيعي والهوية الوطنية ذات الأصل الثقافي (العربي الإسلامي) وليس العرقي الذي ينفيه البيان في مادة أخرى صريحة يقول فيها: ثالثا: "احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي او ديني".

ونلاحظ عدم وجود كلمة "لغوي" في البند، وهو ما يعني صراحة أن البيان الوحدوي السيادي يقر حرية الاعتقاد ولكن البيان يرفض التعدد اللغوي الرسمي، لأنه الفيصل القاطع في السيادة كما قلنا وأن التلاعب فيه أو التلاعب به يؤدي حتما إلى ما لا يقبل التعدد على الإطلاق إلا وهو الهوية الوطنية لوحدة الشعب. لأن الإنسان يمكن أن يكون (عربيا مسيحيا أو مسلما فرنسيا) ولكنه لا يمكن أن يكون (مسلما مسيحيا أو عربيا فرنسيا) من ناحية الانتماء!؟

ما ترفض فرنسا أن تقبله في الجزائر وغيرالجزائر وتحاربه بكل الوسائل من الخارج والداخل بالفاعلين الحقيقيين وبنواب الفاعل الموسميين.. هو صفة الانتماء العربي الإسلامي للجزائر!؟ الذي يريدون التحايل عليه لتجاوزه بمغالطة (الجزائر الجزائرية).. وبعبارة واضحة (الجزائري.. المنتسب إلى العروبة) وليس (الجزائري المنتسب إلى اية هوية أخرى ولو تعود إلى وثنية الوندال والرومان!؟)
وهذا هو معنى كلام بن باديس الذي يوضحه البيان بطلبه من فرنسا: رابعا: "الاعتراف بالجنسية الجزائرية بطريقة علنية ورسمية ملغية بذلك كل القرارات والقوانين التي تجعل من الجزائر أرضا فرنسية التاريخ والجغرافيا واللغة والدين والعادات للشعب الجزائري".

ونعتقد أن هذا الرفض القاطع للجنسية الفرنسية وهويتها اللغوية والدينية والثقافية من قادة الثورة يدل على أن للجزائر هوية وطنية وشخصية متميزة تتكامل فيها كل المقومات التاريخية والجغرافية واللغوية والثقافية التي تجعلها غير فرنسية..

وإذا قال بعضهم بأن اللغة المقصودة هنا ليست العربية فإننا نحيلهم على شعار الثلاثية المقدسة المطبوع على بطاقات كل مناضلي حزب الشعب الجزائري مفجر ثورة التحرير دون منازع وهو "الجزائر وطننا، الإسلام ديننا؛ العربية لغتنا" علما أنه هو الشعار ذاته الذي وضعه ابن باديس سنة 1931 قبل تفجير نشئه المرتقب للثورة ب 23 سنة، بقوله في القصيدة المذكورة أعلاه :

"يا نشأ أنت رجاؤنا وبك الصباح قد اقترب ...
خذ للحياة سلاحها وخض الخطوب ولا تهب ".

فلماذا لا يقول الجنرال دوغول عن بلاده إذن (فرنسا الفرنسية) مع أنها كانت وثنية وتلتنت لسانا بعد أن تمسحت دينا ووجدانا كما يعترف هو في كتابه (الأمل) الصادر أثناء حكمه سنة 1968..!؟ بعد تأسيس الأكاديمية البربرية في باريس سنة 1966 لهذا الغرض بالذات كما نجده يصرح في هذا الكتاب ذاته بأن  "الجزائر ستبقى فرنسية مثلما (أصبحت فرنسا (الغولوا) رومانية ثم فرنسية بعد تفرع لهجتها الباريسية عن أمها اللاتينية كمعظم الجيران في الاتحاد الأوروبي الحالي!!؟".

وهل يمكن لفرنسا أن تكون فرنسية بغير اللغة الفرنسية أو تبقى (الجزائر الجزائرية) فرنسية (كما قال) بغير اللغة الفرنسية!؟!؟ علما أن هذه اللغة (التي فرضوها علينا" غنيمة حرب " كما قلنا في مقالنا ليوم 10يوليو 2023 ) هي الفيصل الاول في الهوية الوطنية دون منازع لأنها هي التي تعطي الصفة أو الاسم الرسمي للدولة الوطنية كقاعدة وليس كاستثناء !!

ولذلك نجد العديد من الدول الشقيقة تحمل الصفة العربية في الإسم الرسمي للدولة وبعضها الآخر لا يحمل هذه الصفة دون عقدة أو سوء نية في الماضي ولكنها الآن بدأت تظهرمن ورائها أهداف (استحلالية) كانت الحركة الوطنية والثورة التحريرية قد قبرتها هي واهلها في مهدها قبل بعثها الآن حية تسعى بمغالطة (الجزائر الجزائرية) دون انتماء إلى حضارتها (العربية الإسلامية) التي ينص عليها البيان ويؤكدها الدستور الوطني ذاته !!؟

مع العلم أن وضع الفرنسيين هناك من حيث التحول اللغوي من الوثنية الأمية إلى اللاتينية والمسيحية هو مثلنا تماما هنا في كل بلاد المغرب والمشرق العربيين (باستثناء مهبط الوحي المبين لكل المسلمين...) حيث تعربت هذه الشعوب المسلمة حضاريا بعد إسلامها الإرادي وليس الإجباري كما قلنا وعلمت أبناء أوروبا في جامعاتعا العالمية بقرطبة وبجاية وفاس والزيتونة وتلمسان والقيروان باللغة العربية وحدها لعدة قرون.!؟...!؟

وإذا كان الإسلام لا يكره الناس على اعتناقه فلا يجبرهم أيضا على تبني لسانه!!؟ ولكن المسلم الذي غير ما في قلبه من الكفر إلى الإيمان لا يوجد ما يمنعه عقلا وشرعا من تغيير لسانه إذا كان صادق الإيمان بالفعل بعيدا عن القومية العنصرية والعصبية القبلية الجاهلية المترسبة في أذهان بعض الفئات الباطنية!!؟  فكيف تحل فرنسا لنفسها الانتماء اللساني والايماني إلى الحضارة الإغريقية الرومانية وتحرم علينا انتماءنا نحن إلى حضارتنا العربية اللسان المسلمة الوجدان!؟

والذي يدعي منهم أو منا الديمقراطية والوطنية والشرعية والغيرة على ثوابت الأغلبية الشعبية عليه أن يحترم نتائج تقرير مصيره بالأغلبية الساحقة لتحقيق الاستقلال عن فرنسا التي اعترفت به رسميا في مساء يوم ذكرى الاحتلال (5 يوليو 1830) الذي أنهاه الشعب الجزائري يوم (5 يوليو 1962!؟) وهو نفسه يوم استرجاع الاستقلال، بما يعني أنه لا يوجد استقلال دائم ولا احتلال دائم ولكن توجد خيانات مستمرة ويوجد وعي وجهاد قائم وشعب حر متحفز غير مخدوع أو نائم!!

ويمكن علميا وواقعيا لأية تجربة أن تتكرر في الوجود إذا توفرت لها نفس الشروط والأسباب التي أوجدتها أول مرة كما يقول ابن خلدون لأن الزمان إذا كان غير الزمان فالإنسان بخيره وشره وأمانته وخيانته هو الإنسان!!

وأذكر هنا للتاريخ ماقاله لي الرئس بن يوسف بن خدة الذي فاوض فرنسا على الاستقلال وتقرير المصير أثناء حرب التحرير، قال لي رحمه الله: عندما رفضنا عرض الجنرال دوغول اعترافه باستقلال الجزائر في الشمال.. مقابل تخلينا عن الصحراء وجعل الفرنسية لغة رسمية في دولة الاستقلال كالدول الفرنكوفونية التابعة لها حاليا رفضنا عرضه وقررنا مواصلة القتال سنة أخرى حتى أذعن لكامل مطالبنا بالاستقلال التام والسيادة الوطنية على كامل الجزائر (ترابا وشعبا) طبقا لبيان الفاتح من نوفمبر 1954 كما هو منصوص عليه بالنسبة لثوابت الهوية والوحدة الوطنية.

بدليل نص الدستور الوطني سنة 1963 على أن الإسلام دين الدولة والعربية هي اللغة الوطنية والرسمية للجزائر التي أصبحت عضوا في جامعة الدول العربية طبقا لبيان نوفمبر كما سطره الشهداء!!

وقال لي بأن الجنرال دوغول أسر لأحد المقربين له بانه: "لو يتعين علي أن أختار بين بترول الصحراء واللغة الفرنسية لاخترت بقاء اللغة الفرنسية!؟" واليوم يتكرر نفس الاختيار مع خليفته الحالي الذي يرفض انفصال كرسيكا وباسكيا وكاطا لونيا لأسباب لغوية.. في الوقت الذي يشجع انفصال كردستان وجنوب السودان وشرق ليبيا و"بربرستان" في المغرب والجزائر استنادا إلى القانون الدولي المقترح من فرنسا ذاتها في حرب الخليج الثانية (سنة 1992) لتبرير التدخل الدولي لحماية "الأقليات" تحت البند السابع.!".

وهو ما فصلناه حينها في كتابنا (الهوية الوطنية ـ الحقائق والمغالطات!؟ دار الأمة الجزائر 1994) اقرآوا ما قلناه وقارنوا الماضي بالحاضر لتعرفوا مستقبل وحدة المغرب العربي كما يطبخ لتمزيقها في أحدث المخابر والمنابر والمخافر.!؟
التعليقات (0)