ملفات وتقارير

33 عاما على "مرج الزهور".. فضيحة الإبعاد التي ارتدت على الاحتلال (شاهد)

صورة تجمع عددا من مبعدي مرج الزهور قبل عودتهم إلى فلسطين ويظهر بينهم الشهيدان عبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل هنية- أرشيفية
صورة تجمع عددا من مبعدي مرج الزهور قبل عودتهم إلى فلسطين ويظهر بينهم الشهيدان عبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل هنية- أرشيفية
شارك الخبر
حلت الذكرى الـ 33 على إبعاد الاحتلال، عملية الإبعاد التي نفذها الاحتلال بحق قيادات وشخصيات أكاديمية وسياسية فلسطينية، إلى بلدة مرج الزهور جنوب لبنان، ضمن الإجراءات القمعية في ظل اشتداد الانتفاضة الأولى وعقب عملية أسر أحد جنود الاحتلال مقتله في على يد كتائب القسام.

فقبل 33 عاما، وبتاريخ 17 كانون أول/ديسمبر 1992، نفذت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في كافة المحافظات الفلسطينية وكان لمحافظات غزة النصيب الأكبر منها، لقيادات وشخصيات وأعضاء في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وعملت على إبعادهم بصورة مفاجئة وبطريقة غير مسبوقة إلى منطقة جرداء نائية جنوب لبنان.

اظهار أخبار متعلقة



وبدأت حكاية الإبعاد، في ظل اشتداد إجراءات قمع الاحتلال للانتفاضة الأولى، التي انطلقت عام 1987، وتصاعد المواجهة وتلقي الاحتلال ضربات أمنية كبيرة، كان من أصعبها اختطاف أحد جنوده ويدعى نسيم توليدانو، والذي تبين أنه أسير لدى كتائب القسام، التي أعلنت مطالبها بالإفراج عن الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة مقابل حياة توليدانو.

وجاء بيان كتائب القسام محذرا من أن المجموعة التي أسرت توليدانو، ستقوم بالتخلص منه في غضون 24 ساعة في حال لم تنفذ مطالبها بخروج الشيخ أحمد ياسين من السجن، وهو ما حدث بالفعل إذ رفضت حكومة إسحق رابين التفاوض من أجل تبادل الجندي، وانقطعت أخبار توليدانو، الذي عثر على جثته راع ملقاة في أرض خالية بين القدس وأريحا.

إبعاد خارج الحدود

لجأ الاحتلال عقب مقتل توليدانو إلى حملة قمعية ضد الفلسطينيين في كافة الأراضي المحتلة، وخرج بفكرة إبعاد القيادات المحركة للانتفاضة والمواجهة، واتخذ قرار حكومة رابين ونفذ في الليلة ذاتها، وبدأت عمليات تنقل بين سجون الاحتلال للمعتقلين الموجودين، فضلا عن من تم اعتقالهم، دون معرفة الوجهة التي سيتحركون إليها، وتم وضع من رست عليهم القوائم، في حافلات وشاحنات، وهم معصوبو الأعين ومكبلون، وانطلقوا إلى الحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان.

وكان عدد المبعدين 417 شخصا، أغلبهم من حركة حماس، ومنهم قرابة 40 من حركة الجهاد الإسلامي، ولم يجر إبلاغهم بالمكان الذي سينقلون إليه، وفوجئوا مع ظهور الفجر، يسيرون باتجاه الحدود اللبنانية.

تصد لبناني

بعد ابتعاد الحافلات والشاحنات مسافة كيلومترات عن حواجز الاحتلال، على حدود فلسطين المحتلة، ودخولهم إلى المنطقة العازلة مع لبنان، واقترابهم من الجيش اللبناني، رفض الأخير دخولها إلى لبنان، في المقابل رفض المبعدون النزول وطلبوا من اللبنانيين عدم إدخالهم للضغط على الاحتلال وإعادتهم.

وعادت الشاحنات بالفعل صوب فلسطين المحتلة، لكن قوات الاحتلال بدأت بإطلاق النار بكثافة، وهو ما دفع سائقي الشاحنات لإجبار المبعدين على النزول في منطقة جرداء بين فلسطين المحتلة ولبنان.

واضطر المبعدون للاستقرار في المنطقة، وبعد بحثهم وجدوا في مجرى ماء طبيعي في بلدة مرج الزهور اللبنانية، والتي حملت اسم قضيتهم لاحقا، وهناك بدأوا بتنظيم أنفسهم لإقامة مخيم والتعامل مع الظرف الجديد الذي أجبرهم الاحتلال عليه، وإرسال مناشدات دولية لحل قضيتهم.

صدمة عالمية

شكلت عملية الإبعاد صدمة عالمية، بعد لجوء الاحتلال لواحدة من أشد الأساليب القمعية بحق الفلسطينيين، عبر التهجير الجماعي والذي يعد جريمة حرب، وجريمة بحق الإنسانية، وتدافعت العديد من المنظمات الدولية، ووسائل الإعلام لتفقد وضع المبعدين خاصة أنهم تركوا في منطقة عراء وبظروف جوية قاسية وبرد شديد، بملابسهم الشخصية.

وبدأت تصل إلى موقع المبعدين الخيام والأغطية والمستلزمات الحياتية البسيطة، ومواد تساعدهم على تسيير أمورهم، فضلا عن مساهمات من القرى اللبنانية المحيطة بهم لإغاثتهم.

رموز الإبعاد

تحول مخيم المبعدين إلى خلية نحل، بعد تنظيم أفراده لأنفسهم كل حسب اختصاصه ومنطقة سكنه الأصلية في المحافظات الفلسطينية، لسهولة التواصل وقام بتعيين قيادة للمخيم وناطقين باسمه، وكان الدكتور عزيز دويك الناطق باللغة العربية باسم المخيم فيما الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، الناطق باللغة الإنجليزية والتواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية للحديث عن المخيم.

وضم المخيم، أطباء بمختلف الاختصاصات، ومهندسين، ودعاة وموظفين في مؤسسات مختلفة وعددا من والمعلمين وأساتذة الجامعات.

وقام أطباء المخيم، بتأسيس عيادة ميدانية، بما توفر من أدوات، وحصلوا على معدات طبية بسيطة من المؤسسات الإغاثية، وكان المشرف عليه الطبيب عمر فروانة، وهو أحد أبرز أستاذة الطب قطاع غزة، والذي استشهد في حرب الإبادة على القطاع عام 2023، بعد استهداف مباشر لمنزله واستشهاد كافة أفراد أسرته معه.

كسر الإبعاد

ورغم أن الاحتلال بعملية الإبعاد كان يسعى لكسر حدة الانتفاضة، إلا أن الأوضاع لم تهدا، وتصاعد الغضب من عملية الإبعاد، بسبب نشاط المبعدين وإصرارهم على العودة إلى بلادهم، عبر العديد من المسيرات التي نفذوها صوب حدود فلسطين المحتلة مع لبنان، وإطلاق الاحتلال النار عليهم وإصابة بعضهم.

ووصلت قضية المبعدين بعد نحو عام من الإصرار على العودة والتحدي، ورفض الإبعاد إلى مجلس الأمن، حيث صدر القرار رقم 799، والذي أدان ما فعله الاحتلال، وطالب بإعادة المبعدين كافة إلى مناطقهم، واعتبرت العملية انتهاكا لاتفاقية جنيف.

اظهار أخبار متعلقة



وبعد مفاوضات خاضتها قيادة المبعدين مع الاحتلال، والتي أصروا فيها على العودة جميعا، ولاحقا، على مرحلتين، بدأت في 9 أيلول/سبتمبر 1993 عملية تفكيك المخيم بعودة أول دفعة من المبعدين، وكان عددهم 189 شخصا، في حين كانت الدفعة الثانية بتاريخ 17 كانون أول/ديسمبر 1993، وعدد العائدين كانوا 214 شخصا، فيما فضل عدد قليل من المبعدين عدم العودة لاستئناف نشاطاتهم خارج فلسطين المحتلة.

وعلى مدار السنوات اللاحقة، كان لمبعدي مرج الزهور، دور كبير في مقاومة الاحتلال، ومن أبرز الأسماء التي شهدت الإبعاد واستشهدت في مقاومة الاحتلال.

الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، الشهيد محمود أبو هنود، الشهيد إسماعيل هنية، الشهيد إسماعيل أبو شنب، الشهيد جمال منصور، الشهيد جمال سليم، والشهيد إبراهيم أحمد القواسمي، والشهيد إبراهيم فرج الله، والشهيد صلاح الدين دروزة، والشهيد يوسف أبو هين، والشهيد يوسف السركجي، والشهيد هشام سلامة.












التعليقات (0)