وصف المبعوث الأمريكي إلى
سوريا،
توم باراك، اجتماعه مع رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ"البنّاء"، وقال باراك، في منشور عبر منصة "أكس"، إن الحوار مع نتنياهو "يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين".
بدورها، قالت هيئة البث العبرية، إن الزيارة بالغة الحساسية، وتعكس -حسب مصادر دبلوماسية- نفاد صبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، ونقلت الهيئة عن مصادر سياسية
إسرائيلية -لم تسمها- أنه "لا يُنظر إلى زيارة باراك على أنها بروتوكولية عادية"، ووفق الهيئة، فإن "باراك مكلف بتحديد إذا ما كان نتنياهو شريكا يمكن الاعتماد عليه في المرحلة المقبلة".
وفي السياق نفسه، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن البيت الأبيض أرسل رسالة شديدة اللهجة إلى نتنياهو، مؤكدًا أن اغتيال قائد عسكري بارز في حماس خلال عطلة نهاية الأسبوع يُعد انتهاكًا لاتفاق وقف إطلاق النار في غزّة، وشدّد البيت الأبيض على أنه لن يسمح لنتنياهو "بتشويه سمعة الرئيس ترامب بعد أن توسط في اتفاق غزة".
وأضاف الموقع أن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، ومبعوث البيت الأبيض، ستيف ويتكوف، ومستشار ترامب وصهره، جاريد كوشنر، يشعرون بإحباط شديد من نتنياهو، كذلك أشار المسؤولون الأميركيون إلى أن البيت الأبيض "يشعر بقلق متزايد إزاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين"، منبّهين إلى أن "سياسات إسرائيل تخلق مناخًا يضر بجهود البيت الأبيض لتوسيع اتفاقيات أبراهام، لا سيما مع السعودية".
بدورها، نقلت قناة i24 العبرية، عن مصدرين مطّلعين أن نتنياهو والمبعوث الأمريكي توصلا إلى تفاهمات مشتركة تتعلق بالملف السوري، وذلك بعد مرحلة من التنسيق المكثف التي أدت – بحسب المصادر – إلى وضوح متبادل بشأن ما هو مطلوب من كل طرف.
وأوضحت القناة أن هذه التفاهمات تشمل استمرار الرغبة الإسرائيلية في التحرك داخل الأراضي السورية ضد ما تصفه بالتهديدات الأمنية، إلى جانب الاتفاق على مواصلة المفاوضات مع سوريا بشأن اتفاق أمني محتمل، في إطار تفاهم أميركي–إسرائيلي أوسع حول إدارة هذا الملف، ورغم أن واشنطن لطالما أعربت في أكثر من مناسبة عن قلقها من تقويض التوغّلات الإسرائيلية المتكرّرة جنوب سوريا جهود تثبيت الدولة السورية، إلا أن دولة الاحتلال ما زالت ترى بنظام دمشق الجديد غير قادر - بل وأيضًا غير راغب - على منع التهديدات على طول حدود سوريا، وهو ما يبرّر، من وجهة نظر تل أبيب استمرار "العمليات الوقائية".
وفي وقت وصفت فيه وسائل الإعلام العبرية زيارة توم باراك، إلى إسرائيل، بعبارات مفخّمة مثل كونها "حسّاسة ومليئة بالدلالات"، إلا أنها كباقي زيارات المسؤولين الأمريكيين إلى دولة الاحتلال، لا تعدو أن تستهدف الاستطلاع وليس الإملاء، فيما تُظهر أنّ إدارة ترامب، لم تَعُد تنظر إلى غزة أو لبنان أو سوريا باعتبارها ملفّات منفصلة، بل تتعامل معها كمنظومة واحدة، ضمن رؤية إقليمية أشمل، لا تقتصر على حلّ مسألة غزة فقط، بل يتعدّاها إلى إعادة ترتيب المشهد الأمني في غرب آسيا كلّه.
بما يسهم في إضعاف ما تعتبرها واشنطن أطراف معادية لأمريكا، ومن هذا المنطلق، فإنّ أيّ تقدّم في غزة نحو تثبيت التسوية، والشروع في المرحلة الثانية من خطّة وقف إطلاق النار، وكذلك ضبط الوضع في لبنان بما لا يفضي إلى تصعيد منفلت، وتعبيد الطريق أمام التسوية المطلوبة أميركيًا بين سوريا وإسرائيل... كلّ ما تقدّم يُعدّ جزءًا لا يتجزأ من تطلُّع أميركي إقليمي واسع.
ويدرك المسؤولون، وعلى رأسهم باراك، أنّ تفكيك حماس أو حزب الله عسكريّاً في الظروف الحالية، ليس واقعيّاً. وعلى هذه الخلفية، تحوّل التركيز من إزالة السلاح إلى منع استخدامه؛ وهي صيغة، وإنْ بدت غامضة، إلّا أنها تُقرّ بتعقيدات الواقع، وتسعى إلى بناء آليات ردع ورقابة صارمة تحدّ من القدرة على استخدام السلاح في الساحتين.
واعتبر مسؤول في دولة الاحتلال الإسرائيلي أن طرح فكرة تجميد سلاح حماس "محض خيال"، مشددًا على أن إسرائيل لن تقبل بها.، وأكد المسؤول في تصريحات لمجلة "فورين بوليسي" إن "يجب نزع
سلاح حماس، وسيتم ذلك، كما سيتم تجريد غزة من سلاحها وفقا لما هو منصوص عليه في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 بندا"، وأدعى أن إسرائيل كانت ملتزمة بخطة ترامب، وقد دعمت هذا الموقف منذ بداية وقف إطلاق النار، وأضاف في حديثه للمجلة أن "إسرائيل ستضمن أمن حدودها، وأن غزة لا تشكل أي تهديد للدولة اليهودية".
ومن الناحية العملية، وصفت صحيفة "معاريف" العبرية الزيارة بأنها تمهيدية لاجتماع نتنياهو وترامب المقرر عقده في نهاية الشهر في ميامي، وقالت إنه بهذا المعنى، فإن باراك لا يأتي "للاستماع"، بل للتحقق من مدى استعداد "إسرائيل" للتحرك.
وفيما يتعلق بلبنان وسلاح حزب الله، تتوقع واشنطن خطوات ملموسة من بيروت، تتمثل في تعزيز سيطرة الجيش اللبناني في الجنوب، والحد من حرية حزب الله في التحرك، وإبداء استعداد لتحمل المسؤولية الأمنية.