صحافة إسرائيلية

تحذير "إسرائيلي": يجب أن ندرك حقيقة انهيار الإجماع الأمريكي حول دعمنا

أصوات انتقادات واسعة في الولايات المتحدة للاحتلال بعد الحرب على غزة- جيتي
أصوات انتقادات واسعة في الولايات المتحدة للاحتلال بعد الحرب على غزة- جيتي
شارك الخبر
في الوقت الذي تشهد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تراجعاً في أوساط الرأي العام، تخشى المحافل السياسية والدبلوماسية في تل أبيب مما يعتبرها انهيار الإجماع الحزبي في الولايات المتحدة حولها، الأمر الذي يزيد من الدعوات المطالبة بأن تُكيّف سياستها مع الواقع الجديد، وتُخرج نفسها مما تراها مأزقاً، قبل فوات الأوان.

وذكر عوفر يسرائيلي، الاستراتيجي والخبير في سياسة الأمن الدولي بكلية عسقلان الأكاديمية، أنه "لأكثر من 50 عامًا، شكّل الدعم الأمريكي لإسرائيل ركيزةً أساسيةً في السياسة الخارجية لواشنطن، عابرًا للتيارات والأحزاب السياسية، لكنه ذلك العصر ولّى الآن، حيث حوّلت السياسة الإسرائيلية الحالية من شريك استراتيجي إلى نقطة تصدّع في النقاش الأمريكي الداخلي، وهو اتجاهٌ ازداد حدةً بعد الحرب العدوانية الأخيرة".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "تل أبيب تواجه واقعا جديدا يتمثل في نظام سياسي منقسم في الولايات المتحدة، حيث تفكك الإجماع القديم عليها إلى تنافس أيديولوجي، وهذا الوضع ليس نظريًا، فبينما لا تزال المساعدات الأمنية الأساسية لها يتم إقرارها، فإن المناقشات الحادة في الكونغرس، بما في ذلك التصويت الحزبي على حزم المساعدات الأخيرة، تعكس انقسامًا غير مسبوق".

وأشار إلى أنه "بالنسبة لإسرائيل، فإن الرسالة واضحة وتتمثل بأن عليها التخلي عن الحنين إلى أيام التوافق الأمريكي الداخلي، وتبنّي نهج دبلوماسي جديد وديناميكي، وينبع هذا التفكك من عمليتين في الساحة الأمريكية، أولاهما أن الأوساط التقدمية تتشهد تحولاً قيمياً، حيث لم تعد إسرائيل تُعتبر دولة ليبرالية تتعرض للهجوم، بل طرفاً يتمتع بامتيازات في آليات القمع الغربية".

وأوضح يسرائيلي أن "تراجع دعم إسرائيل بين الليبراليين المعتدلين، أظهره استطلاع أمريكي كشف أن حوالي ثلثي الأمريكيين الليبراليين يعتقدون أن على واشنطن البقاء على الحياد، وعدم الانحياز لأي طرف في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

اظهار أخبار متعلقة



وأكد أن "التحول الأمريكي الثاني الذي يؤثر على تراجع الدعم لإسرائيل أنه لا يزال قوياً بين صفوف اليمين المحافظ، لكنه يزداد قبليةً وشخصية، وبالتالي فإن اعتمادها المفرط على التعاطف الحزبي الضيق يُعدّ مخاطرة، لأنه يربط العلاقات مع الولايات المتحدة بفصيل سياسي واحد، وإذا تحولت الاتجاهات الشعبوية إلى الانعزالية في المستقبل، فقد يتزعزع أساس الدعم الذي تمتع به إسرائيل لعقود، صحيح أن الدعم الحزبي قد يكون مفيداً على المدى القصير، لكنه لا يغني عن الاستقرار الذي وفره التوافق الحزبي في الماضي".

وأكد يسرائيلي أن "إسرائيل لن تتمكن من القضاء على الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، لكن عليها تكييف سياساتها مع الواقع الجديد، من خلال تقليل اعتمادها على التحالفات قصيرة الأمد مع العناصر الشعبوية، وإعادة بناء قنوات مؤسسية مع عناصر براغماتية في قلب السياسة الأمريكية، لأنه لم يعد بإمكانها التمسك بسردية أمنية-عسكرية تُنفّر الجمهور الليبرالي الجديد، بل عليها إبراز القيم الليبرالية المشتركة التعددية والحقوق المدنية والابتكار، وتصوير نفسها كدولة متنوعة توازن بين الأمن والحريات".

وأوضح الكاتب أن "إسرائيل مطالبة بتجنّب الظهور كطرف في النزاع الداخلي في الولايات المتحدة، لأن التماهي العلني مع معسكر سياسي بعينه هو خطوة قصيرة النظر تُهدد شرعيتها، وإذا أصبحت المساعدات والدعم لها قضايا حزبية، فإنها ستعتمد بشكل أقل على المصالح المشتركة، وأكثر على الولاء الحزبي، ويجب عليها الحفاظ على حوار مع جميع أطياف الطيف السياسي، خاصة الليبراليين المعتدلين، للحفاظ على مكانتها كشريك استراتيجي للولايات المتحدة".

تقطع هذه السطور الشك باليقين حول انهيار الإجماع الأمريكي الحزبي بشأن دعم إسرائيل، وعدم استعادته في أي وقت قريب، وهو التحدي الذي تواجهه حالياً، بسبب سياساتها العدوانية التي باتت تمثل حجر الزاوية في النقاش الأمريكي الحالي.
التعليقات (0)